سيتخلصون من الجميع.. المشائخ الموالون للمليشيا يتساقطون بين قتيل ومعتقل
ما بين الاغتيالات والتصفيات المباشرة، تعمل مليشيا الحوثي على إذلال شيوخ القبائل اليمنية وتفتيتها، وتثبيت وضع اجتماعي جديد في المدن الخاضعة لسيطرتها.
وعلى قاعدة” استخدم القبيلي ثم تخلص منه” مضت المليشيا الحوثية من اطراف صعدة حتى اطراف المناطق الوسطى في اليمن , والشواهد كثيرة حد عدم القدرة على حصرها.
وبعد أن استتبت سيطرة المليشيا على المناطق الواقعة تحت سيطرتها، تقول القبائل التي ساندتها في ذلك بأنها ” قلبت الكوت ” وهو تعبير شعبي عن تغير مواقف المليشيا الحوثية تجاه مشائخ القبائل.
وتعتبر المليشيا شيوخ القبائل الذين ساندوها وقدّموا تضحيات كبيرة في سبيل مشروعها خطراً عليها، فمهما بلغت تضحياتهم فهؤلاء المشائخ لا يؤمنون بمعتقداتها الفكرية ولا ينتمون لها سلالياً.
وأحدث مثال على ذلك، ما تعرّض له الشيخ مصلح الوروري، أحد أبرز مشايخ قبيلة عذر، ومن أبرز الشخصيات الاجتماعية على مستوى محافظة عمران، من تصفية على يد جهاز الأمن الوقائي، في مسقط رأسه بمنطقة “ذو غيثان” في مديرية “قفلة عذر” مطلع فبراير ٢٠٢١، وقتل إلى جانبه خلال الكمين نجله “يوسف” وأحد مرافقيه.
ويعد الوروي، واحداً من أبرز الوجهاء الذين ناصروا المليشيا الحوثي وسهلوا لها اجتياح محافظة عمران عام 2013، وقاتل في صفوفها بعدّة جبهات، قبل أن تنشب خلافات بينه وبين قيادات حوثية بلغت ذروتها عام 2019، وعقب ذلك أقدمت الميليشيا على قتل أخيه الشيخ سلطان الوروري، بطريقة غادرة، حيث استدراجه.
في الفترة من (مارس 2020 إلى فبراير 2021) قتل 12 شيخاً قبلياً على يد مليشيا الحوثي في حصيلة ليست نهائية، ناهيك عن قائمة بالاذلال الذي مارسته المليشيا ضد المشائخ الموالون لها من خلال اقتحام قراهم واحياءهم ومن ثم مداهمة منزل الشيخ وإهانته وقتله أو اعتقاله أمام أطفاله ونسائه، وأحياناً يقومون باختطاف أشخاص من أقاربه.
ففي مارس 2020، أقدم مسلحون على مداهمة منزل شيخ منطقة بيت بوس “أكرم حيدرة” الكائن في الحي ذاته (بيت بوس)، وقاموا بقتله أمام أسرته، وينتمي الشيخ “حيدرة” إلى قبيلة بني مطر ويعد واحداً من وجهائها البارزين.
وفي أكتوبر ٢٠٢٠، أقدم مسلحون من مليشيا الحوثي على اقتحام منزل الشيخ “غانم الهتار” في منطقة “العموقين” بمديرية السياني، جنوبي إب، وقاموا بقتله أمام أسرته، واختطاف جثته، واختطاف شخصين من أسرته.
وفي محافظة صعدة، شنّت مليشيا الحوثي في (ديسمبر ٢٠٢٠) هجوماً مسلّحاً على قبيلة بني خولي التابعة لمديرية منبه الحدودية مع المملكة العربية السعودية، وفرضت حصارًا مطبقًا على القبيلة من كل الجهات، قبل أن تقوم بقتل شيخ القبيلة سلمان مانع الجلحوي، وأخرين من أبناء قبيلته، ومن ثم تفجير عدد من المنازل في المنطقة ونهب الممتلكات الخاصة.
في 21 فبراير 2021، أقدم مسلحون حوثيون بقيادة القيادي الحوثي المدعو، أبو خالد الراعي، على اقتحام منزل الشيخ القبلي علي حزام أبو نشطان في صنعاء، وقاموا بقتله مع 3 من أولاده وشقيقته، وأصابوا زوجته بجروح خطيرة.
و في أبريل 2020، تم تصفية الشيخ القبلي حميد راجح، أحد مشائخ منطقة الأهنوم، بمحافظة عمران، في عملية استهداف غادرة، أثناء قيامه بمساعي صلح، بين متخاصمين على قطعة أرض بمنطقة “جدر” التابعة شمال صنعاء.
وفي يوليو 2020، قُتل الشيخ القبلي البارز صالح أحمد صالح فقعس، أحد أبرز مشايخ الحداء، أثناء محاولته إيقاف حرب مسلحة اندلعت بين قبيلته “كومان سنامة “وقبيلة “سبله بني بخيت” بمديرية الحدا، حيث تجددت هذه الحرب رغم أن القبيلتين كانتا في صلح مضى على توقيعه وتنفيذه 4 سنوات.
وفي ديسمبر 2020، قتل الشيخ “صفوان الشغدري” نجل الشيخ “عبداللطيف الشغدري” شيخ مخلاف زُبيد وأحد كبار مشائخ عنس البارزين، أثناء قيادته وساطة بين أسرة “ال المصري” بمديرية عنس لإصلاح ذات البين وحل بعض القضايا القبلية، الأمر الذي أغضب المليشيا الحوثية ودفعها لافتعال مشاكل أثناء الوساطة انتهت بمقتل الشيخ “صفوان” برصاصة اخترقت رأسه أطلقها أحد الأشخاص من آل المصري.
في سبتمبر 2020، أقدم 10 مسلحون من مليشيا الحوثي على قتل الشيخ القبلي “نجيب قايد ناصر الريمي” في منطقة الصير عزلة بلاد الريمي بمديرية عتمة بمحافظة ذمار، بأكثر من 100 رصاصة، في الرأس والرقبة والأرجل والأكتاف.
وفي نوفمبر 2020، تعرّض الشيخ حميد طفيان، أحد الوجاهات القبلية بمحافظة حجة، لإطلاق نار من قبل مسلح حوثي يعمل مرافقاً للمشرف الأمني الحوثي على محافظة حجة، ما أدى إلى إصابته بـ6 رصاصات في رأسه وصدره، فارق على إثرها الحياة.
مطلع ديسمبر ٢٠٢٠، قتل الشيخ يحي علي محمد القاسم، إثر انفجار عبوة ناسفة زرعت في سيارة كان يستقلها أمام المستشفى الكندي وسط مدينة إب، حدثت هذه الجريمة على بُعد أمتار من نقطة أمنية تابعة لمليشيا الحوثي، التي غادرها افرادها قبل الانفجار بلحظات.
حصاد يكشف نهاية مأساوية للمشائخ الذين خدموا المليشيا الحوثية أكثر وأخلصوا لها في بداية انقلابها على الدولة، وعادة ما ينفذ هذه العمليات الإجرامية ما يسمّى بـ”جهاز الأمن الوقائي” وهي المنظومة الأمنية المستوحاة من الأذرع الإيرانية في المنطقة.
في السياق يؤكد باحثون إن الحركة الحوثية هي جماعة عنف دينية مسلحة أساسا، كما أن مشروعها منذ نشأتها قائم على إقصاء الآخر”، مؤكدين على ان قتل الحوثيين للمشايخ الموالين لهم وتصفيتهم هو منهج قديم لديهم، وليس وليد اللحظة، كما يعتقد البعض، وهو اسلوب كان يتعامل به الأئمة سابقا، وذلك حينما كانوا يستعينون بالقبائل للقتال معهم، ثم ينكلون بهم بعد ذلك، ويجبرونهم على وضع رهائن”.
وتقوم الحركة الحوثية بعمل تحالفات مؤقتة لتهيئة الأجواء لما ستقوم به مستقبلا، كما أن سياستها كانت تعتمد على عقد التحالف مع قبيلة معيّنة، وبعد مدة ينقلبون عليها، ويتخلصون منها، كما عملوا مع ‘حاشد’ ومع الرئيس صالح”.
كما تعمل المليشيا منذ نشأتها على تفكيك النسيج الاجتماعي والقبلي لأبناء القبائل من خلال عدة أمور، أولها تفكيك المجتمع، وإنشاء الخلافات، وتفريخ المشايخ، وإيجاد آخرين مؤيدين لها بديلا عنهم”.