تحليل نقدي لمسلسل «طريق إجباري» في رمضان 2025

كريم الخالد

أثار مسلسل “طريق إجباري” جدلاً واسعًا منذ الكشف عن البوستر الأول للنجمة سالي حمادة، حيث اعتقد البعض أن العمل يحمل رسائل موجهة.

لكننا نتفق أن الاستعارات الفنية جزء من الإبداع، ولن نركز على هذه النقطة، بل سنناقش العمل الذي حظي بإعلانات مكثفة على “يوتيوب”، ربما بسبب عدم قدرته على جذب المشاهدين بشكل كافٍ رغم إنتاجه بتقنيات حديثة وأداء تمثيلي متميز وإخراج محترف.

القصة والسيناريو: البدايات ليست كل شيء
– الحبكة الدرامية: 
بدأت الحلقة الأولى بقوة، مقدمةً الشخصيات بسرعة وإتقان، وكشفت عيوب كل منها.

تدور القصة حول طبيبة تساند المجتمع وتتصدى لصراع مع رجل أعمال فاسد وابنه،
مع ذلك، هناك ثغرات لافتة، مثل الفارق العمري الكبير بين شخصية نبيل الأنسي (في أواخر الثلاثينيات) وزوجته الطالبة (التي تبدو أصغر منه بعشرين عامًا)، وهو أمر غير منطقي إذا افترضنا بقاءه في الجامعة كل هذه المدة.

– السيناريو والحوار: 
يبدو السيناريو مزيجًا من عدة أفكار؛ مثل مشهد سقوط الطفل الذي يُذكرنا بأيقونة مسلسل “لعبة العروش”، مما يجعل نهاية العمل متوقعة وكل المسلسل بيد هذا الطفل.

أما الحوار فيُعتبر من أبرز ما ظهر في مسلسلات رمضان، إذ يتميز بسلاسة وواقعية دون تكلف، مما يعكس نضجًا في كتابة الشخصيات.

– الكوميديا: 
شبه غائبة في العمل، مما يجعله مسلسلًا دراميًا جادًا بامتياز، على عكس العادة الرمضانية التي تعتمد على الفكاهة.

الإخراج والإبداع البصري: الاحتراف كما يجب أن يكون
– الإخراج: 
أبدع المخرج عبد العزيز حشاد (صاحب أعمال مثل “هي ودافنشي” و”اللص والكتاب”) في نقل القصة برؤية فنية متميزة.

– التصوير والإضاءة: 
تميزت الصور بإشراقة لافتة، لكن كثرة الزوايا في المشهد الواحد تشتت انتباه المشاهد.

يبقى التصوير نقلة نوعية للمسلسلات اليمنية التي لا تعوّل عادةً على مثل هذه التقنيات المعقدة.

– المونتاج والألوان: 
نجحت شركة النبيل للإنتاج في تقديم مونتاج سلس وألوان جذابة، مدعومة بخبرتها الواسعة في التعامل مع شركات متخصصة.

– الديكور والملابس: 
جسّد العمل واقعية ملموسة في تفاصيل الملابس والديكورات، مما أضفى مصداقية على الأجواء المحيطة.

أداء الممثلين: مقارنة مع أعمالهم السابقة
– نبيل حزام: (العمدة)
أداء استثنائي في تجسيد شخصية جشع يمتلك مبررات أخلاقية، متفوقًا على أدواره السابقة هو ال.

– نبيل الأنسي (الجوكر): 
نستطيع القول أنه واحد من أفضل الممثلين في تاريخ اليمن الدرامي، ولكن رغم براعته في أدوار الشرير النفسي، بدأ يُلاحظ تكراره لنمطية الأدوار، ما يستدعي تنويعًا في اختياراته المستقبلية.

– سالي حمادة (زهرة الأوركيد): 
الممثلة الأكثر تألقًا في جيلها، حملت عبء البطولة بخبرة، ونجحت في تطوير شخصيتها عبر الحلقات. تُعتبر خيارًا أوليًا لأي مخرج أتمنى أن اراها في خارج حدود الدراما اليمنيه .

– نجيبة عبدالله: 
مدرسة تمثيلية بحد ذاتها، قدمت دور الأم القوية بدقة متناهية، متفردةً بقدرتها على التحول بين الشخصيات لاتستطيع ان تثبت أنها نفس الشخص في مسلسل اخر .

– سحر الأصبحي (المعلمة): 
أداء جريء ومؤثر، تجاوز دورها في “ربيع المخاء”، وأثبتت قدرتها على تجسيد الشخصيات المتسلطة بمشاهد محدودة نتمنى أن تثرينا بالكثير من الاعمال .

– عبدالله الكميم: 
نجح في مواكبة أداء نبيل حزام، مقدمًا دور المرافق القوي بنظراته الحادة وحركاته المقنعة.

– بكار باشراحيل: 
تميز بأداء مختلف عن أعماله السابقة، مما يؤكد تطور موهبته في مل دور يلعبه .

– أحمد جبّارة: 
أثبت مرة أخرى قدرته على أدوار الشخصية الخدومة، مع تمنيات بمشاركات أكثر في أعمال متنوعة.

– سمير صالح: 
أضاف لمسة هادئة لدور ضابط التحقيق، مبتعدًا عن النمطية المعتادة في مثل هذه الأدوار.

– حسن الجماعي(الأساسي): 
ممثل يثري أي عمل يشارك فيه، لكن شخصيته هنا بدت أقل تفصيلًا مقارنةً بأعماله السابقة.

– محمد الهتار: 
أداء متعدد الأبعاد، يبرز مشاعر متضاربة ببراعة، لكنه يحتاج إلى فرص أكبر لإظهار إمكاناته.

– صالح الأسمر: 
موهبة واعدة تستحق المتابعة، مع ضرورة تنويع أدواره لتجنب التكرار.

– بهية محمد: 
جسّدت الشخصية الأنانية بصدق، لكن دورها يحتاج إلى تعميق أكثر.

– خالد اليوسفي: 
أداء أقل من المتوسط، مع غياب التعابير الجسدية واللفظية التي تعكس الشخصية.

المواهب الواعدة 
– سماح أنعم: 
ممثلة صاعدة تسرق الأنظار بمشاهدها القصيرة، مع تمنيات بتجنب أخطاء السابقين.

– رغد الأكحلي (الزوجة الوفية): 
ظهور مبهر لموهبة جديدة، نتمنى أن تستمر في تطوير نفسها.

ضيوف الشرف
– عمار عبدالغني: 

أداء مناسب للدور، يُظهر الحاجة إلى وجود ممثلين من الفئة العمرية المتوسطة في الدراما اليمنية.

الأطفال والطلاب 
دليل على وجود مواهب تمثيلية واعدة في اليمن، شرط البعد عن المحسوبية والتوجيه السليم.

الموسيقى والإنتاج 
– الموسيقى التصويرية: 
أغنية البداية تحمل طاقة سلبية تشبه الدروس التعليمية، رغم محاولة الخروج عن النمطية.

– الإنتاج: 
برز خالد المرولة للسنة الثالثة باهتمامه بالتفاصيل الدقيقة واختيار فريق العمل المناسب.

لماذا قلّت المشاهدات؟
تراجعت نسب المشاهدات على “يوتيوب” بشكل ملحوظ بعد الحلقات الأولى، ما دفع القناة إلى الاعتماد على الإعلانات الممولة.
يعود السبب إلى تركيز العمل على استعراض قضايا متعددة بنفس الوقت (كزواج القاصرات والفساد والعلاقات الاسرية) دون تعمق وهذا تشتت، وإلى مشاهد مملة لا تخدم الحبكة الرئيسية بل استعراضات غرضها الاستعتطاف وهذا خطاء فادح وكذلك التركيز على الجانب التمثيلي لدرجة الخروج من الواقع.

الخلاصة: لا تنخدع بالبدايات 
بدأ العمل بقوة تشويقية، لكنه تحوّل إلى سرد استعراضي لقضايا اجتماعية دون تركيز. بينما حافظ عدد قليل من الممثلين (مثل سالي حمادة و نبيل حزام و عبدالله الكميم) على تألقهم، بدأ آخرون (كـ نبيل الأنسي) يفقدون جاذبيتهم بسبب التكرار. يحتاج المسلسل إلى توازن أفضل بين التشويق والعمق الدرامي ليبقى في الذاكرة.

زر الذهاب إلى الأعلى