الحوثيون يختلقون «شبكة تجسس» لتصفية خصومهم.. وبيانهم الرسمي إدانة ضدهم (تفاصيل)

كتب: محمود الطاهر

في خطوة جديدة تكشف حالة الارتباك داخل مليشيا الحوثي الإرهابية، أصدرت وزارة الداخلية التابعة للجماعة بيانًا متلفزًا زعمت فيه إحباط “شبكة تجسس” تعمل لحساب المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والسعودية، في وقت يؤكد فيه خبراء أن البيان ليس إلا مسرحية داخلية أعدها جناح علي حسين الحوثي لتلميع نفسه أمام طهران وتصفية خصومه داخل الأجهزة الأمنية.

البيان الحوثي الأخير جاء مطابقًا تمامًا لما كانت قد كشفته وسائل إعلام محلية في 24 أكتوبر الماضي، حين أفادت بأن المدعو علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة ورئيس ما يسمى “قطاع استخبارات الشرطة”، يستعد للإعلان عن أربع خلايا تجسس وهمية يُزعم ارتباطها بالسعودية وبريطانيا وإسرائيل والمقاومة الوطنية في الساحل الغربي.

وبالفعل، بعد أسابيع من تلك التسريبات، ظهر بيان الداخلية الحوثية ليتحدث بالنص ذاته عن “شبكة تجسسية” تضم أطرافًا أمريكية وإسرائيلية وسعودية، وهو ما يؤكد أن العملية معدة مسبقًا ضمن صراع داخلي بين الأجنحة المتنافسة داخل المليشيا، وليس إنجازًا أمنيًا كما تزعم.

تصعيد داخلي لإقصاء المنافسين
مراقبون اعتبروا أن هذا الإعلان يندرج في إطار مساعي علي حسين الحوثي لإزاحة رئيس جهاز الأمن والمخابرات عبدالحكيم الحوثي (أبو الكرار)، بعد أن سحب منه عدداً من الصلاحيات والمقار الفنية التابعة للجهاز، وعيّن بدلاً عنها عناصر موالية له شخصيًا.

ويقول أحد المحللين السياسيين إن “علي حسين الحوثي يستخدم أسلوب اختلاق الأعداء لترويج نفسه كرجل الأمن الأقوى، في الوقت الذي يتفكك فيه الجهاز الأمني الحوثي بفعل الانقسامات والشكوك المتبادلة”.

البيان الحوثي لم يكتفِ بتلفيق اتهامات عامة، بل تزامن مع تصعيد خطير ضد العاملين في المجال الإنساني.

فقد كشفت تقارير سابقة، أن الجماعة حوّلت إجراءات أممية بروتوكولية إلى أدلة مزعومة على التجسس، حيث تتهم موظفين أمميين بالتجسس لأنهم شاركوا إحداثيات جغرافية أو حصلوا على تصاريح مرور إسرائيلية أثناء تنفيذ مهامهم في غزة، وهي إجراءات إلزامية وموثقة ضمن بروتوكولات الأمم المتحدة لحماية فرقها على الأرض.

ويؤكد خبراء القانون الدولي أن ما تقوم به مليشيا الحوثي جريمة حرب وانتهاك صارخ لاتفاقيات جنيف، ويهدف إلى ترهيب المنظمات الدولية ودفعها إلى مغادرة اليمن، مما يهدد حياة أكثر من 21 مليون يمني يعتمدون على المساعدات الإنسانية.

بيان مفضوح وتحركات مكشوفة
تحليل نص البيان الحوثي يُظهر تطابقًا تامًا مع التسريبات السابقة، سواء في اللغة الدعائية أو في توزيع الاتهامات الجاهزة على الدول الثلاث ذاتها (السعودية – أمريكا – إسرائيل)، ما يكشف أن الهدف ليس مواجهة خطر خارجي، بل صناعة بطولة داخلية وتقديم علي حسين الحوثي لطهران باعتباره “الذراع الأمنية الأكثر ولاءً وكفاءة”.

وبحسب مراقبين، فإن الجماعة باتت تستخدم هذه “العمليات الأمنية الوهمية” كأداة سياسية لتكميم الأفواه، وإرهاب المدنيين والموظفين، وخلق أجواء من الخوف الدائم في صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها.

يرى محللون أن البيان الحوثي يخدم هدفين رئيسيين، وهما، الأول تصدير رواية بطولية إلى طهران لتلميع نجل مؤسس الجماعة وإقناع الإيرانيين بقدرته على حماية مصالحهم في اليمن، والثاني، إرهاب الداخل اليمني عبر التلويح بعمليات التجسس والخيانة، ما يسمح للجماعة بتبرير أي اعتقالات أو إعدامات قادمة.

ويؤكد مراقب سياسي أن “البيان الحوثي ليس كشفًا أمنيًا بل اعتراف موثق بجريمة سياسية، إذ يشرعن الاختطاف والتعذيب والمحاكمات الصورية، ويحوّل القضاء إلى أداة تصفية داخلية لخدمة مشروع إيران في اليمن”.

دعوات دولية للتحرك
حقوقيون ومنظمات إنسانية دعوا الأمم المتحدة إلى التحرك الفوري لحماية موظفيها والعاملين في المجال الإنساني، محذرين من أن استمرار الصمت سيمنح الحوثيين الضوء الأخضر لتنفيذ أحكام إعدام ضد أبرياء تحت ذريعة “التجسس”، تمامًا كما فعلت بأبناء محافظة الحديدة من خلال تلفيق اتهامات بالمشاركة في مقتل صالح الصماد.

ويشير خبراء إلى أن هذا النهج يؤكد أن الجماعة فقدت بوصلتها السياسية والأخلاقية، وأن بياناتها الأمنية لم تعد سوى ستار تخفي خلفه مشروعها الطائفي الممول من طهران، القائم على القمع والتلفيق والتجويع.

ويعتبر محللون سياسيون، أن ما أعلنته وزارة داخلية الحوثيين اليوم لا يعد إنجازًا أمنيًا، بل دليل إدانة جديد ضد المليشيا، يفضح كيف تحولت أجهزة الأمن في صنعاء إلى أدوات لتصفية الحسابات، وكيف أصبحت تهمة “التجسس” غطاءً لتبرير جرائم الإخفاء القسري والإعدامات السياسية.

وبينما تحاول الجماعة تلميع صورة نجل مؤسسها عبر مسرحية “الخلايا الجاسوسية”، فإن الحقيقة الواضحة هي أن من يتجسس اليوم على اليمن لصالح الخارج هو الحوثي نفسه، الذي يخدم مشروع الحرس الثوري الإيراني ضد وطنه وشعبه.

زر الذهاب إلى الأعلى