محللون: الحوثي المستفيد الأول من أي انقسام في حضرموت

تشهد محافظة حضرموت حالة توتر أمني متصاعدة خلال الأسابيع الأخيرة، مع انتشار وحدات من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في مناطق متفرقة من الوادي والساحل، مقابل استنفار قبلي يقوده حلف قبائل حضرموت بقيادة شخصيات اجتماعية بارزة، وسط مخاوف من انزلاق الأوضاع نحو مواجهة مفتوحة في واحدة من أهم المحافظات اليمنية اقتصادياً وجغرافياً.

وتأتي هذه التحركات بالتزامن مع الاستعدادات المحلية لإحياء ذكرى 30 نوفمبر، ما رفع مستوى الحساسية الأمنية، خصوصاً مع تزايد الشحن الشعبي والمخاوف من استغلال أي فراغ أمني أو خلاف داخلي من قبل مليشيا الحوثي الإرهابية التي تعمل منذ أشهر على تعزيز قدراتها العسكرية استعداداً لعمليات توسعية جديدة باتجاه المناطق المحررة.

وتفيد مصادر ميدانية بأن قوات المجلس الانتقالي كثفت انتشارها خلال الأيام الماضية تحت مبرر تعزيز الأمن ومكافحة الجماعات المتطرفة، في حين يعتبر حلف قبائل حضرموت أن هذه التحركات تهدد خصوصية المحافظة وتتجاوز الإدارة المحلية، ويطالب بضمانات تمنع أي تغيير في منظومة الأمن التي تشكلت خلال السنوات الماضية.

وفي محاولة لاحتواء التوتر، أصدر مجلس القيادة الرئاسي قراراً بتعيين محافظ جديد لمحافظة حضرموت، في خطوة تهدف إلى إعادة ضبط المشهد وفتح قنوات تفاهم بين الأطراف.

ورغم ذلك، لا تزال مؤشرات القلق قائمة، خصوصاً مع التحذيرات من أن استمرار التوتر سيمنح مليشيا الحوثي فرصة ذهبية لاستغلال الانقسام وإيجاد موطئ قدم أو إرباك الجهود العسكرية في الجبهات الأخرى.

وتشير آراء سكان محليين إلى انقسام واضح بين من يرى في تحركات المجلس الانتقالي خطوة ضرورية لترسيخ الأمن وفرض النظام، وبين من يعتبرها محاولة لتوسيع النفوذ على حساب القرار المحلي.

وتؤكد الأصوات الداعية للتهدئة أن حضرموت يجب أن تبقى بعيدة عن أي صراع داخلي وتكون نموذجاً للاستقرار الذي تحتاجه اليمن في هذه المرحلة.

من المستفيد من هذه التحركات؟
يرى محللون استراتيجيون، أن المستفيد الأكبر من التوتر الحالي هو أي طرف يسعى لتثبيت حضوره العسكري والسياسي قبل الدخول في ترتيبات اليمن المستقبلية، فحضرموت تعد رقماً صعباً بحكم مساحتها الواسعة ومواردها النفطية وارتباطها بطرق إمداد مهمة.

أما المحللون السياسيون فيؤكدون أن التحركات الأخيرة تعكس سباقاً لإعادة التموضع داخل المحافظات المحررة، وأن كل طرف يحاول الإمساك بزمام النفوذ قبل أي تسوية دولية أو تحول مفاجئ في مسار المواجهة مع الحوثيين.

ويذهب محللون عسكريون إلى أن هذه التحركات تمنح الأطراف المحلية قدرة أكبر على المناورة مستقبلاً، خصوصاً أن حضرموت تعتبر خط دفاع شرقي استراتيجي، والسيطرة عليها أو تعزيز النفوذ فيها يوفر ميزة عسكرية وسياسية لا يمكن تجاهلها في أي مرحلة تفاوضية قادمة.

لماذا الآن؟
يرى محللون استراتيجيون أن التوقيت مرتبط مباشرة باستعداد مليشيا الحوثي الإرهابية لعمليات هجومية واسعة ضد المناطق المحررة، وهو ما يدفع الأطراف في حضرموت إلى إعادة ترتيب صفوفها على الأرض لتجنب الدخول في مواجهة الحوثي وهي في حالة انقسام.

ويضيف المحللون السياسيون أن الحوثي يستفيد من أي توتر داخلي داخل معسكر الشرعية، ويعمل على تغذية الانقسامات عبر تضخيم الخطاب الإعلامي والدفع بتحركات سرية لخلق مخاوف بين الأطراف المحلية، في محاولة لإرباك الجبهة المناهضة له ومضاعفة الضغط عليها.

ويقول محللون عسكريون، إن أي فراغ أمني أو صراع داخلي في حضرموت سيتيح للحوثي استغلال الثغرات للتسلل أو توسيع نفوذه، خاصة أنه ينظر إلى المناطق النفطية والموانئ الحيوية باعتبارها أهدافاً ذات أولوية في أي خطة توسعية مستقبلية.

زر الذهاب إلى الأعلى