اعتراف يهز صنعاء.. قيادي حوثي يقر بإخفاء نساء في سجون مجهولة

في سابقة خطيرة تكشف عمق الانتهاكات داخل مناطق سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية، فجّر عضو المجلس السياسي التابع للجماعة سلطان السامعي اعترافاً صادماً، أقر فيه بوجود نساء محتجزات في صنعاء دون معرفة الجهة التي قامت باختطافهن أو مكان احتجازهن، في مشهد يعكس انهياراً كاملاً لأي شكل من أشكال القانون أو المسؤولية.

السامعي، وفي منشور علني، لم يتحدث عن شائعات أو اتهامات من خصوم الجماعة، بل نقل ما وصفه بمتابعة قضايا محتجزات لم تتمكن حتى قيادات في سلطات الأمر الواقع من معرفة أي جهاز أمني يقف خلف احتجازهن، في إقرار صريح بأن صنعاء تحولت إلى مساحة مفتوحة للاختطاف، تحكمها أجهزة متعددة تعمل في الظل، بلا رقابة ولا مساءلة.

هذا الاعتراف لا يفضح فقط الأجهزة الأمنية الحوثية، بل يكشف طبيعة النظام القائم على الفوضى المقصودة، حيث تتعدد السجون، وتتداخل الصلاحيات، ويُمحى أثر الضحية عمداً، في ممارسة أقرب إلى أساليب العصابات المنظمة منها إلى أي سلطة تدّعي الحكم.

وتتزامن هذه التصريحات مع حملة اختطافات واسعة طالت عشرات النساء، بينهن موظفات في منظمات أممية ودولية، جرى اقتيادهن بالقوة من منازلهن وأماكن عملهن، وسط اتهامات جاهزة بالتجسس، دون أوامر قضائية أو تحقيقات معلنة أو حق في الدفاع، في انتهاك فج لكل القوانين والأعراف.

مختصون في الشأن القانوني يؤكدون أن ما يجري في صنعاء يرقى إلى جريمة إخفاء قسري مكتملة الأركان، تبدأ بالاحتجاز غير القانوني، وتمر بإنكار الجهة المسؤولة، وتنتهي بحرمان الضحايا من أبسط حقوقهن، وعلى رأسها معرفة مكان الاحتجاز والتواصل مع الأسرة والمحامي. ويشير هؤلاء إلى أن اعتراف قيادي حوثي بعدم معرفة الجهة المحتجزة لا يعفي الجماعة من المسؤولية، بل يضاعفها، ويضع القيادة السياسية والأمنية للجماعة في دائرة الاتهام المباشر بارتكاب جرائم جسيمة لا تسقط بالتقادم.

حقوقيون بدورهم يرون أن الأخطر من الجريمة ذاتها هو محاولة تسويقها أخلاقياً، حين تُوصَف الانتهاكات بحق النساء بكلمة “العيب” بدلاً من تسميتها باسمها الحقيقي كجريمة، في استخفاف واضح بكرامة المرأة اليمنية، وتحويل معاناتها إلى ملف داخلي للمزايدة السياسية، لا قضية حقوق إنسان.

ويؤكد مراقبون أن استهداف النساء لم يعد حادثاً عارضاً، بل أصبح أداة ضغط ممنهجة تستخدمها المليشيا لإرهاب المجتمع، وكسر العائلات، وتوجيه رسائل تخويف لكل من يفكر بالخروج عن طاعة الجماعة، في سلوك يعكس طبيعة المشروع الحوثي القائم على القمع لا الحكم.

وفي مقارنة لافتة، أشار القيادي الحوثي نفسه إلى حادثة سابقة جرى فيها الإفراج عن امرأة محتجزة في مناطق الحكومة الشرعية بعد تنسيق رسمي، في إقرار ضمني بأن ما يحدث في صنعاء لا علاقة له بالقانون، وأن الفارق بين سلطة الدولة وسلطة المليشيا هو وجود جهة تُسأل وأخرى تختبئ خلف السلاح.

ما كُشف اليوم ليس فضيحة عابرة، بل دليل دامغ على أن كل مواطن ومواطنة في مناطق سيطرة الحوثي معرضون للاختفاء في أي لحظة، دون تهمة، ودون محكمة، ودون حتى معرفة الجهة التي اختطفتهم. وإذا كانت قيادات الجماعة تعترف بالعجز عن معرفة مصير النساء، فإن السؤال الذي يفرض نفسه بقوة: من يحمي اليمنيين من مليشيا لا تعرف حتى ما تفعله أجهزتها؟

زر الذهاب إلى الأعلى