لماذا ابتلع الحوثي لسانه عن أحداث الجنوب واختفت «السيادة المزعومة»؟

تتزايد التساؤلات في الأوساط السياسية والإعلامية حول سبب صمت مليشيا الحوثي الإرهابية، وزعيمها عبد الملك الحوثي، تجاه التطورات المتسارعة في حضرموت والمهرة، في وقت لا يتردد فيه الخطاب الحوثي في التباكي على قضايا خارج الحدود اليمنية، وتقديم نفسه كمدافع عن شعوب أخرى، بينما يلتزم الصمت المريب إزاء ما يجري داخل الأرض اليمنية نفسها.

آراء باحثين سياسيين ومحللين يرون أن هذا الصمت ليس عارضاً ولا تكتيكاً مؤقتاً، بل يعكس مأزقاً حقيقياً تعيشه الجماعة الحوثية في هذه المرحلة، إذ أن أي تعليق علني من عبد الملك الحوثي على ما يحدث في حضرموت والمهرة سيضعه أمام استحقاق لا يستطيع تحمله، يتمثل في إعلان مواجهة مباشرة مع السعودية والإمارات والمجلس الانتقالي الجنوبي، وهو ما لم تعد الجماعة قادرة عليه بعد المتغيرات الإقليمية والدولية الأخيرة.

ويشير مختصون إلى أن الحوثي بنى خطابه لسنوات على ادعاء حماية السيادة اليمنية ومنع تمزيق البلاد، غير أن المجلس الانتقالي الجنوبي، على محافظات استراتيجية دون أي رد فعل حوثي، تكشف حجم التناقض بين الشعارات والممارسة، وتؤكد أن الجماعة تعيش حالة ضعف غير مسبوقة، مرتبطة بتراجع ما يسمى بمحور المقاومة، وسقوط رهاناته الإقليمية، وانكشافه عسكرياً وسياسياً.

ويرى محللون عسكريون أن الجماعة الحوثية تدرك أن فتح جبهة جديدة أو التصعيد ضد الانتقالي أو دول التحالف سيؤدي إلى انهيار سريع لقدراتها، خصوصاً في ظل هشاشة الجبهة الداخلية، وتآكل الحاضنة الشعبية في مناطق سيطرتها، وتراكم الأزمات المعيشية، وهو ما يفسر لجوءها إلى الصمت بدلاً من الخطاب التصعيدي المعتاد.

فرصة نادرة
ويذهب باحثون إلى أن هذا الواقع يخلق فرصة نادرة أمام القوى اليمنية المناهضة للحوثي، تشمل الشرعية، والمجلس الانتقالي، وقوات طارق صالح، والقوى العسكرية في مأرب، لتوحيد الجهود وتوجيه المعركة نحو صنعاء، معتبرين أن لحظة الضعف الحالية للجماعة قد لا تتكرر، وأن تأجيل الحسم يمنح الحوثيين وقتاً لإعادة ترتيب صفوفهم وتطوير قدراتهم الصاروخية والعسكرية.

خبراء قانونيون يؤكدون، أن إسقاط الحوثيين أولاً هو المدخل الوحيد لأي تسوية سياسية أو حوار وطني حقيقي، وأن أي خطوات أحادية لفرض أمر واقع أو إعلان انفصال قبل إنهاء الانقلاب ستظل بلا اعتراف دولي، وستقود إلى سيناريوهات معزولة شبيهة بنماذج فاشلة في المنطقة.

ويرون أن تشكيل سلطة شرعية جديدة من داخل صنعاء، يعقبها حوار وطني شامل حول شكل الدولة ومستقبلها، هو المسار الذي يمكن أن يحظى بدعم إقليمي ودولي.

ويحذر مراقبون من أن استمرار الصمت الحوثي لا يعني تراجع الخطر، بل يعكس محاولة لكسب الوقت، مؤكدين أن الجماعة، إن تُركت، ستعود أكثر شراسة وقدرة على الابتزاز العسكري والسياسي، بينما الفرصة الحالية، رغم كلفتها، تبقى الأقل ثمناً مقارنة ببقاء سلطة الحوثيين وترسيخ مشروعهم القائم على الشعارات والخداع واستنزاف اليمنيين.

زر الذهاب إلى الأعلى