الأحزمة الحوثية.. مخطط إيراني لتغيير ديموغرافية اليمن
يراهن الحوثيون منذ احتلالهم محافظات في اليمن، على كسب الوقت لإحداث تغيرات ديموغرافية في التركيبة السكانية شمالي اليمن، لا سيما صنعاء.
وعلى أثر ذلك وسعت المليشيا الحوثية الإرهابية من نشاطها السياسي والاجتماعي والمذهبي، منذ الانقلاب في 2014 وتحديدا السنوات الأخيرة والتي تزامنت مع حراك دولي وأممي لإحلال السلام في اليمن.
وتسعى المليشيا إلى تشييد بنية تحتية سكانية لمشروعها الطائفي في المجتمعات السكانية الرافضة لمخططاتها الإيرانية عقب فشلها في تركيع اليمنيين بقوة السلاح.
ويعد ما يسمى بمخطط “الأحزمة الطائفية الحوثية” وبناء تجمعات سكانية والتي تنفذه مليشيا الحوثي بدعم وتسهيلات من النظام الإيراني، سيما في صنعاء، أحدث وأخطر حروبها المدمرة الموجهة ضد التركيبة السكانية لإحداث تغيرات ديموغرافية في مدن شمال اليمن.
وحسب مصادر يمنية، فإنها تستهدف “بناء هوية وبيئة جديدة تدافع عن مشروع إيران والحوثيين في المدى البعيد من خلال إعادة توزيع السكان وفقا لرغبة المليشيا وتشكيل هوية جديدة نافذة في صنع القرار اليمني”، وفقًا لموقع العين.
وأشارت المصادر إلى أن “مليشيا الحوثي استكملت تشييد الحزام الطائفي لتطويق صنعاء، وهو مخطط حوثي نشأ تدريجيا عبر تشييد مجتمعات سكانية للعائلات السلالية القادمة من صعدة وإحلالها في المناطق المنتشرة على المداخل الأربعة للعاصمة ومحيطها”.
وبدأت مخططات التغيير الديموغرافي الحوثي قبل أكثر من عقدين بشكل سري في صعدة وعمران وصنعاء وحجة، إلا أنها عقب الانقلاب أواخر 2014 تصاعدت تدريجيا خاصة في العام الجاري 2020 عقب دخول السفارة الإيرانية بصنعاء على خط المواجهة ورسمها خارطة طريق ديموغرافية للمليشيات، طبقا للمصادر.
ولا تتوقف مخططات التغييرات السكانية السياسية والاجتماعية، عند الأحزمة الحوثية عبر بناء مجتمعات جديدة على أنقاض المجتمعات الأصلية، بل تغلغلت في السلطة التنفيذية والقضائية من خلال تعيين عناصرها في كل مفاصل الدولة وإحلالهم بدلا عن آلاف الموظفين الذين تم تجويعهم ونهب مرتباتهم.
كما فككت الجيش اليمني وشيدت على أنقاضه مليشيات طائفية تدين بالتبعية المطلقة لنظام ولاية الفقيه وأجندته الإرهابية.
والأكثر خطورة، حسب تقارير رسمية في التغيير الديموغرافي، ارتفاع وتيرة النشاط المذهبي والفكري والمتمثل بمنح السفارة الإيرانية صلاحيات لفرض تعليم “اللغة الفارسية” في الجامعات اليمنية وتحويل المدارس الحكومية إلى “حوزات طائفية” لجعل اليمنيين أمام تتابع أجيال من المتطرفين.
ولتعويض قلة عددها والذي يمثل أقل من 5% في المجتمع اليمني، اتجهت مليشيا الحوثي لإحداث تغيرات عميقة في بنية المجتمع اليمني واستقطاب أبناء القبائل عبر إيفاد مئات الشباب للدراسة في الحوزات الإيرانية والعراقية واستغلال الفعاليات الثقافية والأدبية للترويج لأفكارها المتطرفة وفرض الطقوس المذهبية الإيرانية المنافية لعقيدة وثقافة اليمنيين.
حوثنة اليمن
وكثفت مليشيا الحوثي العيديد من الأنشطة الطائفية لتغير هوية المناطق الأكثر حضورا في المشهد السياسي كمحافظة تعز وفي المشهد القبلي والاجتماعي كقبائل طوق صنعاء، في مخططات دفعت الحكومة اليمنية لمطالبة المجتمع الدولي للخروج من دائرة الصمت ورفض إهدار الحوثيين لفرص السلام لكسب الوقت وتنفيذ مخططاتهم.
وقال وزير الإعلام والثقافة والسياحية في الحكومة اليمنية الجديدة، معمر الإرياني، إن “مليشيا الحوثي تواصل بدعم وتخطيط إيراني مخطط (حوثنة اليمن)، عقب رفض اليمنيين لمشروعها الطائفي وفشلها في السيطرة على البلد وتركيع الناس بالقوة والسلاح والإرهاب المنظم”.
وأوضح الوزير اليمني في سلسلة تغريدات عبر حسابه بموقع “تويتر”، أن “مليشيات الحوثي تحاول إحداث تغييرات ديموغرافية في التركيبة السكانية والسياسية والاجتماعية اليمنية لفرض مشروعها الانقلابي”.
وأشار إلى أن هذا المخطط يقوم على كسب الوقت لاستكمال بناء جيش عقائدي مرجعيته طهران، وبناء حزام طائفي حول العاصمة صنعاء، والتغلغل في الدولة والمجتمع، ونشر فكرها الإرهابي وطقوسها المذهبية المستوردة من إيران.
ودعا الإرياني اليمنيين إلى “ضرورة توحيد الجهود الوطنية في معركة التصدي للمشروع الإيراني وأداته الحوثية، والدفاع عن هوية اليمن وحاضر ومستقبل اليمنيين ورفع صوت المطالبة بتصنيف المليشيا جماعة إرهابية”.
دلالات التغيرات
ويعكس المخطط الحوثي فداحة التهاون مع الخطر الذي تمثله المليشيا والثمن الباهظ التي تدفعه اليمن كل يوم في ظل تراخي وصمت المجتمع الدولي عن استغلالها للسلام كفرصة لتكريس مشروعها الانقلابي الطائفي المدعوم إيرانيا.
ويعتقد خبراء في تصريحات لـ”العين الإخبارية” أن تصاعد الأنشطة الطائفية الحوثية ومخططات تغيير التركيبة السكانية في شمال اليمن ذات الكثافة السكانية الأكبر تخفي وراءها دلالات متعددة، وتظهر حجم تعسر مهمة جمع المقاتلين من أبناء القبائل وعدم جدوى الضغوط والترهيب، فلجأت للحرب الناعمة لتغيير عقيدة قبائل طوق صنعاء وصناعة أجيال أكثر تبعية وانقيادا لأجندتها.
فيما تستهدف من توسيع نشاط التعليم الديني في محافظات إب والحديدة ومناطق تعز غير المحررة إيجاد حضور مذهبي وطائفي لها في مناطق لا تملك فيها حاضنة شعبية كي تصبح لاحقا امتدادا لمشروعها في كل الجغرافيا اليمنية بمفاهيم دينية من مخرجات مؤسس الحوثية والمراجع الطائفية في إيران والعراق وجنوب لبنان.
ويجمع الكثير من اليمنيين أن المخططات الحوثية الطائفية لتغيير التركيبة السكانية تشكل خطرا بالغا على فرص السلام وأنه لم يعد من خيار أمامهم إلا تقديم نموذج دولة في المناطق المحررة والاتجاه لاستعادة مناطق شمال اليمن عسكريا قبل استفحال الكارثة.