شركة تابعة لقيادي حوثي تبلّغ بنفاد مخزون القمح.. أين اختفت مساعدات الغذاء العالمي؟

كشفت وثيقة رسمية صادرة عن شركة المحسن إخوان للتجارة والمقاولات العامة، المملوكة للقيادي الحوثي علي الهادي – المدرج على قوائم العقوبات الأمريكية بتهمة تمويل الإرهاب – عن نفاد مخزون القمح لدى الشركة التي تتولى تنفيذ عقود توريد لصالح برنامج الغذاء العالمي في اليمن، الأمر الذي يثير تساؤلات واسعة حول مصير كميات القمح والمساعدات الدولية التي كان من المفترض أن تصل إلى ملايين اليمنيين المحتاجين.
الوثيقة، الموجهة بتاريخ 22 أكتوبر 2025 إلى وزير الاقتصاد والصناعة والاستثمار في حكومة الحوثيين بصنعاء، تؤكد أن مخزون القمح في مستودعات الشركة نفد بالكامل منذ يوم أمس، مطالبةً بسرعة التدخل لتوفير الكميات اللازمة، ما يعكس انهيار منظومة الإمداد الغذائي التي يديرها الحوثيون عبر شركات واجهة تابعة لقياداتهم.
وبحسب مصادر اقتصادية مطلعة، فإن شركة “المحسن إخوان” تستحوذ على العقود الرئيسية لتوريد القمح والدقيق لبرنامج الغذاء العالمي (WFP) في مناطق سيطرة الحوثيين، وتتحكم عمليًا في حركة التوزيع والأسعار والمخزون، في صفقة مشبوهة تسمح للمليشيا بالتحكم في المساعدات الدولية وتحويلها إلى أداة سياسية واقتصادية لخدمة أجندتها.
محللون اقتصاديون، أكدوا أن إعلان الشركة عن نفاد مخزونها في هذا التوقيت ليس سوى غطاء لعمليات نهب ممنهجة طالت شحنات المساعدات، مشيرين إلى أن الحوثيين يستخدمون غطاء برنامج الغذاء العالمي لتبرير عجز مصطنع وتبرئة أنفسهم من مسؤولية الكارثة الإنسانية التي تسببوا بها.
وأضافوا أن من غير المنطقي أن تعلن شركة واحدة – تابعة لقيادي حوثي – عن نفاد مخزون القمح، بينما سبق للجماعة أن أعلنت عن اكتفاء ذاتي من محصول القمح المحلي في محافظة الجوف خلال الموسم الشتوي الماضي، ما يكشف زيف الادعاءات الحوثية حول نجاحها في تحقيق الأمن الغذائي، ويؤكد أن تلك التصريحات كانت دعاية سياسية لخداع الرأي العام المحلي والدولي.
مصادر ميدانية في الجوف، ذكرت أن الحوثيين استولوا خلال الأشهر الماضية على كميات كبيرة من القمح المحلي من المزارعين تحت ذريعة “الزكاة العينية” و”دعم الجبهات”، في حين لم تصل تلك الكميات إلى الأسواق أو مخازن برنامج الغذاء العالمي، ما يشير إلى شبكة تهريب وبيع منظمة تشرف عليها قيادات حوثية عليا.
ويرى مراقبون، أن ما يجري هو عملية فساد ممنهجة تشترك فيها أطراف من داخل المليشيا ومن داخل برنامج الغذاء العالمي نفسه، عبر عقود مشبوهة تمنح الحوثيين التحكم الكامل في ملف الإغاثة مقابل تسهيلات لوجستية وسياسية للمنظمات الأممية في صنعاء.
وطالب ناشطون وحقوقيون بفتح تحقيق دولي عاجل في ملفات توريد القمح والمساعدات عبر شركة “المحسن إخوان”، ومراجعة العقود التي تربطها ببرنامج الغذاء العالمي، مؤكدين أن استمرار هذا الوضع يعني أن المساعدات الإنسانية أصبحت أداة تمويل رئيسية للمجهود الحربي الحوثي وليس وسيلة إغاثة للمدنيين.