الميليشيا الحوثية تواصل تجنيد الأطفال واستغلالهم جنسيا
تواصل الميليشيا الحوثية الموالية لإيران تجنيد الأطفال واستخدامهم في الحرب التي اشعلتها الجماعة، على الرغم من توقيعها خطّة عمل مع الأمم المتحدة لحماية الأطفال ومنع الانتهاكات الجسيمة بحقّهم.
ووثّقت منظّمات يمنية ودولية تجنيد مئات الأطفال (سقط منهم قتلى وجرحى بالفعل) في مختلف محافظات اليمن في جبهات القتال وخطوط التماس والمعسكرات والنقاط والأطقم العسكرية والأمنية وحراسة المواقع والمنشآت.
وسجّلت المنظّمات بالتزامن مع اليوم العالمي لمكافحة استغلال الطلاب كجنود، تجنيد واستخدام ما لا يقل عن 83 طفلاً من بينهم على الأقل 3 فتيات خلال العام 2022، في ظل الهدوء النسبي الذي تشهده جبهات القتال في اليمن حتى مع انتهاء الهدنة الأممية مطلع أكتوبر الماضي.
ولاحظت المنظّمات في تقارير أصدرتها أخيراً أنه في العام الماضي ركّزت الميليشيات الحوثية الانقلابية على تجنيد الأطفال والتحشيد في المدارس والمساجد والمراكز الصيفية في مناطق سيطرتها، والدعوة إلى القتال في الجبهات بدوافع طائفية ومذهبية.
وتركّز تجنيد الأطفال الذين لم يبلغوا السن القانونية في أمانة العاصمة ومحافظات صنعاء وعمران وصعدة وذمار وحجّة والمحويت وريمة والجوف والحديدة وتعز وإب ومأرب والبيضاء.
وتعدّ الأوضاع الاقتصادية المتردية في سياق الصراع سبباً رئيسياً لتجنيد الأطفال، إذ يدفع الفقر بعض الأسر اليمنية لتجنيد أطفالها طلباً لمصدر دخل يوفّر الحد الأدنى من احتياجات البقاء الضرورية، أو يحسّن مصدر الدخل المحدود بالنسبة إليها.
تجاهل الاتفاقيات الدولة
ويؤكد استمرار تجنيد الأطفال منذ بدء الحرب قبل أكثر من 8 سنوات تجاهل الميليشيا اتفاقية حقوق الطفل (1989)، والبروتوكولان الإضافيان الأوّل والثاني لاتفاقيات جنيف (1949) في العام 1977، والبروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل (2000) والنظام الأساسي لمحكمة روما الجنائية (1998) والقانون اليمني رقم 45 بشأن حقوق الطفل (2002) الذي يحظر بصورة صريحة تجنيد الأطفال دون سن الـ 18 أو إشراكهم في الحرب إشراكاً مباشراً.
وكشف فريق الخبراء المعني باليمن في تقريره النهائي المقدّم إلى مجلس الأمن أنه تلقّى قائمة بأسماء 1406 أطفال جنّدهم الحوثيون ولقوا حتفهم في ساحات المعارك عام 2020، وتلقّى أيضاً قائمة تضم 562 طفلاً جنّدهم الحوثيون ولقوا نفس المصير في الفترة بين يناير ومايو 2021.
وتتراوح أعمار هؤلاء الأطفال الذين علّقت صور بعضهم في شوارع صنعاء ومحافظات أخرى بين 10 سنوات و17 سنة. وقتل عدد كبير منهم في محافظات عمران وذمار وحجّة والحديدة وإب وصعدة وصنعاء.
وفي بعض الحالات يذهب الأطفال للالتحاق بالتجنيد من تلقاء أنفسهم تحت الشعور بوطأة الفقر والحاجة الجماعية للأسرة، أو للحصول على ما يلبّي احتياجاتهم الشخصية التي تعجز الأسرة عن تلبيتها.
أسباب عقائدية وتجنيد إجباري
هناك أسباب عقائدية وسياسية وراء التجنيد لدى الميليشيا الحوثية، وهي تتوزّع بين إظهار الولاء العقائدي (الطائفي والمذهبي) للجهة المجنّدة والانتماء الحزبي إليها والانخراط في التجنيد بدافع إظهار التأييد لقضية سياسية.
وتأتي المحدّدات النفسية كأضعف الأسباب المؤثّرة في تجنيد الأطفال، متمثّلة بالميول النفسية لحمل السلاح أو تقليد الكبار المنخرطين في القتال في بعض البيئات الاجتماعية.
ويتنوّع التجنيد ما بين إجباري (ويشمل التجنيد بدون موافقة الأسرة والتجنيد تحت التهديد المباشر للأسرة أو اختطاف الطفل وتجنيده بدون علم الأسرة) وطوعي (أي بموافقة الطفل والأسرة) ما يشير إلى ضعف مقاومة الأسر للتجنيد بفعل استمرار الظروف الاقتصادية السيئة والضغوط الاجتماعية والتعبئة الأيديولوجية.
وتشمل الخطة الأممية التي وقّعت عليها الميليشيات حظر تجنيد واستخدام الأطفال في النزاعات المسلّحة، بما في ذلك في أدوار الدعم.
كما تمنح خطة العمل ستة أشهر لتحديد جميع الأطفال دون سن 18 الموجودين في صفوف القوات العسكرية والأمنية، وتطالب السلطات بتسهيل إطلاق سراحهم وإعادة دمجهم في مجتمعاتهم.
وتتضمّن الخطة أحكاماً لمنع قتل الأطفال وإصابتهم وحماية المرافق الصحية والتعليمية وموظّفيها، غير أن المليشيا الحوثية لم تلتزم بها، ولا تزال تعمل على حشد الأطفال وغرس في عقولهم الأفكار الإرهابية والدفع بهم إلى جبهات القتال.