صحيفة دولية: الحوثيون يرفضون مقترحات وقف إطلاق النار قبل السيطرة على مأرب
تحمل الاشتراطات التي قدمها الحوثيون للمبعوثين الأميركي تيم ليندركينغ والأممي مارتن غريفيث دون تقديم أيّ تعهد بوقف الهجوم على مأرب رسائل مفادها أنّ لا سلام قبل السيطرة على المدينة الاستراتيجية.
ونقلت صحيفة ”العرب” اللندنية، عن مصادر لم تسميها، أنها كشفت تعثر جهود المبعوثين الأممي والأميركي في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في اليمن بسبب تمسك جماعة الحوثي برفضها للمقترحات المتعلقة بإجراءات بناء الثقة التي وافق عليها التحالف العربي والحكومة اليمنية في وقت سابق.
وأشارت المصادر إلى تمسك الحوثيين بقائمة مطالب جديدة، لم يتمكن المبعوثان من انتزاع موافقة عليها من قبل الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا والتي تتضمن رفعا نهائيا وكليا لأيّ قيود مفروضة على مطار صنعاء وميناء الحديدة، ووقف عمليات التحالف العربي الجوية.
ووفقا لمصادر دبلوماسية تحدثت لـ”العرب” فقد أوصل الحوثيون رسالة غير مباشرة للمبعوثين الأميركي والأممي ولكافة سفراء الدول الغربية، خلال اللقاءات التي شهدتها العاصمة العمانية مسقط، بأن موافقتهم على وقف إطلاق النار والانخراط في أيّ تسوية سياسية مرتبطة بشكل جوهري بسيطرتهم على محافظة مأرب، وأنهم غير مستعدين لأيّ اتفاق قبل ذلك.
وعن خيارات المجتمع الدولي والأمم المتحدة إزاء التعنت الحوثي أشارت المصادر إلى أن الأيام القادمة ستشهد على الأرجح حالة ترقب لنتائج المعركة الدائرة في محافظة مأرب، قبل أن تبدأ جولة جديدة من الضغوط الدولية على الحوثيين لدفعهم إلى القبول بالخطة المقترحة من قبل المبعوث الأممي إلى اليمن (الإعلان المشترك) والتي تحظى بدعم أميركي وأوروبي، وموافقة من التحالف العربي والحكومة اليمنية المعترف بها دوليا.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية الخميس عودة مبعوثها الخاص إلى اليمن تيم ليندركينغ بعد جولة قام بها في السعودية وسلطنة عمان تضمنت عقد اجتماعات وصفتها بالمثمرة مع كبار المسؤولين السعوديين واليمنيين والعمانيين.
وشددت الخارجية الأميركية في بيانها على “ضرورة التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار وحل للأزمة اليمنية”، مشيرة إلى أن مبعوثها يعمل بالتنسيق مع المبعوث الأممي إلى اليمن جنبا إلى جنب للمساعدة في التوصل إلى وقف إطلاق النار وبدء محادثات سياسية شاملة.
ويسعى الحوثيون لكسب المزيد من الوقت بهدف تحقيق انتصار حاسم في جبهة مأرب التي يواصلون الهجوم عليها بشكل مكثف وعنيف عبر إرسال موجات متتالية من المقاتلين في تكتيك يستهدف إنهاك الخطوط الدفاعية للمدينة.
ويرى الباحث السياسي اليمني نجيب غلاب في تصريح لـ”العرب” أن الجماعة الحوثية تتعامل مع مقترحات وقف إطلاق النار كشيء ثانوي، في حين تناور لإفشال المبادرة السعودية وإعاقة جهود المبعوثين وسلطنة عمان.
وأشار غلاب إلى أن خيار الحوثيين مازال استمرار الحرب التي تمليها التوجهات الإيرانية، إلى جانب خشية الحوثيين من الانتقال إلى الحل السياسي والذي يمثل من وجهة نظرهم استهدافا مباشرا لمشروعهم ببعده المحلي والداخلي، انطلاقا من رؤية حوثية مفادها أن “اجتياح مأرب بداية لتفكيك الشرعية وإنهاء المبادرة السعودية ومسار لا بد منه لفرض أنفسهم كسلطة أمر واقع لا يمكن تجاوزها بأيّ ضغط خارجي”.
ولفت إلى تركيز الميليشيات الحوثية في هذه المرحلة على أمرين لا ثالث لهما، الأول “تعظيم المأساة الإنسانية في اليمن وتحويلها إلى مرتكز لإضعاف الآخرين باعتبارها مصدر قوة لابتزاز الداخل والخارج في الوقت نفسه، أما الأمر الثاني فهو تحويل اللقاءات المتعددة والجهود الدولية والأممية إلى عامل إضعاف للشرعية والمبادرة السعودية مع الاستمرار في تحركاتها الميدانية وإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة على السعودية”.
ويعمل الحوثي وفقا لمسارين منفصلين تماما، بحسب مراقبين للشأن اليمني، حيث يكسب الجناح السياسي التفاوضي الذي يمثله محمد عبدالسلام المزيد من الوقت، في حين يواصل الجناح العسكري والعقائدي المهيمن على قرار الجماعة الحوثية تعزيز مكاسبه على الأرض.
وتؤكد العديد من الشواهد تمسّك الحوثيين بإكمال مخططهم العسكري للسيطرة على شمال اليمن في منأى عن أيّ تصريحات سياسية يتم تسويقها عبر وفدهم التفاوضي، إضافة إلى الإصرار على وضع قرارهم السياسي في خدمة الأجندة الإيرانية ولصالح مفاوضات طهران المرتقبة مع المجتمع الدولي حول الملف النووي الإيراني.
ويمضي الحوثيون قدما في الهجوم على محافظة مأرب متجاهلين كل النداءات الدولية لوقف العمليات العسكرية التي تهدد حياة الملايين من النازحين في المحافظة، والتي تتعرض لقصف متواصل طال في الآونة الأخيرة مخيمات النازحين بهدف إجبارهم على النزوح مرة أخرى.
ويستبعد الباحث اليمني سعيد بكران في تصريح لـ”العرب” استعداد الحوثيين لوقف هجومهم نحو مأرب، مدفوعين باعتقاد أن خطوة كهذه يجب أن تكون ضمن إطار أكبر من وقف إطلاق النار.
وأضاف “لن يتنازل الحوثيون عن ورقة استمرار الهجوم على مأرب دون مقابل مهم وذي تأثير ووزن سياسي وعسكري للجماعة ولحليفتها إيران وعودة المبعوث الأميركي لبلاده دون ظهور أيّ بوادر تقدم في مفاوضات مسقط علامة على ما يمكن أن نسميه التعثر والفشل لهذه الجهود”.
ويرجح بكران أن التعثر الذي شهده مسار المفاوضات اليمنية مرتبط إلى حد كبير بالملف الإيراني وخاصة الملف النووي الذي “قد يتحول الفشل أو التعثر الذي كان عليه الحال في الأيام الماضية إلى حلحلة في الموقف وربما اقتراب من تفاهمات مّا في حال حصلت إيران من الإدارة الأميركية على ما تطمح إليه وبالتالي قد ينعكس ذلك على مفاوضات مسقط”.