المجتمع الدولي يمنع الحسم.. والحوثي يجني المكاسب في البحر الأحمر
أكدت بريطانيا مجددًا أهمية الدور الذي تضطلع به آلية الأمم المتحدة للتحقق والتفتيش في اليمن (UNVIM)، بوصفها إحدى أدوات الرقابة الأممية على تدفق السلع إلى موانئ البحر الأحمر وردع تهريب الأسلحة، في وقت تتصاعد فيه الأسئلة حول جدوى هذه الآليات أمام استمرار تدفق الأسلحة الإيرانية إلى مليشيا الحوثي وتوسع نفوذها العسكري في غرب اليمن.
وجاء هذا التأكيد عبر السفيرة البريطانية لدى اليمن عبدة شريف خلال زيارتها لمقر الآلية الأممية في جيبوتي، حيث وصفت عمل فريق الآلية بأنه “محوري” في إيصال المساعدات الإنسانية وكبح عمليات التهريب، مجددة دعم لندن لهذه الآلية ودورها في تعزيز الأمن الإقليمي.
غير أن هذه التصريحات أعادت، وفقًا لمراقبين وسياسيين، فتح ملف بالغ الحساسية، وهو استمرار عمليات تهريب السلاح الإيراني إلى الحوثيين رغم وجود آلية رقابية أممية وفريق مراقبة لوقف إطلاق النار في الحديدة وفق اتفاق ستوكهولم؟
فشل فريق المراقبة الأممي في أداء دوره
ويرى مراقبون أن فريق الأمم المتحدة المكلّف بمراقبة اتفاق ستوكهولم في الحديدة لم يمارس دوره الحقيقي في منع تهريب السلاح عبر موانئ المحافظة، رغم أنه الجهة الوحيدة المخولة دولياً بمراقبة الأنشطة العسكرية والتهريب داخل الموانئ.
ويؤكد المراقبون، أن الفريق تحول مع الوقت إلى “مراقب شكلي”، نتيجة القيود التي فرضتها المليشيا على تحركاته، وصمت المجتمع الدولي أمام خروقات الحوثيين المتكررة، ما جعل الموانئ تتحول إلى ممر آمن لتدفق السلاح الإيراني.
عدم دعم عملية عسكرية لتحرير الحديدة!
السياسيون الذين تحدثوا لـ«الصحيفة» يؤكدون أن المجتمع الدولي يتعامل مع ملف الحديدة باعتباره “خطًا أحمر”، بسبب اعتبارات تتعلق بالملاحة الدولية وسلامة خطوط التجارة، لا بمصلحة الدولة اليمنية.
ويشيرون إلى أن القوى الكبرى تخشى أن يؤدي تحرير الحديدة إلى مواجهة عسكرية واسعة قد تعطل الملاحة في البحر الأحمر، لكنها في الوقت ذاته تتجاهل أن بقاء المليشيا في الميناء هو ما يجعل الملاحة عرضة للخطر.
ويذهب آخرون إلى أن الضغوط الدولية كانت – وما تزال – تفضّل “إدارة الصراع” بدلاً من “حسمه”، وذلك للحفاظ على قنوات تواصل مع الحوثيين، واستخدام الملف اليمني كورقة ضغط في ملفات إقليمية أخرى، خصوصاً تلك المتعلقة بإيران.
ووفقًا لمحللين، فإن الموقف الدولي المتردد سمح للحوثيين بتحويل الحديدة إلى شريان مالي وعسكري، حيث يتم عبرها تهريب الصواريخ والطائرات المسيّرة وقطع الغيار والمواد المستخدمة في تصنيع الأسلحة.
ويضيف المحللون، أن استمرار سيطرة الحوثيين على الحديدة هو ما مكنهم من مهاجمة السفن التجارية وناقلات النفط، وفتح الباب أمام التهديد المباشر للممرات الدولية في البحر الأحمر.
يُذكر أن آلية UNVIM أُنشئت في 2015 بطلب من الحكومة اليمنية لتأكيد التزام الموانئ الخاضعة للحوثيين بقرار حظر توريد السلاح، غير أن مراقبين يستغربون اليوم كيف تحولت هذه الآلية – بضغط دولي – من أداة فرض لقرارات مجلس الأمن إلى آلية “تسهيل” تضمن تدفق السلع إلى موانئ يسيطر عليها الحوثي دون أي رقابة فعلية على الأنشطة العسكرية داخلها.
ويرى المراقبون أن استمرار تجاهل المجتمع الدولي لضرورة تحرير الحديدة عسكريًا يعطي الحوثيين وإيران مساحة أوسع لتهديد البحر الأحمر، ويُبقي الاتفاقات الأممية مجرد نصوص بلا تنفيذ.
ويؤكدون أن الحديدة ليست ملفًا إنسانيًا كما تحاول بعض الدول تصويره، بل ملفًا عسكريًا وسياديًا مرتبطًا بأمن المنطقة بالكامل، وأن أي حلول لا تشمل إنهاء سيطرة المليشيا على الموانئ ستُبقي باب الحرب والتهريب مفتوحًا على مصراعيه.





