تصعيد في حرب الظل.. إفشال عملية «إرهابية واسعة» وتفكيك خلية مرتبطة بالحوثيين بعدن

أعلنت إدارة أمن محافظة عدن، الأحد، إحباط مخطط وصفته بـ”الإرهابي واسع النطاق”، بعد تفكيك خلية يُشتبه بارتباطها بجماعة الحوثيين.
وأشارت التحقيقات الأولية إلى أن الشبكة كانت تعمل تحت إشراف مباشر من شخص يُدعى أمجد خالد، المتهم بالتنسيق المباشر مع الجماعة.
وبحسب ما أعلنته شرطة دار سعد، فإن عناصر الخلية خضعوا لعمليات تجنيد وتدريب مكثفة داخل مناطق خاضعة لسيطرة الحوثيين، بما في ذلك معسكرات سرية في منطقة الحوبان شرق محافظة تعز.
وشملت برامج التدريب دورات قتالية متقدمة، إلى جانب تعليم تصنيع العبوات الناسفة وتشغيل الطائرات المسيّرة، فضلاً عن دورات تعبئة فكرية نُظمت في صعدة وصنعاء وذمار.
وكشفت السلطات الأمنية أن الخلية كانت تخطط لتنفيذ عمليات تستهدف قيادات أمنية وعسكرية بارزة في عدن، مشيرة إلى أن المعلومات المتاحة تؤكد تلقي المشرف على الشبكة دعماً مالياً منتظماً يضمن صرف رواتب شهرية لعناصره وتغطية تكاليف عملياتهم.
ولفتت الشرطة إلى أن جزءاً من أساليب التمويه المستخدمة تمثّل في توجيه بعض العناصر للعودة إلى عدن وتسليم أنفسهم عبر وساطات محلية، بهدف تسهيل تحركاتهم لاحقاً دون إثارة الشبهات. وأكدت أن اعترافات الموقوفين ستُنشر في وقت لاحق.
والسبت، أعلنت الأجهزة الأمنية في محافظة مأرب، إحباط مخطط وصفته بـ”الخطير”، أعدّه جهاز الأمن والمخابرات التابع لجماعة الحوثيين، عبر خلية تجسسية كانت تستهدف قيادات أمنية وعسكرية داخل المحافظة.
وأوضح الإعلام الأمني في بيان أن قوات الأمن نجحت في ضبط أفراد الخلية المتورطين في التخطيط والتنفيذ، وإفشال جميع المحاولات قبل تحولها إلى تهديد فعلي.
وأشار البيان إلى أن تفاصيل العملية واعترافات عناصر الخلية ستُعرض في الفيلم الوثائقي “النوم بعين واحدة – الجزء الثالث”، المقرر بثّه اليوم الأحد، والذي سيكشف للرأي العام كيفية إسقاط الخلية بجهود استخباراتية.
وأظهر مقطع فيديو نُشر قبل عرض الفيلم جزءاً من اعترافات أحد أفراد الخلية، تحدث خلاله عن أساليب زرع العبوات الناسفة، مؤكداً أن تصنيعها يتم في مصنع خاص بحي ذهبان في صنعاء، يشرف عليه شخص يُدعى البيضاني بمشاركة خبراء إيرانيين.
وأوضح العنصر أن العمل يخضع لإشراف كلٍّ من أبو إدريس المؤيد والغماري، وأن المصنع تابع لجهازي الأمن والمخابرات وهيئة رئاسة الأركان التابعة للحوثيين.
كما كشفت الاعترافات أن أحد عناصر الخلية كان مكلّفاً بمهام استخباراتية متعددة، شملت تصوير المعدات والسيارات القادمة من السعودية، وجمع معلومات عن شخصيات عسكرية ومدنية في مديرية الوادي، إضافة إلى رفع تقارير دورية عن التحركات والتجمعات والتعزيزات واللقاءات المهمة.
البُعد الأمني والعسكري
يرى مراقبون أمنيون أن العمليتين في عدن ومأرب تكشفان عن تطور نوعي في أساليب جماعة الحوثيين الأمنية، حيث لم تعد تقتصر على المواجهة العسكرية المباشرة، بل باتت تستثمر بكثافة في بناء شبكات سرية داخل المناطق الخارجة عن سيطرتها.
ويشير محللون عسكريون إلى أن طبيعة التدريبات التي تلقاها أفراد الخلايا، خاصة في مجال تصنيع العبوات الناسفة وتشغيل المسيّرات، تعكس توجهاً استراتيجياً نحو شنّ حرب استنزاف طويلة الأمد، تستهدف ضرب الاستقرار الأمني والبنية القيادية في المناطق المعادية للجماعة.
ويلفت مراقبون إلى أن استخدام أسلوب “التسليم الطوعي” عبر وساطات محلية، كما حدث في عدن، يمثل تطوراً لافتاً في تكتيكات التمويه، حيث يُمكّن العناصر من الاندماج في البيئة المحلية والعمل بحرية أكبر دون إثارة الشبهات، ما يعقّد مهمة الأجهزة الأمنية في رصد نشاطاتهم.
من الناحية السياسية، يرى محللون أن توقيت الكشف عن هذه العمليات يأتي في سياق تصعيد متبادل بين الأطراف اليمنية، في ظل تعثّر مسارات الحلّ السياسي وتجدد التوترات العسكرية على عدة جبهات.
ويشدد مراقبون على أن استهداف قيادات أمنية وعسكرية في عدن ومأرب، وهما معقلان استراتيجيان لخصوم الحوثيين، يعكس رغبة الجماعة في إضعاف البنية القيادية لخصومها وزعزعة الاستقرار الأمني في مناطق نفوذهم، كجزء من استراتيجية أوسع لفرض واقع ميداني جديد.
ويلاحظ محللون أن الإشارة إلى مشاركة “خبراء إيرانيين” في تصنيع العبوات الناسفة، كما ورد في الاعترافات، تعيد تسليط الضوء على البُعد الإقليمي للصراع في اليمن، وتعزز الاتهامات المتكررة بوجود دعم إيراني للحوثيين، رغم نفي طهران المستمر لهذه الاتهامات.
التحديات المستقبلية
يحذر مراقبون من أن نجاح الأجهزة الأمنية في إحباط هذه المخططات لا يعني انتهاء التهديد، بل يكشف عن وجود شبكات أوسع قد تكون لا تزال تعمل في الخفاء. ويشددون على ضرورة تعزيز التنسيق الأمني بين المحافظات، وتطوير القدرات الاستخباراتية لمواجهة هذا النمط من التهديدات.
ويرى محللون أن المعركة الأمنية الحالية تتطلب استراتيجية شاملة لا تقتصر على الجانب الأمني فحسب، بل تشمل معالجة الأسباب التي تسهّل تجنيد عناصر جديدة، بما في ذلك الأوضاع الاقتصادية الصعبة والانقسامات السياسية، التي تستغلها الجماعة لتوسيع نفوذها وتعزيز شبكاتها السرية.





