أين تذهب مساعدات برنامج الأغذية العالمي؟
على الرغم من تقليص برنامج الأغذية العالمي (التابع للأمم المتحدة) مساعداته الغذائية والنقدية المقدّمة للشعب اليمني بشكل كبير، إلا أنها لا تصل إلى مستحقّيها، إذ يتم التلاعب بها والتربّح منها وتحويل وجهتها بتوزيعها بواسطة منظّمات يمنية معيّنة وفق كشوفات مختارة أو وهمية، لتجد تلك المساعدات طريقها في النهاية للبيع في السوق السوداء لتكون وسيلة ثراء للنافذين والمسؤولين والتجّار في مختلف المحافظات والمناطق والمديريات.
ويقدّم برنامج الأغذية العالمي كل ستة أسابع أي كل دورة توزيع، 50 كيلو دقيق و3.5 كيلو بقوليات و4 لترات زيت، إذ يلفت إلى ما وصفها بـ “عوامل خارجة عن إرادتنا بما في ذلك النزاعات في بلدان أخرى وارتفاع أسعار الغذاء وتكاليف الشحن وعدم توفّر الموارد الكافية لتغطية الاحتياجات الغذائية”.
وتساءل ناشطون وإعلاميون حول مصير مساعدات برنامج الأغذية العالمي وإلى أين تذهب مليارات الدولارات التي تخصّص سنويًا لمساعدة الأسر اليمنية المحتاجة، مطالبين بالتحقيق في عملية توزيع المساعدات والخلل الذي شابها خلال سنوات الحرب ومحاسبة المسؤولين المتورّطين في حرفها عن مسارها وتحويلها ومن ثم بيعها في السوق السوداء لتصبح أحد أكبر مصادر الثراء في اليمن في ظل الحرب. وتباع المساعدات وخاصةً أكياس الدقيق وعلب الزيت المطبوع عليها شعار برنامج الأغذية العالمي في الأسواق والمحال التجارية في مختلف المدن اليمنية ما يؤكد وجود فساد هائل وتلاعب في توزيعها، فهي إما بيعت مباشرةً إلى التجّار أو أنها وزّعت على من لا يستحقّها ومن ثم بيعت لاحقاً.
وأعلن برنامج الأغذية العالمي في يونيو الماضي أنه اضطّر إلى تقليص المساعدات التي يقدّمها للأشخاص الأكثر احتياجاً، حيث تم تقليص المساعدات إلى ما دون 50% من الاحتياجات اليومية لخمسة ملايين شخص من الأكثر احتياجاً، في حين تم تقليص المساعدات لبقية المستفيدين البالغ عددهم ثمانية ملايين مستفيد إلى نحو 25% من احتياجاتهم اليومية.
وقام البرنامج كذلك بإيقاف أنشطة تعزيز القدرة على الصمود وسبل كسب العيش والبرامج التغذوية وأنشطة التغذية المدرسية لأربعة ملايين مستفيد، فيما استمر بتقديم المساعدات ضمن هذه الأنشطة والبرامج لنحو 1.8 مليون شخص فقط.
وعزا البرنامج خطوته تلك إلى “النقص الحاد في التمويل وتداعيات الحرب في أوكرانيا إلى جانب التضخّم المشهود على المستوى العالمي”، ما يتناقض مع حجم التمويل الهائل الذي يتلقّاه البرنامج لتغطية أنشطته في اليمن.
وقال البرنامج إنه “اضطّر إلى اتخاذ بعض القرارات الصعبة بخصوص المساعدات التي يقدّمها للمستفيدين في اليمن. فخلال الفترة الماضية، عمل البرنامج على تقديم المساعدات الشهرية المتنوّعة المنقذة للحياة لما يزيد على نصف السكان في اليمن، أي لأكثر من 19 مليون شخص، من بينهم 13 مليون من الأشخاص الأكثر احتياجا”.
ولفت برنامج الأغذية العالمي إلى “التداعيات والآثار الكبيرة لتقليص المساعدات على الأسر الفقيرة والأكثر احتياجاً في اليمن”.
ويؤكد البرنامج في تقرير أصدره أخيراً أنه تلقّى مساهمات مالية من المملكة العربية السعودية وحدها لدعم استجابته في اليمن بأكثر من 1.8 مليار دولار منذ عام 2015، من ضمنها 380 مليون دولار في عام 2019، والتي ساعدت البرنامج على توسيع نطاق عملياته لتصل إلى 13 مليون شخص ما أدّى إلى الحيلولة دون سقوط اليمن في هاوية المجاعة.
ولا يبدو أن للمساعدات الغذائية والنقدية أثر إيجابي سواء في الجانب الإنساني أو الاقتصادي، إذ يظل اليمن أكبر أزمة إنسانية في العالم مع تزايد معدّلات الفقر والبطالة وتردّي الخدمات الاجتماعية عاماً بعد آخر، بسبب فساد المنظمات الدولية ومتاجرتها بتلك الأزمة مع المليشيا الحوثية.
وتؤكد الأمم المتحدة أن الصراع والصدمات المناخية والركود العالمي المحتمل تهدّد ملايين الأشخاص في اليمن. ووسط تزايد انعدام الأمن الغذائي، تزداد الحياة صعوبة يوماً بعد يوم للأسر الضعيفة والمحتاجة في اليمن، ما يخنق آفاق التعافي في البلاد.