ثمة حرب أخرى في اليمن..
خلف حرب استعادة الشرعية التي كانت تخوضها الحكومة اليمنية بدعم من التحالف العربي بقيادة السعودية ضد الانقلابي الحوثي، ثمّة حرب أخرى لم تحظ بتغطية واسعة من الإعلام وحظ وافر من الاهتمام، رغم أنها لا تقلّ عنها ضرورة ولا ضراوة. هي الحرب التي كان يخوضها التحالف العربي ضد تنظيميْ القاعدة وداعش، التي جاءت امتدادا للحرب المفتوحة التي تشنّها الرياض وأبوظبي ضد كل بؤر التطرّف والإرهاب.
يحدث ذلك بالتزامن مع الجهد الأميركي المستمر في اقتناص رؤوس الإرهاب في المنطقة، وتكثيف الجهد الحربي والأمني لتصفية تلك الرؤوس. وأحدث هذه العمليات توجيه طائرة درون لتستهدف مركبة قاسم الريمي، زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وأبرز المدرجين في قائمة التنظيمات الإرهابية لدى السعودية والولايات المتحدة ولجنة العقوبات الخاصة باليمن في مجلس الأمن.
تحمّل تنظيم القاعدة في اليمن أعباء اندماج بقايا ومخلفات رعاياه في السعودية بعد أن ضيّقت عليهم القبضة الأمنية وتراجع حضورهم في المشهد المحلي والعجز عن إبداء أي فعالية في الداخل السعودي.
وعلى طريقتهم المألوفة، حاول متطرفو القاعدة استثمار الظروف غير الطبيعية التي يشهدها اليمن من انفلات وحرب على الحوثيين الذين لا يقلّون عنهم تشدّدا ورجعية، وشرعوا في بناء قاعدة انطلاق وتحرك تنظم صفوفهم وتؤهلهم للعب دور في المنطقة.
يأتي ذلك في إطار جهد إخواني مكثّف لإرهاق التحالف العربي في معارك جانبية واستنزافه في الجبهات المفتوحة وتبديد انتباهه عن المشروع الضمني الذي تتبنّاه بعض أجنحة الحكومة اليمنية ممن يلبّي حاجات رعاة الإخوان في الدوحة وأنقرة ومن ورائهم طهران، خدمة لأجندة انقلابية تتوارى خلف التهم المرسلة للإمارات والتشويش على جهدها والمنسجم مع نوايا الرياض الحميدة.
فضلا عن دور وظيفي يأتي في صميم عقيدة التنظيم وهويته، بعرقلة سعي السعودية في مرحلتها التحولية القائمة هذه الأيام. ولعل المتشدّد اليمني الذي شنّ هجوما على أحد عروض هيئة الترفيه ضمن موسم الرياض قبل شهور يأتي في هذا السياق.
كما أن التقليد القاعدي حضر مجددا في خلط أوراق السعودية دوليا، وتجديد الخطة المهزومة لإلصاق تهمة الإرهاب بصورة المملكة، وخلق مناخ عدائي تجاهها في الأوساط الأميركية النخبوية والشعبية، وذلك عبر العملية التي أعلن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤوليته عنها، وتحريض الطالب السعودي على إطلاق النار في ديسمبر في قاعدة بحرية أميركية في فلوريدا مما أدّى إلى مقتل ثلاثة بحارة أميركيين.
المصدر: العرب