من يساعد اليمنيين أصبح هدفًا… الحوثيون يدخلون المنظمات الدولية مرحلة «الإخضاع بالقوة»

أفادت مصادر إعلامية بأن مليشيا الحوثي لا تزال تحتجز أحد العاملين الإنسانيين في منظمة “أطباء بلا حدود” منذ الخامس من نوفمبرالجاري، بعد يوم واحد فقط من اقتحام مسلحين تابعين للجماعة مقر المنظمة في الحي السياسي وسط العاصمة صنعاء.
وبحسب الصحفي فارس الحميري، فإن الجماعة اعتقلت محمد القاسمي، نائب المنسق اللوجستي للمنظمة، واقتادته إلى جهة مجهولة، فيما يشهد مقر “أطباء بلا حدود” شللًا شبه تام في أنشطته الإنسانية منذ الحادثة، وسط غياب أي مؤشرات على نية الحوثيين الإفراج عنه أو السماح للمنظمة باستئناف عملها بصورة طبيعية.
مصادر حقوقية أكدت أن الحادثة تأتي في سياق ضغوط متصاعدة تمارسها المليشيا على المنظمات الدولية العاملة في صنعاء، حيث تُحمّل الجماعة هذه المنظمات مسؤولية “تراجع التمويل” وتحاول فرض شروط تشغيلية تُمكّن مشرفيها الأمنيين من التحكم المباشر في حركة المنظمات وبياناتها ومشاريعها.
ويرى مراقبون أن استمرار احتجاز القاسمي ليس مجرد واقعة أمنية معزولة، بل خطوة محسوبة تهدف إلى تحقيق عدة أهداف متداخلة.
وأوضح المراقبون أن من أههداف المليشيا من خلال الحملة ضد المنظمات الدولية، هو للضغط من أجل إجبارها على قبول ترتيبات جديدة تتعلق بآليات العمل وتحديد أماكن المشاريع وتوجيه التمويلات بما يخدم أجندة الحوثيين السياسية والاقتصادية، خصوصًا مع تضاؤل المساعدات في 2024–2025 وإصرار الجماعة على تعويض ذلك عبر السيطرة على عمليات التوزيع.
إضافة إلى إرسال رسالة ردع للمنظمات التي تبدي مقاومة لمحاولات الاختراق أو التي ترفض تسليم بيانات المستفيدين أو قوائم الموظفين المحليين، وهو ما تعتبره الجماعة “مساسًا بالسيادة”، بينما تراه المنظمات مخالفة لمعايير الحياد.
واستثمار ورقة الاحتجاز في صراع الأجنحة داخل الجماعة، حيث تسعى قيادات نافذة في جهاز الأمن والمخابرات إلى إثبات قدرتها على ضبط المنظمات الدولية والتحكم في مسارها، في ظل تنافس داخلي على الملف الإنساني الذي يعد من أكثر الملفات ربحًا للجماعة.
وكذلك ابتزاز مالي وسياسي، إذ تلجأ المليشيا عادة إلى إطلاق سراح المحتجزين بعد مفاوضات غير معلنة، مقابل تنازلات تشغيلية أو ضمانات تتعلق بتوسيع مشاريع معينة أو التعاقد مع شخصيات محسوبة عليها.
وفي ظل الصمت الدولي وتردد المنظمات في التصعيد، يخشى ناشطون أن تتكرر هذه الحوادث، وأن يتحول العاملون الإنسانيون إلى رهائن تفاوضية، في وقتٍ يعيش فيه ملايين اليمنيين على أمل استمرار العمل الإغاثي بعيدًا عن قبضة الجماعة وأجهزتها الأمنية.





