صحيفة دولية: أمريكا ترسل رسائل مشفرة للحكومة بأهمية الحل العسكري
قالت صحيفة العرب اللندنة، أن التصريحات الأميركية التي وصفت الحوثيين بأنهم “لاعب شرعي” في ملف الأزمة اليمنية تعد حسب توصيف مراقبين سياسيين تعبيرا عن استراتيجية واشنطن التي تتركز حول التعامل مع المعطيات على الأرض، كما تمثل انعكاسا لتراجع الخيارات الدولية في التعاطي مع حالة التصلب الحوثية.
ونقلت الصحيفة، تصريحات لـ الكاتب والسياسي اليمني علي البخيتي ، تصريحات يصف بحديث الخارجية الأميركية الأخير بأنها “تتسق مع ما تتجه إليه سياسة الولايات المتحدة في أفغانستان من الاعتراف بسلطة حركة طالبان ومن السماح لها تدريجيا بالاستيلاء على المزيد من المدن انتهاء بالعاصمة”.
ووصف البخيتي وهو قيادي سابق في الجماعة الحوثية واشنطن بأنها “جزء من توجه لإيصال الحوثيين إلى الحكم في اليمن بشكل رسمي” وهي السياسة التي بدأتها، بحسب البخيتي، بإلغاء تصنيف الجماعة كمنظمة إرهابية وهي “الرسالة الخاطئة جدا التي جعلت الحوثيين يتقدمون نحو مأرب ويواصلون الكثير من جرائمهم مستندين إلى هذا الدعم الأميركي الذي لم يكونوا ينتظرونه ولا حتى يتخيلونه”.
واعتبر البخيتي أن إدراج واشنطن بعض الشخصيات الحوثية في قائمة العقوبات “استهانه باليمن وباليمنيين”، مضيفا “ما الفائدة من إضافة اسم قيادي حوثي لا يملك دولارا واحدا في بنك أجنبي ولم يسافر حتى إلى بيروت أو القاهرة ولا يعرف العالم ولا يهتم لشؤونه، فيما كان هناك قرار بالفعل يصنف الحوثيين كجماعة إرهابية وكان يمكن الضغط على الجماعة عبر هذا القرار والضغط على عُمان بوقف نشاط الحركة فيها ومنع الدول الأوروبية من استضافة قيادات الحركة حتى تبدأ بالتفاوض بشكل جدي”.
ونوّه البخيتي بأن الإجراءات والمواقف الأميركية تسببت بإلغاء أوراق القوة الأميركية التي كان يمكن الضغط من خلالها على الحوثيين، وهو الأمر الذي يضع العديد من علامات الاستفهام حول حقيقة الأهداف الأميركية وجديتها في مواجهة المشروع الإيراني في المنطقة وفي مواجهة الإرهاب عموما، سواء إرهاب طالبان والقاعدة أو إرهاب الحوثيين.
وأرجعت مصادر دبلوماسية التصريحات الأميركية إلى ما تصفه تلك المصادر بنهج الواقعية السياسية الذي ترغب إدارة الرئيس الأميركي جو بادين في التعامل بها مع الملفات الساخنة مثل ملف الاتفاق النووي مع إيران وترتيبات الانسحاب من الساحة الأفغانية والتعاطي مع عناصر القوة على الأرض لطي صفحة تلك الملفات وإنهاء تورط واشنطن المباشر فيها وهو ذات الأمر الذي يفسر الشروع في سحب القوات الأميركية من الخليج وتحديدا بطاريات باتريوت في الوقت الذي يكثف فيه الحوثيون من هجماتهم على أبرز حلفاء أميركا في المنطقة.
واعتبر الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر في تصريح لـ”العرب” قول الخارجية الأميركية أنه تم فهم تصريحات مبعوثها إلى اليمن بطريقة خاطئة، ثم دعوتها للتعامل مع الحقائق الموجودة على الأرض، بأنه إشارة إلى رغبة واشنطن في إيصال رسالة مفادها أن من يحقق مكاسب على الأرض لا يمكن تجاهله.
ولفت الطاهر إلى أن تصريحات الخارجية الأميركية التي أكدت فيها على أنه لا يمكن لأحد إبعاد الحوثيين وإخراجهم بالتمني فقط، إشارة أخرى لضعف الحكومة اليمنية التي لم تستطع تغيير المعادلة على الأرض أو الضغط على الحوثيين عسكريا واكتفائها بالرهان على الضغوط الدولية المحتملة على الحوثيين وإدانة الخروقات الحوثية المتكررة لاتفاق ستوكهولم في ما يخص الحديدة أو تقدمهم نحو مأرب، على اعتبار أن كل ذلك يندرج تحت خانة “التمنيات” ولن يغيّر من الأمر شيئا ما لم يكن هناك موقف حازم من قبل الحكومة تجاه الحوثيين.
وأضاف الطاهر “المبعوث الدولي والخارجية الأميركية لا يريدان القول صراحة للحكومة اليمنية: عليكم أن تتحركوا عسكريا وتوحدوا جهودكم للضغط على الحوثي”.
وفي ذات السياق، يؤكد الباحث السياسي اليمني رماح الجبري أن التصريحات الأميركية الجديدة بمثابة تكرار لخطأ الولايات المتحدة، حين “تم إلغاء تصنيف ميليشيا الحوثي كمنظمة إرهابية ومحاولة التعامل مع الحوثيين كطرف سياسي بينما هم أنفسهم يصرون على تقديم أنفسهم بأفعالهم ورفضهم لجهود السلام كمنظمة وجماعة إرهابية”.
ويذهب الجبري إلى أن “محاولة شرعنة الحوثي من قبل الأطراف الدولية تأكيد على عدم فهم تلك الأطراف للواقع السياسي في اليمن لاسيما الجانب الأيديولوجي للجماعة الحوثية الذي يرفض التعايش ويؤسس للعنصرية والطبقية، بينما لا يوجد في قاموس الجماعة ما يشير إلى الديمقراطية أو المساواة بين اليمنيين”.
وأضاف “لا يزال المجتمع الدولي أيضا يجهل اللغة التي يفهمها الحوثيون وهي لغة القوة العسكرية أو الأوامر الواردة من طهران، كما أن التعامل مع الحوثي كطرف حقق مكاسب على أرض الواقع وفقا للتصريح الأميركي يشجع التنظيمات الإرهابية الأخرى في المنطقة لتحقيق مكاسب ميدانية وفرض أمر واقع ليتم التفاوض معها كطرف سياسي أسوة بالميليشيا الحوثية”.