أوروبا أمام لحظة الحسم.. تقرير غربي يدعو لتصنيف الحوثيين منظمة إرهابية

دعت مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي إحدى أبرز مراكز الأبحاث المؤثرة في دوائر صنع القرار الغربي، الاتحاد الأوروبي إلى اتخاذ خطوة حاسمة طال انتظارها، عبر تصنيف مليشيا الحوثي المدعومة من إيران منظمةً إرهابية، محذّرة من أن استمرار التردد الأوروبي بات يكلّف القارة أمنها ومصالحها ومصداقيتها الدولية.
وقالت المؤسسة، في تقرير تحليلي حديث، إن الهجمات الحوثية على الملاحة الدولية في البحر الأحمر وخليج عدن تجاوزت كل الخطوط الحمراء، وأسفرت عن مقتل بحارة مدنيين، وضرب سفن أوروبية، في سلوك يرقى بوضوح إلى تعريف الإرهاب وفق القانون الأوروبي نفسه، الذي يجرّم استخدام العنف لإكراه الحكومات والمنظمات الدولية على تغيير سياساتها.
وأشار التقرير إلى أن جماعة الحوثي، المصنفة إرهابية بالفعل من قبل الولايات المتحدة وعدد من حلفائها، ما زالت خارج أي تصنيف أوروبي واضح، رغم أن بروكسل سبق أن فرضت عقوبات على فصائل أخرى ضمن الشبكة الإيرانية المسلحة العابرة للحدود. واعتبر أن هذا التناقض لم يعد مجرد خلل قانوني، بل بات ثغرة استراتيجية يستغلها الحوثيون لتوسيع أنشطتهم وتهديد طرق التجارة العالمية.
وأكدت المؤسسة أن توقف الهجمات الحوثية مؤقتًا لا يعني زوال الخطر، إذ تحتفظ الجماعة بقدرات عسكرية ونوايا معلنة لاستئناف عملياتها متى ما رأت ذلك مناسبًا، في وقت لا تزال فيه شركات الشحن والتأمين تعتبر البحر الأحمر منطقة عالية المخاطر، ما أدى إلى اضطراب سلاسل الإمداد ورفع كلفة التجارة الدولية.
ورفض التقرير الحجج الأوروبية التي تحذر من أن تصنيف الحوثيين قد يضر بالعمل الإنساني في اليمن، معتبرًا أن الوقائع على الأرض تثبت العكس، حيث قامت الجماعة باعتقال وتهديد موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية وعرقلة وصول المساعدات، بل وتحويلها إلى أداة ابتزاز وتمويل للحرب، ما أدى فعليًا إلى شلل إنساني في مناطق سيطرتها.
وشددت المؤسسة على أن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية سيمنح الاتحاد الأوروبي أدوات قانونية ومالية أكثر فاعلية، لقطع مصادر تمويل الجماعة، وتعطيل شبكاتها الدعائية والتجارية داخل أوروبا، ومواءمة الموقف الأوروبي مع شركائه الدوليين، في مواجهة جماعة لم تعد مجرد طرف محلي، بل تهديدًا عابرًا للحدود.
خسارة الغطاء الأوروبي
ويرى محللون سياسيون، أن تقرير مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات يعكس تحوّلًا نوعيًا في المزاج الغربي تجاه جماعة الحوثي، بعد سنوات من التعامل معها كأمر واقع أو كملف إنساني معقّد.
ويؤكد المحللون، أن الرسالة الأساسية للتقرير هي أن الحوثيين خسروا الغطاء السياسي الذي كانوا يستفيدون منه في أوروبا، وأن سلوكهم الأخير وضعهم في خانة التنظيمات المارقة التي تهدد الأمن الدولي.
ويشير خبراء إلى أن تصنيف الحوثيين لم يعد مسألة أخلاقية أو تضامنية مع اليمنيين فقط، بل أصبح ضرورة أوروبية خالصة، في ظل تضرر التجارة والملاحة وارتفاع كلفة التأمين وتعطل أحد أهم الشرايين البحرية في العالم.
ويعتقدون أن بروكسل باتت تدرك أن سياسة الاحتواء فشلت، وأن تجاهل الحوثيين شجّعهم على التمادي لا العكس.
ويذهب محللون إلى أن أخطر ما في التقرير هو تحميله الحوثيين مسؤولية تقويض العمل الإنساني نفسه، ما يسحب واحدة من أقوى الذرائع التي استخدمتها الجماعة وحلفاؤها لمنع تصنيفها، فحين يصبح الحوثي عائقًا أمام المساعدات، لا ضحية للعقوبات، فإن معادلة التعامل معه تتغير جذريًا.
ويؤكد خبراء في الشأن الإقليمي أن أي خطوة أوروبية لتصنيف الحوثيين ستؤدي إلى خنق شبكاتهم المالية والإعلامية، خاصة في أوروبا، وستفتح الباب أمام ملاحقة داعميهم وشركات الواجهة التي يستخدمونها، وهو ما سيضاعف الضغوط الداخلية على الجماعة، ويعمّق عزلتها السياسية.
ويخلص المحللون إلى أن التقرير لا يمثل مجرد رأي بحثي، بل يمهّد لقرار سياسي قادم، ويعكس قناعة متنامية بأن الحوثيين لم يعودوا فاعلًا محليًا يمكن استيعابه، بل تهديدًا يجب احتواؤه بالقانون والعقوبات والعزلة الدولية.





