لماذا تركز هجمات الحوثيين على السفن اليونانية؟
تفاقم كارثة الناقلة سونيون..
مع تراجع أعمال الإنقاذ لناقلة سونيون تظل السفينة المستمرة بالاشتعال، شاهدا حيا على هجمات الحوثي التي أضرت بالمصالح العالمية.
ولا يعرف على وجه التحديد عدد سفن اليونان التي تعرضت للهجمات الحوثية إلا أن 2 من السفن الثلاث الأكثر تأثرا كانت ترفع العلم اليوناني وهي “توتور” و”سونيون” التي لا تزال مشتعلة منذ 15 يوما وتهدد البحر الأحمر بخامس أكبر تسرب نفطي منذ الأزمة.
فالناقلة اليونانية البالغ حمولتها 163.759 طن، تم بناؤها في عام 2006، وكانت تنقل نحو مليون برميل من النفط الخام، عندما ضربتها 5 هجمات حوثية في 21 و23 أغسطس انتهت بزرع عناصر حوثية عبوات ناسفة على سطحها وتفجيرها عن بعد.
وخلفت هجمات مليشيات الحوثي على الناقلات التجارية والنفطية أضرارا كبيرة في الاقتصاد اليمني والعالمي، وامتدت تأثيرها من قناة السويس إلى موانئ البحر الأحمر، وحتى الموانئ اليمنية في خليج عدن وبحر العرب، إضافة لليونان التي تعرضت ناقلاتها لغالبية الهجمات.
من البحر الأحمر إلى اليونان
ومنذ شن هجماتها في نوفمبر صنفت مليشيات الحوثي الناقلات التجارية المستهدفة كسفن إسرائيلية أو أمريكية وبريطانية، لكن في الواقع كانت الكثير منها ترفع علم اليونان كـ”سونيون” و”توتور”.
كما أن السفن اليونانية أو المملوكة لشركات يونانية كان أكثر من غيرها عرضة للهجمات الحوثية المزودجة والأكثر فتكاً، في خطوة أرجعها محللون لامتلاك اليونان واحدة من أكبر أساطيل السفن في العالم وترتبط بعلاقات تجارية مع إسرائيل.
ووفقا للمحلل اليمني ومدقق البيانات فاروق مقبل فإن مليشيات الحوثي أظهرت جرأة بالفعل في شن هجمات على السفن التجارية اليونانية، أكثر من أي سفن غيرها، لكونها سفنا مدنية بدرجة أساسية، غالبا تعتمد على طاقم أمني ليس مسلحا بقوة وغير قادر لصد هجمات الجماعة”.
وكشف مقبل، في حديثه لـ”العين الإخبارية”، أن تتبع الهجمات الحوثية يظهر أن “السفن الأمريكية كانت تتعرض لهجوم واحد وغالبا غير مؤثر، لكن الناقلات المستهدفة الأخرى التي غالبا ما تكون مملوكة لليونان أو تحمل العلم اليوناني، كانت في مرمى هجومين أو ثلاثة، وذات تأثير أكبر”.
وأضاف أن “الحوثيين يسعون من التركيز على مهاجمة السفن اليونانية إلى تجنب أي ردة فعل عنيفة من الجانب الأمريكي أو البريطاني”، لا سيما أن اليونان تشارك في المهمة الأوروبية، وهي قوة اقتصر دورها على مرافقة السفن ولم يسجل لها أي اشتباك فعال مع الحوثيين.
وأوضح أن اليونان تعد أحد الأمثلة للدول المتأثرة بالهجمات الحوثية، “لتفضيل السفن والناقلات التسجيل فيها، لأسباب عدة، أبرزها مزايا التراخيص التي جذبت معظم مالكي السفن وشركات التشغيل البحري، والموقع الجغرافي لليونان كبلد يقع وسط ممر التجارة البحرية بين شقي العالم الشرقي والغربي”.
اليمنيون أول من يكتوي بالنار
لم تكن اليونان وحدها من يتأثر بهجمات الحوثي التي أضرت بمصالح العالم، وإنما كان اليمنيون أول من يكتوي بنار هذه الجماعة التي شلت ميناء عدن وجعلت الملايين يرقبون الكارثة الطافية “سونيون”.
وتقول الحكومة اليمنية إنه بعد تراجع إنقاذ سونيون بات الخطر محدقا، إذ إن “أي انسكاب نفطي في البحر الأحمر سيقتل مخزونات الصيد اليمني، وسيؤدي لتأثر الملايين في المدن الساحلية بالغازات السامة، وسيوقف عمل موانئ البلاد، ويلحق تلوثاً بمصانع تحلية مياه البحر الأحمر ويقطع إمداداتها”.
ويعتمد على المصائد السمكية نحو 1.7 مليون مواطن يمني، إذ سيشكل انفجار أو غرق “سونيون” انقطاعا بمصادر سبل معشيتهم، كما سيدمر التنوع البيولوجي والمنظومة الإيكولوجية بالمنطقة، وفقا للحكومة المعترف بها دوليا.
وتعيد ناقلة “سونيون” التذكير بحال الكثير من السفن التي تضررت من هجمات مليشيات الحوثي لا سيما سفينتي “توتور” و”روبيمار” التي أدى غرقها لقطع 3 كابلات من 16 كابلا بحريا تمر في باب المندب، وتنقل ما بين 17% و30% من حركة الإنترنت العالمية.
وفيما تقل سونيون أكثر من مليون برميل من النفط الخام ولا تزال قنبلة طافية ومشتعلة كانت تحمل “روبيما” قرابة 22,000 طن متري من سماد فوسفات الأمونيوم وكبريتات الأمونيوم و280 طناً مترياً من زيت الوقود الثقيل والديزل البحري عندما غرقت، فيما بلغت كمية الفحم على “توتور” 80 ألف طن عندما أغرقها الحوثيون.
وفي 2 مارس/آذار، أصبحت سفينة الشحن “روبيمار” أول ناقلة تغرق خلال الـ5 الأشهر الأولى من هجمات الحوثيين، ومع التراخي والفشل الدولي في ردع الجماعة تمادت للهجوم على “توتور” المتجهة إلى الهند وأغرقتها في يونيو/حزيران، والحال ذاته واجهته سونيون.
وتشكل سونيون خطرا كبيرا على الملاحة والبيئة في البحر الأحمر، بعد تعرضها لواحد من أكثر من 70 هجوما حوثيا، أدى لغرق سفينتين وقرصنة واحدة وقتل 3 بحارة على الأقل، وفقا لتقارير دولية.
ويتسبب غرق سونيون أو إطلاق جميع حمولتها في حدوث خامس أكبر تسرب نفطي في التاريخ، أي ما يقرب من أربعة أضعاف كمية كارثة “إكسون فالديز” في عام 1989، وفقا لذات المصدر.
نقلًا عن: ” العين الإخبارية”