تهامة تشتعل غضبًا: جرائم الحوثي تدفع القرى للانتفاض… والمعركة الاجتماعية تقترب من الانفجار

شهدت قرية دير حسن شرقي مديرية الدريهمي في محافظة الحديدة، السبت الماضي، حدثًا صادمًا لمسلسل القمع والإرهاب الذي تمارسه مليشيا الحوثي ضد المدنيين.
واقتحمت عناصر مسلحة تابع مليشيا الحوثي الإرهابية المنزل الذي تعيش فيه امرأة مسنة، وأجبرتها تحت التهديد على الظهور في تسجيل مُصوّر يطلب منها نفي ما سبق أن أدلت به من شهادة تؤكد جرائم الاعتقالات وهدم المنازل والاختطافات.
وقاد الاقتحام عدد من العناصر الحوثية المحلية، مدججين بالسلاح، وهددوا المرأة وأبنائها بالاختطاف إن رفضت، وفقًا لشهادة سكان محليون.
المصادر المحلية أكدت، أن الاعتداء الحوثي جاء في سياق حملة قمع واسعة شملت اعتقالات تعسفية لمواطنين من رجال ونساء وشيوخ وحتى أطفال، إضافة إلى انتشار أطقم عسكرية مدعومة بعناصر نسائية من ما يُعرف بـ”الزينبيات”.
في الوقت ذاته، دفعت المليشيا بثلاث جرافات (شيولات) إلى القرية وشرعت في هدم عدد من المنازل، في مشهد مرعب يعكس انتقاماً جماعياً وإرهابًا منظماً ضد السكان.
إشراف الحملة القمعية كان بقيادة قيادي حوثي ينتحل صفة مدير عام شرطة الحديدة، وبمشاركة محليين موالين للجماعة، ما يؤكد أن هذه الجرائم ليست عشوائية، بل مُنظمة وذات بعد تنفيذي من أعلى هرم المليشيا، وفقًا للمصادر ذاتها.
تهامة تحت رحمة السطو ونهب الأراضي والتجنيد القسري
التقرير عن دير حسن ليس الحادث الوحيد، ففي باجل (في تهامة)، تتواصل حملة واسعة من السطو على أراضي السكان الأصليين بحجة أنها تابعة للدولة، وفق اعتراف مسؤول محلي.
معدات هندسية حوثية دخلت لمسح أراضٍ تملكها قبيلتان محليتان، في منطقة “باب الناقة”، مع حماية أمنية مسلحة، وتهديد بالسجن أو الإخفاء القسري لكل من يعترض.
وتمت عملية السطو تحت إشراف مباشر لمنتحل منصب مدير المديرية التابع للحوثيين، الأمر الذي يكشف أن المؤسسة الأمنية في المناطق الخاضعة للحوثيين تحولت إلى ذراع لتنفيذ عمليات نزع الأراضي وتهجير السكان بالقوة.
إلى جانب ذلك، تحاول المليشيا فرض جبايات والتجنيد القسري على سكان تهامة، حيث فرضت على عدد من مشايخ الدين والدعاة الحضور القسري إلى مدينة زبيد، لتجنيدهم بالقوة ودفعهم إلى توظيف منابر المساجد لدعوات التعبئة القسرية نحو الجبهات.
هذا المسار من الاعتقالات، الهدم، السطو على الأراضي، التجنيد القسري والتحشيد، أعاد إشعال غضب شعبي واسع في تهامة، كما يتضح من الاحتجاجات والاستنكار الذي طال ممارسات الحوثيين.
لماذا الآن؟
يقول خبراء في الشأن اليمني، إن ما يحدث ليس “هجومات أمنية” عشوائية، بل عملية ممنهجة تسعى إلى تهجير السكان الأصليين وطمس هوية المناطق التي تقطنها تهامة، من خلال نزع الأرض والترويع والإرهاب.
ويقول المحللون، إن هدف المليشيا الحوثية من تلك الحملات، تهدف إلى تفكيك بنية المجتمع المحلي القبلية والاقتصادية، وتجريد الأهالي من مظلة حماية مجتمعية، ثم فرض السيطرة الكاملة سواء ميدانيًا أو ديموغرافيًا.
وفي رأيهم، السطو على الأراضي والتجنيد القسري يُعدان جزءًا من استراتيجية طويلة تستهدف تحويل المجتمع المدني في تهامة إلى مجرد خزان بشري وأرض خالية قابلة لإعادة توزيع النفوذ لأشخاص موالين للجماعة، ولذلك ترفض المليشيا أي شهادة أو حقائق تكشف جرائمها، كما يبدو من محاولتها إرغام المسنة على تسجيل “اعترافات” مفبركة تنفي الانتهاكات.
المراقبون يشيرون إلى أن هذا التصعيد يأتي في وقت تُعاني فيه المليشيا من ضعف داخلي وهزات في تنظيمها، بالتزامن مع فشل في التجنيد الطوعي، رفض شعبي واسع في تهامة، وانتقادات داخلية، دفعتها إلى اللجوء إلى الإرهاب والعنف الصريح لقمع المعارضة والمجتمع المدني.
من جهة دولية، دعا خبراء إلى ضرورة تدخل منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة لوقف هذه الانتهاكات قبل أن تحدث كوارث ديموغرافية وإنسانية في تهامة.





