تهديدات الحوثيين تتسع… واليمن يقترب من قرار الحسم العسكري (تفاصيل)

في خطوة تحمل رسائل أبعد من إطار اللقاءات الدبلوماسية الروتينية، شدّد وزير الدفاع اليمني الفريق الركن الدكتور محسن محمد الداعري، خلال لقائه كبير المستشارين العسكريين البريطانيين في الشرق الأوسط والملحق العسكري البريطاني في عدن، على أنّ الحل الاستراتيجي لأمن اليمن والمنطقة هو «هزيمة الميليشيا الحوثية الإرهابية» واستعادة الدولة، في تحول واضح في لغة الخطاب الرسمي الذي كان يركّز خلال السنوات الماضية على مسار السلام بوصفه الخيار الأول.

التصريحات التي أطلقها الداعري حول استمرار إيران في تهريب السلاح والمخدرات للحوثيين، وتحذيره من انخراط الميليشيا في تجنيد عناصر من حركة الشباب الصومالية ومهاجرين أفارقة ضمن عمليات تخادم مع تنظيمات إرهابية، كشفت حجم القلق داخل المؤسسة العسكرية من مسار آخر يتشكل في الخفاء، وتبدو له انعكاسات أمنية إقليمية ودولية تتجاوز حدود اليمن.

ويرى مراقبون أن تشديد الداعري على ضرورة دعم قدرات القوات المسلحة يشير إلى أن الحكومة باتت تعيد تقييم خياراتها، وأنها تتحول من موقع «الدولة التي تنتظر السلام» إلى «الدولة التي تدفع نحو الحسم»، خصوصًا بعد اتساع تهديدات الحوثيين للملاحة الدولية في البحر الأحمر وتزايد الانخراط الإيراني في تقديم الدعم العسكري والتهريبي للميليشيا.

ويعتقد مختصون أن اللغة التي تحدث بها الوزير لا يمكن فصلها عن التحولات الإقليمية، إذ تبدو العواصم المؤثرة في الشرق الأوسط أكثر ميولًا لاحتواء النفوذ الإيراني في المناطق المتوترة.

ومع تصاعد هجمات الحوثيين البحرية، ازداد الضغط الدولي لتأمين الخطوط البحرية الحيوية، وهو ما يمنح الحكومة اليمنية فرصة لبناء تحالف أوسع يساندها عسكريًا وسياسيًا في مواجهة الذراع الإيرانية داخل اليمن.

وبحسب المراقبين، فإن قراءة ما بين السطور تكشف أن الداعري أراد إيصال رسالة مزدوجة، الأولى للداخل بأن الحكومة لم تعد ترى في الحوار غير المشروط طريقًا ممكنًا في ظل استمرار التصعيد الحوثي، والثانية للخارج بأن اليمن مستعد للانخراط في معركة أكبر إذا توفرت له الإمكانيات والدعم اللازم.

وتُفهم هذه الرسالة، وفقًا لمراقبين، في سياق المحادثات العسكرية المتزايدة مع بريطانيا ودول أخرى مهتمة بأمن الملاحة الدولية.

ويشير محللون سياسيون إلى أن المجتمع الدولي بدأ يدرك أن بقاء الميليشيا الحوثية كقوة عسكرية منفلتة يشكل تهديدًا أكبر مما كان يتخيله قبل سنوات، خصوصًا بعد توثيق عمليات التهريب، واتساع علاقاتها بشبكات إرهابية عابرة للحدود، وتحولها إلى أداة إيرانية لزعزعة أمن المنطقة.

ووفقًا للمختصين، إن ذلك، قد يدفع نحو دعم خطوات أكثر صرامة ضد الحوثيين، وصولًا إلى تصنيفهم كجماعة إرهابية بشكل أوسع، وربما دعم عمليات ميدانية لشل قدراتهم العسكرية.

في ضوء هذه التطورات، يطرح السؤال نفسه، هل دخل اليمن مرحلة التحضير لعمل عسكري واسع للقضاء على الذراع الإيرانية؟ الإجابات وفق خبراء هي أن المؤشرات تتزايد، خصوصًا مع تصريحات وزير الدفاع التي جاءت في لحظة حساسة من تصاعد التهديدات البحرية وتنامي النفوذ الإيراني، لكن الحسم يحتاج إلى توافق دولي وإقليمي، وإلى توحيد الصف الوطني خلف رؤية واضحة لاستعادة الدولة.

وفي الوقت الذي يواصل فيه الحوثيون تعزيز ارتباطهم بطهران وتوسيع عمليات التجنيد والتسليح، يتجه اليمن نحو مرحلة جديدة قد تحدد مستقبل الصراع برمته.

تصريحات الداعري، وفق قراءة المراقبين، ليست مجرد موقف عابر، بل بداية إعادة صياغة توجه الدولة نحو خيار المواجهة كطريق لا بد منه لاستعادة الاستقرار، بعد أن أثبتت التجارب أن السلام مع جماعة مسلّحة عابرة للولاءات لا يمكن أن يتحول إلى واقع دائم.

زر الذهاب إلى الأعلى