الحوثيون يوسّعون قمعهم في همدان خشية تصاعد الروح الجمهورية قبيل ذكرى ثورة 26 سبتمبر

شنت مليشيا الحوثي الإرهابية صباح اليوم حملة أمنية واسعة ضد أبناء قبيلة همدان شمال غرب العاصمة صنعاء، في تصعيد خطير يؤكد رفض المليشيا لاحتفال اليمنيين بذكرى ثورة السادس والعشرين من سبتمبر.
وأكد شهود عيان أن أطقمًا أمنية مسلحة جابت قرى همدان منذ الساعات الأولى للفجر، واختطفت عددًا من الأهالي على خلفية تضامنهم مع المعتقل الجمهوري جميل شريان، وقيامهم بنشر صور العلم اليمني الجمهوري على منصات التواصل الاجتماعي مثل “الواتس” و”الفيسبوك”.
وذكر الشهود أنه تم اعتقال أربعة من أبناء قرية الجاهلية وهم: عارف محمد قطران، عبدالسلام عارف قطران، حميد عبدالوهاب الأسد، ومحمد عبده شريان (ابن أخ جميل شريان)، بالإضافة إلى اعتقال شخص خامس يُدعى يحيى راشد المعافا من قرية الحقّة وأدعة همدان.
وأشاروا إلى أن أطقم حوثية أخرى اقتحمت قرى علو همدان، منها أبلس والغرزة وعدة قرى أخرى، في محاولة لاعتقال المزيد من الأهالي الذين أعربوا عن تمسكهم بالقيم الجمهورية ورفضهم لممارسات الجماعة.
وتأتي هذه الحملة القمعية في ظل تصاعد حالة السخط الشعبي من إجراءات الحوثيين، الذين يسعون لتكميم الأفواه ومنع أي مظهر من مظاهر الاحتفال بذكرى الثورة اليمنية، بالتوازي مع محاولاتهم لفرض يوم 21 سبتمبر كرمز لانقلابهم على الدولة والجمهورية.
ويرى مراقبون أن هذه الانتهاكات تعكس حالة الرعب التي تعيشها المليشيا أمام التمدد الشعبي للجمهوريين، وإصرار اليمنيين على إحياء ذكرى ثورتهم المجيدة رغم القمع والترهيب.
ثورة سبتمبر.. رعب الحوثيين المتجدد
تزامنت هذه الحملة مع استعداد اليمنيين للاحتفال بالذكرى الـ63 لثورة 26 سبتمبر 1962، التي أنهت عصور الإمامة الكهنوتية المظلمة، حين حوّل الأئمة اليمن إلى سجن كبير، صادروا فيه حق التعليم، وكرّسوا الجهل والمرض والفقر وسلبوا الشعب أبسط حقوقه.
ثورة سبتمبر جاءت يومها كفجر تاريخي أعاد لليمنيين حقهم في الحياة، وأسس لنظام جمهوري عصري، رفع العلم الوطني رمزاً للتحرر والسيادة. واليوم، وبعد أكثر من ستة عقود، تسعى المليشيا الحوثية – التي تمثل الامتداد السلالي والفكري للإمامة – إلى طمس هذه الذكرى العظيمة، ومحاولة استبدالها بيوم 21 سبتمبر، ذكرى انقلابها على الدولة واحتلالها صنعاء عام 2014.
الخوف من العلم الجمهوري
المفارقة اللافتة أن المليشيا لم تجد ما تخشاه أكثر من العلم الجمهوري، ذلك الرمز الذي يجسّد رفض اليمنيين لحكم السلالة والتبعية، ويعيد إلى الذاكرة يوم خرج الشعب متحداً ضد كهنوت الإمامة.
ويرى مراقبون أن استهداف أبناء همدان – إحدى القبائل ذات التاريخ الجمهوري العريق – يؤكد أن الحوثيين يدركون خطورة تزايد الاحتقان الشعبي في أوساط القبائل، خاصة مع تراكم جرائمهم من نهب للأراضي، وتجنيد إجباري للشباب، وفرض جبايات مالية أنهكت الناس.
روح سبتمبر تتجدد
رغم القمع والاعتقالات، تؤكد الوقائع أن ثورة سبتمبر لا تزال حاضرة في وجدان اليمنيين، وأن العلم الجمهوري – الذي تحوّل إلى تهمة عند الحوثيين – عاد ليكون شارة تحدٍّ وصمود في وجه مشروعهم الطائفي.
ويقول مراقبون، إن ما يجري اليوم في همدان وغيرها من مناطق صنعاء ليس سوى صورة مكررة من صراع طويل بين اليمن الجمهوري واليمن الإمامي، لكن ما لا تدركه المليشيا أن إرادة الشعب ستبقى أقوى، وأن سبتمبر سيظل خالداً في ذاكرة الأجيال، مهما حاولت المليشيا طمسه أو الالتفاف عليه.