اليمنيون يحتفلون بيوم الأغنية ويرفضون محاربة الحوثي للفن
خصص العديد من المثقفين والفنانين والناشطين اليمنيين، الأول من يوليو، للاحتفاء بالأغنية اليمنية، والذي حظي بتفاعل غير مسبوق، في تحد واضح للحرب التي تشنها ميليشيا الحوثي ضد الفن والفنانين.
وقوبلت الاحتفالية بتفاعل واسع، على مواقع التواصل الاجتماعي حيث غرد ونشر المئات من اليمنيين مقاطع غنائية وقصائد مغناة، وصور لفنانين كانت لهم بصمات واضحة في تعزيز وتطوير الأغنية اليمنية، و زينوا صورهم الشخصية بشعار يوم الأغنية اليمنية، محتفلين به كل على طريقته الخاصة.
كما شارك عدد من فناني اليمن بمقطوعات موسيقية بهذه المناسبة، وباركوا خطوة تخصيص يوم للأغنية اليمنية كمبادرة للمرة الأولى للحفاظ على هذا الفن العريق.
ولم يقتصر التفاعل على منصات التواصل الاجتماعي فقط، بل شهدت العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين، احتفاء بالمناسبة، وأعلن مكتب الثقافة في محافظة تعز، عن مهرجان وسهرة (مقامات) بذات المناسبة.
والتقطت الحكومة اليمنية الشرعية، هذه المبادرة وأصدرت قراراً يقضي بدعم تخصيص هذا اليوم للاحتفاء بالأغنية اليمنية كنوع من تعزيز الهوية وحماية التراث والفن اليمنيين، في مواجهة الحملة الشرسة التي أطلقتها ميليشيات الحوثي لمنع الغناء في الأفراح بمناطق سيطرتها.
ويرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني، معمر الإرياني، أن “تخصيص يوم للاحتفاء بالأغنية اليمنية جاء تفاعلا مع المبادرة التي أطلقها عدد من الفنانين والمثقفين والنشطاء.. وتعزيزا للهوية وحماية التراث والفن اليمني في مواجهة الحملة الشرسة التي تشنها حركة الحوثي المدعومة من إيران ضد الفن والفنانين”.
وفي تعليقه على الاحتفاء بيوم الأغنية اليمنية، يؤكد الفنان عبدالرحمن جابر، أن” من مميزات الحوثي أنه جعل المجتمع ينظر لنفسه في المرآة من جديد فكريا وثقافيا ودينيا”، واضاف” الصدمة التي اثارتها الحركة الحوثية على بشاعتها ستثمر عن مستقبل مختلف وجيل مُتمرد ومتحدي وغير مُنقاد للخزعبلات”.
وأصدرت ميليشيا الحوثي، مؤخراً، تعميماً يقضي بمنع الفنانين والفنانات من حضور المناسبات والأعراس التي تقام في صنعاء ومناطق سيطرة الميليشيات، في ممارسات قمعية وحرب ممنهجة تذكّر بممارسات تنظيمات داعش وحركة طالبان في أفغانستان.
كما تمنع ميليشيا الحوثي الأجواء الاحتفالية والموسيقى والغناء في الأماكن العامة والتعليم المختلط بمناطق سيطرتها حيث شهدت عدة مدن يمنية حالات اعتداء من مسلحي الحوثي على مدنيين في أعراس وحفلات تخرج.
وبحسب لؤي النزاري، أحد مؤسسي حملة يوم الأغنية اليمنية: “كان من المقرر إطلاق يوم الأغنية قبل أسبوع من هذا التاريخ، لكن الحملة كانت تحتاج لتنظيم أكثر كي يصاحبها فعاليات عديدة لتوضيح أنماط الموروث الشعبي من ملحنين وشعراء، والتعريف بالأغنية اليمنية”.
وبارك الموسيقار اليمني المعروف الفنان أحمد فتحي، لليمن وشبابها الموهوبين هذه الخطوة الجميلة لرد الاعتبار للأغنية اليمنية الأصيلة التي أهملت بما فيه الكفايه، وقال إن “الأغنية اليمنية التي ألهمت المبدعين اليمنيين والعرب على حد سواء والتي نهل منها الجميع وبنوا أمجادهم بفضلها وبفضل مبدعيها الذين سيخلدهم التاريخ”.
بدوره يقول مدير البيت اليمني للموسيقى الفنان فؤاد الشرجبي، إن مناسبة يوم الأغنية اليمنية تهدف الى شد انتباه العالم إلى الأغنية اليمنية كتعبير إنساني أصيل توارثته أجيال من ألاف السنين وغابت أو غيبت إجباريا عربيا وعالميا بسبب رؤية قاصرة من كل حكومات اليمن المتعاقبة والجماعات الدينية”.
وعبر الشرجبي، عن أمله في ان يواصل المجتمع والرأي العام وجميع المثقفين والمهتمين وعامة الشعب اليمني الاحتفاء بالأغنية اليمنية وأن يكونوا بنفس القدر من دعم عيدنا الموسيقي و يستمروا مع الجمال مع السلام مع الحفاظ على هويتنا اليمنية الأصيلة، بحسب ما نقلته عنه شبكة الصحافة اليمنية.
وأشار الفنان الشرجبي إلى أن “نجاح الحملة فاق كل تصوراتنا ولم يكن متوقع الإلتفاف والدعم والمشاركة الجماهيرية من كافة الأطراف وهذا دليل على أصالة الغناء في روح وفكر وثقافة الإنسان اليمني”.
أصالة الفن اليمني
عُرف عن الغناء اليمني عراقته الممتدة في جذور التاريخ، إذ تعود أقدم الأغاني اليمنية في قائمة اليونيسكو إلى القرن الرابع عشر الميلادي.
وتشير المصادر التاريخية إلى أن اليمن عرفت الغناء، ووُجدت بها الآلات الموسيقية المختلفة في الحضارات السبئية والمعينية والحميرية قبل الميلاد، وشوهدت نقوش كثيرة للآلات المستخدمة تعود إلى تلك الحقب، وبذلك فإن الغناء اليمني يعتبر من أقدم الفنون الغنائية.
ويتميز الغناء اليمني بموروث فني متنوع، أبرزهها الأغنية الصنعانية، والعدنية، والدان الحضرمي، والأغنية التهامية، واللحجية، والتعزية، والأغنية اليافعية. ولكل لون غنائي شعراؤه وفنانوه ورقصاته الخاصة، والتي تعكس بيئة كل منطقة في اليمن.