صفر إصابات بكورونا في دور رعاية المسنين بهونغ كونغ
اجتاحت جائحة “كورونا” دور رعاية المسنين في أوروبا والولايات المتحدة، مما أسفر عن وفاة عشرات الألوف من كبار السن، مع تسجيل إسبانيا وحدها وفاة 18 ألفاً وفقا لصحيفة “إل باييس”، لكن هونغ كونغ، في المقابل، لم تسجل وفاة واحدة داخل دور رعاية المسنين بـ “كوفيد-19″، وهذا النجاح الذي يسجل لهونغ كونغ تعلمته بصعوبة تلك المدينة قبل عقدين من الزمن، وفقاً لصحيفة “إندبندنت” البريطانية.
فقد سبق للمدينة أن واجهت فيروساً تاجياً من قبل، ففي عام 2003، أصبحت مركزاً لتفشي فيروس “سارس”، مما أودى بحياة 299 شخصاً، ما يمثل 40% من إجمالي عدد الوفيات بـ “سارس” في العالم. وكما هو الحال مع كوفيد-19، كان كبار السن الأكثر عرضة للإصابة بـ “سارس”، حيث اجتاح الفيروس 54 مركز رعاية للمسنين، وأودى بحياة أثنين من العاملين فيها.
تنقل “اندبندنت” عن رئيس قسم العمل الاجتماعي والإدارة الاجتماعية في جامعة هونغ كونغ، البرفسور تيري لوم، قوله: “لقد تعلمنا درساً مؤلماً للغاية، ومنذ ذلك الحين كانت دور الرعاية تستعد لتفشي فيروس جديد”.
في 21 يناير 2020، سجلت أول إصابة بالفيروس التاجي لشخص انتقل من ووهان إلى هونغ كونغ، وبعد أربعة أيام، أعلنت الحكومة أنها ستسن حالة طوارئ في إطار بروتوكول التصدي لانتشار الأمراض المعدية، لكن “الأفراد والمنظمات والشركات لم تكن بحاجة لانتظار تعليمات الحكومة” وفقاً للبرفسور لوم، وقد اتخذت دور رعاية كبار السن تدابيرها الخاصة. بدأت اولاً في تحديد مدة إجازات العمال، في سبيل منع العاملين من القيام برحلات عطلة نهاية الأسبوع إلى البر الصيني، وربما العودة بالفيروس. وبعد طلب السلطات من دور رعاية المسنين قياس درجة حرارة الزوار، منعت دور الرعاية دخول الزوار كلياً، وأغلقت أبوابها عن العالم الخارجي بنهاية يناير، وكانت لا تزال هناك 13 حالة مؤكدة في هونغ كونغ في ذلك الوقت.
وفي سبيل وقف انتشار العدوى من المستشفيات الى دور رعاية المسنين، قامت السلطات بعزل أي حالات مؤكدة لمدة تصل إلى ثلاثة أشهر، وأصبح الاختبار متاحاً مجاناً لجميع المرضى الذين تظهر عليهم الاعراض، مع استمرار الحكومة في توسيع قدرتها على إجراء اختبارات للأشخاص الذين لا تظهر عليهم الاعراض.
وقلصت أيضاً دور الرعاية النشاطات الاجتماعية فأوقفت لعبة “ماهجونج” لفترة، والآن بعد نجاح الإجراءات، أصبح كبار السن المترددين حيال ارتداء الكمامات اكثر من سعداء في القيام بذلك والحفاظ على التباعد بين الطاولات من أجل الاستمرار في اللعب.
وساعدت التكنولوجيا في تقليص الشعور بالوحدة ايضاً، مع ترتيب الموظفين مكالمات على واتس آب لكل المقيمين كل أسبوع مع أسرهم. كذلك، وكلما كان الأمر ممكنا، أوقفت دور الرعاية أيضاً نقل المسنين الى المستشفيات للزيارات الطبية، وكان هذا سهل التطبيق لأن سلطات هونغ كونغ بعد “سارس”، عززت قدرة برنامج الأطباء الزائرين لدور الرعاية.
أما بالنسبة الى كمامات الوجه وغيرها من معدات الحماية، فقد كانت أيضا جزءا أساسيا من الاستراتيجية الدفاعية لدور الرعاية. وفيما كان باقي العالم يناقش فعالية الكمامات لأشهر خلال جائحة كوفيد-19، كان خبراء هونغ كونغ قد دعوا الى استخدامها منذ سنوات، وقد اتبعها سكان هونغ كونغ من دون أي من مقاومة كالتي شهدها العالم في أماكن أخرى، يفيد البرفسور لوم. وقد أدى تبني الكمامات في وقت مبكر من تفشي الوباء، على الحد بشكل كبير او خفض معدلات الارتفاع اليومي للإصابات، على الرغم من أن بعض المناطق لم تكن لديها تدخلات قوية أخرى، مثل تعقب الاتصالات أو الاختبارات، وفقاً لأحد الخبراء.
وقد وجدت استطلاعات الرأي أن 7 من أصل 10 من سكان هونغ كونغ كانوا يرتدون كمامات الوجه في يناير بالفعل، على الرغم من أن الرئيس التنفيذي للمدينة، كاري لام، أمرت مسؤوليها بالتوقف عن ارتدائها، ووفقا لدراسة أخرى كان 96.6% من السكان تقريباً يرتدون كمامات بحلول بداية أبريل. وعلى الرغم من أن إمدادات الكمامات بدأت تنفذ بسرعة، إلا أن معظم دور الرعاية كان يحتفظ بمعدات حماية من شهر إلى ثلاثة أشهر.
والأهم وفقاً للبرفسور لوم هو أن عمال الصحة في هونغ كونغ أدركوا أنه من الضروري منع كوفيد-19 من التفشي بين كبار السن، ليس فقط لأنهم الأكثر عرضة للمرض، ولكن لأن من شأن ذلك ألا يرهق نظام الرعاية الصحية.
فإذا كان هناك من درس يمكن تعلمه، براي البرفسور لوم، فهو: “إن حماية المسنين من الفيروس هو حماية لنظام الرعاية الصحية الذي يحمي الجميع”.