سوق النفط السوداء.. وسيلة أخرى لتعاظم ثراء الحوثي وتمويل جبهاته لاستمرار الحرب
لجأت المليشيا الحوثية إلى تعظيم مكاسبها من سوق الوقود وانشأت السوق السوداء بعد تهميش الجماعة دور شركة النفط، واحتكار السوق لصالحها فقط، وتهميش التجار الحقيقيين، وإغلاق وجه مناطق سيطرتهم في وجه المنافسين من خلال احزمة جمركية، ومنع الاستيراد من أي منفذ بخلاف ميناء الحديدة، مما أدى إلى افتعال أزمات وقود متكررة، وتكبيد التجار خسائر “دمرداج” تكاليف انتظار سفنهم في البحار.
وتفتقد الآلية التي وضعتها المليشيا الحوثية والتي يتم تطبيقها إلى أي رؤية اقتصادية، بالإضافة إلى كونها تسببت في زيادة وتعزيز ظاهرة الاحتكار وتضخم السوق السوداء، كما أنها لم تراعِ الأوضاع المعيشية الصعبة للمواطنين وتبعات هذه الزيادة على بقية السلع الاستهلاكية.
وتتعمد جماعة الحوثي افتعال الأزمات المتكررة والخانقة في سوق المشتقات النفطية، إذ منعت تفريغ عدد من سفن المشتقات النفطية في ميناء الحديدة، إضافة إلى احتجاز عدد من السفن أشهراً عدة، وكذا احتجزت شاحنات ومقطورات تحمل مشتقات نفطية كانت في طريقها من الحديدة إلى صنعاء، في وقت كانت تشهد العاصمة صنعاء أزمة خانقة في المشتقات النفطية، ما ضاعف منها وتسبب في إنعاش السوق السوداء، التي تُتهم الجماعة بأنها تعمل على تعزيزها، لأنها تدر على خزائنها أموالاً كثيرة.
وبحسب تقرير مبادرة “Regain Yemen” تتعمد جماعة الحوثي احتجاز شاحنات النفط على مداخل صنعاء، بهدف مفاقمة أزمة المشتقات النفطية وارتفاع أسعارها في السوق السوداء، في وقت سابق احتكرت الجماعة وعبر أجهزة رديفة للمؤسسات الحكومية قرار تجارة الوقود، وهمشت دور وزارة النفط وشركة توزيع المنتجات النفطية.ا
وقد أظهرت مؤشرات تدفق الوقود إلى اليمن خلال النصف الأول من شهر إبريل 2021، افتعال ميليشيا الحوثي أزمة المشتقات النفطية في مناطق سيطرتها لإنعاش السوق السوداء التي تديرها، ونهب المواطنين لتمويل ما تسميه “المجهود الحربي”.
وبحسب المؤشرات فإن كمية الوقود المتدفق إلى اليمن في النصف الأول من شهر أبريل من العام 2021م بلغت 276.503 طن متري، وهي تلبي متوسط الاحتياج المدني والإنساني في جميع مناطق اليمن لمدة 20 يوما، وأن 70% منها تم نقلها برا لمناطق سيطرة مليشيا الحوثي بمتوسط يومي 12.000 طن متري وجهتها المليشيا للسوق السوداء لبيعها بأسعار مضاعفة.
وكشفت تقارير Regain Yemen بناء على مصادر اقتصادية مطلعة عن قرابة 30 شركة حوثية حديثة النشأة يشكلون “مافيا وقود حوثية”، تمتلك صلاحيات حصرية في الاستيراد عبر مينائي الحديدة والصليف، وتشكل رأس حربة السوق السوداء، كما قام نافذون في مليشيا الحوثي بتأسيس شركات من الباطن، لاستيراد وبيع وتوزيع المشتقات النفطية في مناطق الحوثي، ومن أشهرها ” ستار بلس يمن” ويملكها “صدام الفقية”، و”شركة أبكر”، ويملكها عبدالله أبكر عبدالباري، و”آزال بتروليك” ويملكها محمد غوبر، و”جيما يمن” ويملكها أحمد ماطرة.
وبحسب التقارير الموثقة اتضح أن تبعية الشركات النفطية الجديدة التي تحتكر الوقود وتقوم بالمضاربة بها، تنقسم ملكيتها بين قيادات الصف الاول لجماعة الحوثي وهم عبدالملك الحوثي، محمد علي الحوثي، عبدالكريم الحوثي، محمد عبدالسلام، ابو علي الحاكم، احمد حامد، عبدالخالق الحوثي.
وضم التقرير قائمة سوداء تحتوي على أسماء الجهات والقيادات الحوثية والشركات التجارية والمصارف المتورطة في تزويد الحوثيين بتجارة النفط وغسل الأموال، إضافة إلى أن التقرير احتوى على مجموعة من المعلومات والتفاصيل الخاصة بالسوق السوداء وكيفية إدارتها من قبل الحوثيين.
وأوصت المنظمة اليمنية المعنية باستعادة الأموال اليمنية المنهوبة في ختام تقريرها، بعدم منح أي شحنات وقود مستوردة عبر الشركات المذكورة في التقرير تراخيص دخول إلى موانئ الجمهورية اليمنية، واعتماد الشروط الحكومية لتأهيل الشركات الراغبة في استيراد الوقود إلى مناطق الحوثي، وكذلك اعتماد موانئ مناطق الحكومة الشرعية لاستيراد المشتقات النفطية إلى اليمن.
وشددت التوصيات على أهمية تقديم المنظمات الدولية للبيانات والمعلومات الخاصة بالمساعدات الإنسانية لليمن، خاصة لمناطق سيطرة الحوثي، لكي لا يتم استخدامها عسكرياً، وتمويل الحرب لميليشيات الحوثي. كما ناشدت المجتمع الدولي والمحلي إصدار قائمة سوداء لكل من ثبت تورطه في تمويل الميليشيات بالنفط، وفرض عقوبات عليه، وعلى من يقدم أي تسهيلات بذلك.