الكمامات النحاسية.. تمنع نشر المرض وتحمي من كورونا بنسبة 99.95 ٪
بعد مرور بضعة أشهر على تفشي جائحة الفيروس التاجي المستجد كورونا في جميع أنحاء العالم، أصبح ارتداء الكمامات الطبية القماشية أسلوب حياة للعديد من الأشخاص، ويوصي خبراء الصحة العامة بارتدائها لأنها تمنع نشر أي مرض، ولكنها صارت عبئا، وذلك بسبب أنها غير قابلة لإعادة الاستخدام، لذا فكرت بعض الشركات في ابتكار نوع جديدا من الكمامات، عبارة عن كمامات نحاسية..
ولكن هل هذه الكمامات مؤثرة؟
الجواب معقد، إذ يقول مايكل شميت، أستاذ علم الأحياء الدقيقة والمناعة بجامعة ساوث كارولينا الأمريكية الطبية، الذي درس استخدام النحاس في المنتجات الطبية: “لدي آمال كبيرة في الكمامات النحاسية، ولكن هناك الكثير من الأبحاث التي لا يزال يتعين القيام بها حول فعاليتها”.
لماذا النحاس؟
أفاد زميل الدكتور شميت في جامعة ساوث كارولينا، مارك ويلسون، أنه يمكن للنحاس أن يدمر البكتيريا والفيروسات، إذ يحتوي على أيونات ذات شحنة موجبة تحجز الفيروسات المشحونة سلبًا، ثم تخترق أيونات النحاس الفيروسات، وتمنعها من التكاثر.
كما وجدت دراسة حديثة نُشرت نتائجها في مارس في مجلة “New England Journal of Medicine”، أن النحاس فعال في تعطيل فيروس كورونا التاجي المتسجد في غضون 4 ساعات، بالإضافة إلى أن دراسة أخرى أجريت عام 2010 في المجلة العلمية PLOS One أكدت أن أقنعة النحاس تحد من انتشار الإنفلونزا، بحسب موقع “today” الأمريكي.
تاريخيا، اُستخدم النحاس في مقابض أبواب المستشفيات للحد من انتشار المرض، ويشير شميت إلى صاحب الفضل في إدخال النحاس في الطيب، شركة Cupron الأمريكية، التي اخترعت نسيجًا يحتوي على النحاس قبل أكثر من عقد من الزمان، وحولته إلى شراشف وأغطية وسادات في المستشفيات.
وكانت عالمة الأحياء الدقيقة في جامعة ماساتشوستس أمهيرست الأمريكية، فيليس كون، من أوائل المدافعين عن استخدام النحاس في المستشفيات، وطورت قناعًا مصنوعًا من شبكة نحاسية بنسبة 99.95 ٪، وتبيعه على موقعها الإلكتروني مقابل 25 دولارًا، بعدما أعلنت جامعتها رسميا توصلها لهذا الابتكار.
والآن، مع انتشار الفيروس التاجي في جميع أنحاء الكوكب، أُجبر الناس على ارتداء الكمامات، وتفكر المزيد من الشركات في دمج النحاس في الأقنعة، وبدأت شركات مثل Atoms الناشئة للأحذية، وThe Futon Shop، وشركة تكنولوجيا تدعى Argaman، بيع كمامات النحاس، التي تكلف ما بين 10 دولارات و70 دولارًا للواحدة، وفقا لموقع مجلة “fastcompany” الأمريكية.
ويؤكد شميت على أن “هذه الأقمشة التي تدخل في صناعة كمامات النحاس موجودة منذ بعض الوقت، ولكن انتشار فيروس كورونا هو الذي جعلها تخرج للساحى مرة أخرى”.
ويأتي رأي الدكتور ويليام شافنر، المدير الطبي للمؤسسة الوطنية الأمريكية للأمراض المعدية في بيثيسدا بولاية ماريلاند، مخالفا، إذ يعتقد أنه من الغريب أن نظن أن كمامات النحاس أفضل من الكمامات العادية، ولكنه أيضا اعترف بخصائص النحاس المضادة للفيروسات” ، بحسب موقع “today”.
كيف يكون قناع النحاس أفضل؟
في الوقت الحالي، معظم الأقنعة ليست مثل كمامات N95، التي تخلق ختمًا مثاليًا حول وجه مرتديها، بل أقنعة قماشية فضفاضة، تسمح للجسيمات بالدخول من خلال الفجوات في الجانب، وهذه الأقنعة غير مصممة للأشخاص المعرضين لخطر كبير.
وتعتمد فعالية القناع على كمية النحاس الموجودة فيه، كما يقول شميت، إذ إن جزيئات الفيروس صغيرة جدًا، لذلك تحتاج إلى مواجهة النحاس بالفعل لتعطيله، وأفضل الأقنعة النحاسية تحتوي على نحاس مدمج في كل الألياف، وليس فقط على طبقة واحدة مضمنة داخل القناع.
هل يمكن غسلها؟
إحدى فوائد الأقنعة النحاسية هي أن العديد منها قابل للغسل، وعلى الرغم من اختلاف التفاصيل المحددة للغسيل، يمكن غسل العديد من الأقنعة النحاسية بشكل متكرر دون تقليل فعاليتها.
وهذا أحد الأسباب التي تجعل بعض المستشفيات حريصة جدًا على الحصول عليها، لأنه من الصعب شراء معدات وقاية شخصية جديدة في الوقت الذي يوجد فيه نقص عالمي، وباستخدام هذه الأقنعة النحاسية، يمكن لعمال المجال الطبي الاحتفاظ بها لسنوات وستكون فعالة بنفس القدر.
شميت يرى أنه إذا تم تقييم النسيج النحاسي علميًا، فقد يكون ذلك تحسينًا مهما في نشر استخدامه، لأن المشكلة هي أن معظم أقنعة النحاس في السوق لم يتم دراستها.
تمت دراسة أقنعة النحاس من شركة Cupron فقط، وتتوفر حاليًا للمؤسسات فقط للشراء، وجرى تسجيلها من قبل وكالة حماية البيئة الأمريكية، لذلك يعتقد شميدت أنها جديرة بالثقة، ولكن معظم أقنعة النحاس الأخرى التي ظهرت لم تخضع للاختبار، ويحذر شميت: “لم تتبع العديد من الشركات التي تبيع أقنعة النحاس النهج الصارم لتسجيل منتجاتها أو إجراء دراسات لتقييم أقنعةها، ويمكن أن يكونوا مجرد مقلدين سيئين لقناع كوبرون”.