فريق الخبراء الأممي: مليشيا الحوثي تجني إيرادات مهولة من الزكاة والخُمس والجمارك والاتصالات والوقود والمخدرات
كشف تقرير فريق الخبراء المعني باليمن، للفترة يناير/ كانون الثاني وحتى ديسمبر/ كانون الاول 2022م عن مبالغ مهولة تجنيها مليشيا الحوثي الارهابية، من قطاعات الاتصالات والجمارك والزكاة والخُمس وتهريب المخدرات، علاوة على الرسوم الجمركية للمستقات النفطية والمواد الغذائية في موانئ الحديدة، والاستيلاء على أراض واسعة. مشكلة بذلك اقتصادات موازية.
واوضح التقرير، الذي قدمه الفريق إلى مجلس الأمن في 30 ديسمبر/كانون الاول 2022م، ونظرت لجنة المجلس فيه في 20 فبراير/ شباط 2023م، أن التحقيقات التي أجراها الفريق كشفت عن مصادر تمويل الحوثيين، استطاع من خلالها الوصول إلى: الرسوم الجمركية والضرائب الأخرى، الايرادات غير الضريبية والزكاة، مصادرة الأراضي والممتلكات الاخرى، تحصيل الاموال من عمليات السوق السوداء للوقود، الرسوم غير القانونية المتأتية من استيراد الوقود والتجارة المحلية والانشطة التجارية الاخرى، مصادرة الودائع المصرفية والتمويل من مصادر اجنبية، وتهريب المخدرات والمؤثرات العقلية وغيرها وجميعها تدر إيرادات كبيرة للحوثيين.
جمارك وضرائب
واكد التقرير، ان الرسوم الجمركية والضرائب الأخرى تشكل “70% من إجمالي الإيرادات الضريبية لليمن، بما في ذلك الرسوم الجمركية، من المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون”، مشيرا إلى أنه “يجري في صنعاء تنفيذ الأنشطة الرئيسية للمصارف والصناديق المختلفة، بما في ذلك صناديق التقاعد، وشركات الصرافة، وشركات الاتصالات، والمستوردين، والشركات الكبرى، والكيانات التجارية الاخرى”. علاوة على ذلك “معظم الشركات الصناعية موجودة في منطقة الحوبان في تعز، ومحافظات الحديدة وإب وذمار”.
وأضاف إنه في السنوات القليلة الماضية، حقق الحوثيون موارد مالية كبيرة من خلال فرض الزكاة على العديد من الأنشطة الجديدة، والتي تقدرها بمبلغ 45 مليار ريال يمني سنوياً، حيث يدفع كل فرد وكيان في اليمن الزكاة في شهر رمضان بمبلغ إجمالي يقدر بنحو 250 مليون ريال. ومع أن هيئة الزكاة الحوثية التي أسستها المليشيا بموجب قرار المجلس السياسي التابع لها في العام 2018م، قالت إنها تنفذ أنشطة إنسانية بهذه الاموال، إلا أن تقرير الخبراء أفاد بأن معظم تلك الأنشطة مرتبطة بالجهود الحربية للحوثيين.
وذكر أنه في يونيو/حزيران 2020م، فرض الحوثيون ما أسموها ضريبة (الخُمس أو 20 في المائة) على العديد من الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك قطاعات المعادن والنفط والمياه والصيد البحري، مؤكداً “أن المستفيدين من الضريبة الجديدة هم عائلة الحوثي، والعديد من الموالين لها”.
وأوضح التقرير أن الحوثيين أقاموا بشكل غير قانوني جمارك برية ونقاط تفتيش على الحدود البرية بين المحافظات بحكم الأمر الواقع، وتحصيل رسوم جمركية وضرائب وغيرها من الرسوم غير القانونية على البضائع المستوردة والمحلية، بالرغم من أن الحكومة تقوم بتحصيل الضرائب على هذه البضائع في ميناء الاستيراد الاول.
وذكر التقرير أن فريق التحقيق تلقى معلومات تفيد بان الحوثيين كانوا يفرضون ضرائب بشكل انتقائي، ويحصلون رسوما غير قانونية من عدة مستشفيات وصيدليات خاصة، بل وأمرت بإغلاق العديد من الصيدليات.
وأشار إلى ان وثيقة صادرة عن مكتب ضرائب أمانة العاصمة، فرضت المليشيا الحوثية ضرائب إضافية على 13 مستشفى محددا في صنعاء، وعن كل عملية جراحية يتم اجراؤها في المستشفيات ضريبة بنسبة 4%، هذا في حالة وجود رقم ضريبي لموظفي المستشفى، أما في حالة عدم وجوده فتفرض 15%، لافتا إلى أن الفريق تلقى معلومات بأن المستشفيات الخاصة الأخرى المملوكة لقادة الحوثيين البارزين لم يتم إدراجها في القائمة.
الاتصالات
وبحسب التقرير، يشكل قطاع الاتصالات أحد أبرز الموارد الإيرادية الرئيسية بالنسبة للحوثيين، فبعد الاستيلاء على ملكية بعض شركات الاتصالات الخاصة التي تتخذ من صنعاء مقرا لها، استخدموا الايرادات المتأتية منها في جهودهم الحربية.
واضاف التقرير: تحصل الفريق على معلومات تفيد بان الحوثيين كانوا يستخدمون شركات اتصالات مختلفة لارسال ملايين الرسائل التي يلتمسون فيها الدعم والمساهمات المالية لجهودهم الحربية. علاوة على ذلك أصدر الحوثيون توجيهات لبعض الشركات بتخصيص وإيداع 1 في المائة من فواتير الاتصالات في حساب صندوق رعاية أسر الشهداء، مشيرا إلى أن الحوثيين لا يسمحون بنحو الشركات المنافسة والتي تتخذ من عدن مقرا لها، لغرض احتكارهم سوق الاتصالات بمفردهم.
الوقود
وافاد التقرير بأن جماعة الحوثي تحافظ على اقتصاد موازٍ في قطاع الوقود، فقبل الهدنة كانت تلبى احتياجات المواطنين من الوقود عبر الموانئ التي تتواجد في مناطق الحكومة المعترف بها، ولكن مع إعلان الهدنة في أبريل/ نيسان زادت واردات النفط عبر ميناء الحديدة بشكل كبير.
ويواصل التقرير: ووفقا للمعلومات الواردة من آلية الأمم المتحدة للتحقيق والتفتيش، وصل 69 سفينة إلى ميناء الحديدة ما بين الفترة 1 ابريل/نيسان وحتى 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2022م، تحمل (1810498) طنا من المشتقات النفطية، (اي خلال 8 اشهر فقط)، في المقابل دخل (535069) طنا من مشتقات الوقود خلال الفترة يناير/ كانون الثاني وحتى ديسمبر/ كانون الاول 2021م في 30 سفينة.
بينما كانت تقوم سفينتان في المتوسط في فترة ما قبل الهدنة، اي من يناير/ كانون الثاني إلى مارس/اذار 2022م بحمل 39315 طنا من النفط والمشتقات النفطية شهرية. وكانت تقوم 9 سفن في المتوسط في فترة ما بعد الهدنة اي من ابريل/نيسان وحتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2022م، بحمل (226312.25) طنا شهريا، ما يدل على نمو كبير بنسبة 475.63% من الواردات عبر مينائي الحديدة والصليف.
واكد التقرير أن “الحوثيين انتهزوا الفرصة لكسب المال. فوفقا لمعلومات تلقاها الفريق كان البنزين يباع في السوق السوداء بين (22-24) الف ريال يمني لكل علبة صعتها 20 لترا، مما أدى إلى نقص مصطنع”.
وأوضح التقرير أنه “بموجب اتفاق ستوكهولم، كان مقررا أن يقوم الحوثيون بتحصيل الرسوم الجمركية، على استيراد النفط عبر ميناء الحديدة بشرط أن يدفعوا رواتب موظفي الخدمة العامة. بيد أن الفريق ابلغ بانه لم يتم دفع أي مرتبات حتى وقت كتابة التقرير”.
واضاف التقرير: “واضافة إلى الرسوم الجمركية التي يحصلها الحوثيون فإن الارتفاع غير المبرر في سعر الوقود، زاد من مواردهم المالية. وتفيد حكومة اليمن أنها خسرت إيرادات جمركية بلغت حوالي 271935 بليون ريال يمني للفترة ابريل/ نيسان. حتى نوفمبر/ تشرين الثاني 2022م”.
العقارات
وقال تقرير خبراء الأمم المتحدة إن قطاع العقارات هو الآخر يدر عائدات كبيرة للحوثيين.
واوضح، أن الفريق تلقى معلومات تفيد بأن الحوثيين صادروا بالقوة مساحات كبيرة من الأراضي والمباني، وفرضوا قيوداً على بيع وشراء ونقل وبناء الممتلكات، وصادروا 3000 معاد (يساوي المعاد الواحد 4248 مترا مربعا) من الأراضي تقدر قيمتها بنحو 15 بليون ريال يمني في منطقة القصرة التابعة لمديرية بيت الفقيه، ومساحات شاسعة من الأراضي تقدر قيمتها بـ80 بليون ريال في مديرية التحيتا بمحافظة الحديدة، بذريعة أنها أراضي أوقاف، على الرغم من تأكيدات مواطنين محليين بملكيتها لهم.
وذكرت تقارير اخرى مصادرة أراضٍ ومبانٍ في مناطق أخرى، ما أدى إلى إجلاء مئات العائلات المدنية وفقدان سبل عيشهم، وفقا للتقرير.
المخدرات
وذكر تقرير الخبراء، أن الفريق “رصد حالات تهريب المخدرات والمؤثرات العقلية وغيرها من الأصناف من قبيل المعادن النفيسة، والأوراق النقدية للتأكد من استخدام القيادات الحوثية المدرجة في قائمة الجزاءات المشاركة بصورة مباشرة أو غير مباشرة في توليد الاموال لاستخدامها المحتمل في الجهود الحربية.
وتلقى الفريق معلومات عن عدد متزايد من حوادث تهريب المخدرات والاتجار بها في اليمن، ومصادرة السلطات لبعض الشحنات، فضلا عن تقارير أثبتت تورط الحوثيين بعمليات تهريب متعددة في علب، الخضراء، الوديعة، الطوال وميناء جيزان، هذا بالنسبة للحدود البرية فيما يتعلق مع السعودية بمفردها.
وذكر التقرير أن عدة تقارير أوردت عمليات اعتراض منتظمة لمراكب شراعية تحمل شحنات من المخدرات، لم تقم أي دولة عضو بالتحقيق فيها بسبب عدم وجود ولاية قانونية واضحة، مشيرا إلى أن ثمة حاجة إلى أن تنظر الدول الأعضاء في اعتماد صكوك قانونية مناسبة تسمح باجراء التحقيق حسب الأصول في حالات تهريب المخدرات التي اكتشفها القوات البحرية، وقوات خفر السواحل في المياه الإقليمية حتى يتسنى ان تقدم السلطات المختصة الجناة إلى العدالة.
وبقدر ما كشف تقرير الخبراء عن الارقام المالية المهوولة التي تجنيها مليشيا الحوثي من جميع هذه القطاعات، إلا أنها تظل أرقاما ناقصة، لا سيما والفريق أشار إلى انه استعرض سريعا ما استطاع الوصول إليه فقط، بينما هناك عائدات مالية تحيطها المليشيا الحوثية بتكتيم شديد، وعيّنت على قطاعاتها مسؤولين من الأكثر قربا إليها، خشية تسريب بيانات عنها.
ومع كل هذه المبالغ ما تزال المليشيا ترفض تسليم رواتب الموظفين في جميع المناطق الخاضعة لسيطرتها، وباتت تخصص هذه الأموال لدعمها الحربي، ولصالح قيادات الصف الاول لديها، فيما الملايين يواجهون الموت جوعاً دون أن تكترث لهم.