الجوع طرق أبوابهم.. لبنانيون يقايضون أغراضهم الشخصية مقابل “كسرة خبز”
أجبر التدهور السريع للاقتصاد في لبنان أناساً على اتخاذ قرارات لم يكونوا يتوقعونها، لضمان بقائهم على قيد الحياة، ووصل الحال ببعض اللبنانيين إلى بدء مقايضة ممتلكاتهم الشخصية مقابل الحصول على حفنة من الغذاء، في وقت يعيش فيه 60% من اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقاً لبيانات البنك الدولي.
وفيما بدأت تظهر صفحات كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعى يعرض خلالها المواطنون أغراضهم للبيع من المفروشات والأدوات الكهربائية وحتى الألبسة والأحذية، لجأ اللبنانى حسن حسنة إلى إنشاء صفحة خاصة تحت اسم “لبنان يقايض” بهدف تسهيل هذه المهمة أمام اللبنانيين، وكى تكون فرصة للذين يريدون تقديم المساعدات إلى العائلات المحتاجة.
ومن بين هذه الصفحات صفحة “لبنان يقايض” على فيسبوك والتى وصل عدد أعضائها خلال أيام قليلة لحوالى 13 ألف شخص، أن الفكرة هى نتيجة الوضع الاقتصادى الصعب الذى يعانى منه اللبنانيون، حيث فقد الكثير منهم أعمالهم أو باتوا يحصلون على نصف راتب فى وقت ارتفعت الأسعار إلى مستوى غير مسبوق، ما حال دون قدرتهم على شراء حتى المواد الغذائية الأساسية.
ولاقت الفكرة تجاوبا مع عدد كبير من اللبنانيين، فبحسب الصفحة: “هناك الكثير من المواطنين الذين يملكون أغراضا فى منازلهم يستطيعون الاستغناء عنها والاستفادة منها فى الوقت نفسه بالحصول على المواد الغذائية، وإضافة إلى ذلك، هناك أشخاص ليسوا بحاجة لهذه الأغراض ويفضلون التبرع بها وتقديمها للمحتاجين، وهذا ما تحقق عبر هذه الصفحة التى باتت مساحة لهذه الفئات”.
ويبدو أن فكرة المقايضة ستتحول إلى عملية رائجة فى لبنان، لا تقتصر على مبادلة أشياء أو أغراض إنما قد تكون مقابل خدمات، كأن يقدم سائق خدمة توصيل أو تأمين أى خدمة مقابل الحصول على المواد الغذائية.
ويعانى لبنان من أزمة اقتصادية حادة غير مسبوقة لم تستثن أى فئة اجتماعية تحولت إلى موجة غلاء غير مسبوق، وسط أزمة سيولة حادة وشحّ الدولار.
وخسر عشرات آلاف اللبنانيين منذ الخريف مصدر رزقهم أو جزء من مداخيلهم جراء الأزمة التى دفعت مئات الآلاف للنزول إلى الشارع منذ 17 أكتوبر الماضى ناقمين على الطبقة السياسية التى يتهمونها بالفساد والعجز عن إيجاد حلول للأزمات المتلاحقة، وفاقمت تدابير الإغلاق العام التى فرضها انتشار فيروس كورونا المستجد الوضع الاقتصادى والمعيشى سوءاً.
وتسبّب ذلك بارتفاع معدل التضخم فى بلد يعتمد على الاستيراد إلى حد كبير، وسجلت أسعار المواد الغذائية ارتفاعا جنونياً تجاوز 72% من الخريف حتى نهاية مايو الماضي، وفق جمعية حماية المستهلك غير الحكومية.
وجعلت الأزمة قرابة نصف السكان يعيشون تحت خط الفقر وفق البنك الدولي، مع توقّع خبراء اقتصاديين إضمحلال الطبقة الوسطى فى بلد كان حتى الأمس القريب يُعرف باسم “سويسرا الشرق” ويشتهر بمرافقه وخدماته ومبادرات شعبه الخلاقة.
وبحسب عاملين فى منظمات إغاثية ومتطوعين، فإن عائلات كثيرة كانت قادرة على تأمين قوتها اليومى باتت اليوم عاجزة عن تأمين أبسط المتطلبات من خبز وطعام ودواء مع خسارة أفرادها عملهم أو قدرتهم الشرائية.