ترامب يدعو لتحويل غزة إلى «منطقة حرية».. ماذا يعني؟

دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى تحويل قطاع غزة إلى ما سماه “منطقة حرية”، معتبرًا أن الوضع الحالي في القطاع “غير مجدٍ” ويستدعي تغييرًا جذريًا.

وجاءت تصريحات ترامب خلال مقابلة مع قناة “فوكس نيوز”، عقب جولة خليجية شملت السعودية وقطر والإمارات، في أول تحرك خارجي له منذ عودته إلى البيت الأبيض لولاية ثانية

وقال ترامب، إنه يينبغي أن تصبح غزة «منطقة حرية»، لأن الوضع هناك سيئ منذ سنوات، وكل عشر سنوات يعودون إلى الوراء، ولديهم حماس”.

وأضاف أن عدد سكان القطاع “1.9 مليون نسمة، وهو عدد كبير، لكنه ليس ضخماً”، ملمحًا إلى إمكانية إيجاد حلول إقليمية قابلة للتنفيذ.

الرئيس الأمريكي، كشف أنه بحث ملف غزة مع قادة الدول الخليجية الثلاث التي زارها، قائلاً: “سيكونون جزءاً من الحل بشأن غزة وسيساعدون”.

هذه التصريحات تعزز فرضية وجود تنسيق أمريكي-خليجي حول إعادة صياغة مستقبل القطاع، خصوصًا مع استمرار الحرب الإسرائيلية منذ أكثر من عام ونصف، ووسط فشل المسارات السياسية التقليدية في وقف التصعيد.

ويبدو أن واشنطن في عهد ترامب تسعى إلى تسويق حل “اقتصادي إنساني” قائم على إنشاء منطقة حرة أو شبه مستقلة في غزة، تحظى بدعم خليجي مالي ولوجستي، بما يؤدي إلى تفكيك البنية المسلحة للمقاومة، وخاصة حركة حماس، وربما إدماج غزة في مشروع إقليمي بعيدًا عن الدولة الفلسطينية الموحدة.

المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر، يرى أن دعوة ترامب لتحويل غزة إلى “منطقة حرية” تأتي في إطار مشروع أكبر يستهدف “تفريغ القطاع” من مضمونه السياسي والمقاوم، عبر إغراءات إعادة الإعمار وتحسين الأوضاع المعيشية، مقابل نزع سلاح الفصائل، وربما تهجير تدريجي غير مباشر.

وأكد الطاهر أن هذه الرؤية تعيد إحياء مشاريع تصفية القضية الفلسطينية، بغطاء اقتصادي، وتطويع إقليمي.

ويضيف الطاهر أن “مشروع منطقة الحرية” ليس جديداً، بل هو تطور ناعم لمفاهيم “السلام الاقتصادي” التي روّجت لها إدارة ترامب الأولى ضمن “صفقة القرن”، لكن بصيغة أكثر قبولًا في ظل الأزمة الإنسانية التي تعصف بغزة.

ترامب ينتقد نتنياهو ويبرر رؤيته
وفي سياق متصل، تطرق ترامب إلى أحداث السابع من أكتوبر 2023، قائلاً: “لو كنت رئيسًا، لما حصل السابع من أكتوبر”، في إشارة إلى هجوم حماس المفاجئ على إسرائيل، والذي تسبب بتفجير الحرب الحالية.

كما اعتبر أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو “يواجه موقفًا صعبًا”، لكنه لم يُظهر دعمًا مطلقًا له، ما يعكس براغماتية ترامب في التعاطي مع الملف الإسرائيلي الفلسطيني، خصوصًا بعد الانتقادات التي وُجهت لنتنياهو داخليًا ودوليًا.

ترامب شدد على أهمية التوصل إلى حل دائم للقضية الفلسطينية، مؤكدًا أن سكان غزة “لم يكن عليهم الذهاب إلى السويد أو ألمانيا، بل كان يمكن أن يكون لهم وطن في الشرق الأوسط”، في إشارة إلى ضرورة إيجاد حل إقليمي، ربما يشمل توطينًا أو إعادة توزيع سكاني، وهو ما يثير مخاوف من محاولات جديدة لتصفية قضية اللاجئين الفلسطينيين.

حل اقتصادي على حساب الحقوق
بين لغة الواقعية السياسية والأجندة الإقليمية المتداخلة، تكشف تصريحات ترامب أن واشنطن بصدد رسم معالم تسوية جديدة، تُقصي الثوابت الفلسطينية التقليدية وتُحيل القضية إلى مسألة معيشية وإنسانية.

وإذا ما مضت هذه الرؤية إلى التنفيذ، فربما تكون غزة أول من يدفع الثمن، عبر إعادة تشكيلها بعيدًا عن روح المقاومة، وتحت مظلة “الحرية” الاقتصادية التي قد تعني فعليًا تفريغها من مضمونها الوطني.

زر الذهاب إلى الأعلى