مليشيا الحوثي تعسكر التعليم.. وتحول المدارس إلى ورش تدريب عسكري

كشفت مصادر خاصة، أن مليشيا الحوثي في صنعاء حوّلت معامل المدارس الحكومية في مناطق سيطرتها إلى ورش تدريب عسكرية مغلقة، يتلقى فيها الطلاب تدريبات مباشرة على استخدام الأسلحة الخفيفة والمتوسطة، إضافة إلى طرق تفكيكها وتركيبها، في خطوة تصعّد بشكل ملحوظ من سياسة “عسكرة التعليم” التي تنتهجها الجماعة منذ سنوات.
ووفقاً للمصادر، فإن التدريب يشرف عليه عناصر من ما يسمى الأمن الوقائي، وهو أحد أكثر الأذرع الحوثية تشدداً وإحكاماً للسيطرة على المجتمع.
وبحسب المعلومات، فقد عمّمت الجماعة هذا التوجه منذ بداية العام الدراسي الحالي، وأطلقت عليه اسم “دورات طوفان الأقصى”، في محاولة لإضفاء طابع أيديولوجي ومشروعية جهادية على عملية تجنيد الأطفال، وربطها بالشعارات التي تستخدمها الجماعة لتبرير تصعيدها العسكري داخلياً وخارجياً.
لماذا الآن؟
يرى محللون أن توقيت القرار ليس عشوائياً، بل يأتي في سياق تصاعد الضغوط التي تواجهها المليشيا على جبهات متعددة، سواء في الداخل اليمني أو في إطار التصعيد الإقليمي الذي وضعت نفسها في مركزه.
فالجماعة تحتاج إلى جيل جديد يتم تجهيزه بسرعة ليكون جاهزاً للزج به في الصراعات المقبلة، خصوصاً مع ارتفاع معدلات الهروب من الجبهات والتململ داخل قواعدها الاجتماعية.
كما يعكس القرار حالة القلق داخل قيادة الحوثيين من أي تراجع محتمل في قدرتهم على التجنيد الطوعي، ما يدفعهم إلى الانتقال لمرحلة التجنيد القسري المقنّع عبر المدارس، التي تعتبر المساحة الأكثر تأثيراً وسهولة للتحكم في عقول الطلاب من سن مبكرة.
إعادة هندسة المجتمع
التحقيقات الأولية تشير إلى أن ما يجري يتجاوز مجرد تدريب عسكري عابر، فهو جزء من مشروع أكبر يهدف إلى إعادة هندسة المجتمع اليمني بما يتوافق مع العقيدة القتالية للمليشيا.
فإدخال التدريب العسكري إلى المدارس يخلق جيلاً مبرمجاً على الطاعة والإيمان بالدور العسكري للجماعة، ما يمهّد لتحويل التعليم من منصة مدنية إلى ثكنة تعبئة، وفقًا لمتخصصين في الشأن اليمني.
ويؤكد خبراء تربويون أن هذا التحرك يهدد بنسف العملية التعليمية بالكامل وتحويلها إلى نظام تجنيد منهجي، إذ تُستخدم المدارس كأداة لإنتاج مقاتلين بدلاً من إنتاج كوادر مدنية.
كما أنه يفتح الباب لمضاعفة الانتهاكات بحق الأطفال، من بينها غسل الأدمغة، واستخدام الطفولة كوقود في معارك الجماعة.
رسالة للداخل والخارج
على المستوى السياسي، تسعى المليشيا إلى إرسال رسالة بأنها تملك القدرة على خلق “جيل قتالي” قادر على الاستمرار في الحرب لسنوات، وأن أي تسوية سياسية لن تكون ممكنة ما لم تُراعِ قوتها العسكرية وامتدادها المجتمعي.
كما تهدف هذه الخطوة إلى تعزيز نفوذ “الأمن الوقائي” داخل المؤسسات التعليمية، مكافأة لهذا الجهاز على دوره في تثبيت سلطة الجماعة.
أما على المستوى الإقليمي، فإن ربط دورات التجنيد المدرسي بشعار “طوفان الأقصى” يعكس محاولة حوثية للظهور كجزء من محور المقاومة، وتسويق تحركاتها على أنها امتداد للصراع في فلسطين، رغم أن الهدف الحقيقي يتمثل في توظيف القضية لتبرير عسكرة المجتمع اليمني وترسيخ حكمهم بالقوة.
ويقول محللون وخبراء سياسيون، أن ما يجري في مدارس صنعاء ليس إجراءً عابراً، بل يمثل أخطر محاولة لتغيير بنية المجتمع اليمني عبر تحويل التعليم إلى خط إنتاج مقاتلين.
والأخطر أن الخطوة تحمل أهدافاً عميقة، وهي تعزيز سلطة الأجهزة القمعية، تأمين مخزون بشري للجبهات، وتهيئة جيل كامل ليكون تابعاً عقائدياً وعسكرياً للمليشيا.
ويؤكد المختصون، أن تلك الأعمال تعد تجنيدًا منهجيًا تحت غطاء تعليمي… والنتيجة المتوقعة، هي خسارة جيل كامل لصالح مشروع عسكري طائفي طويل الأمد.





