المانحون يضخّون 55 مليون دولار لإنقاذ خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن

في الوقت الذي تواصل فيه المليشيا الحوثية حملتها الشرسة ضد المنظمات الأممية والعاملين في المجال الإنساني داخل مناطق سيطرتها، معتبرة تلك الانتهاكات «إنجازات أمنية»، أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) عن تلقي خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن تمويلاً إضافياً بقيمة 55 مليون دولار خلال الأسبوع الأخير، في خطوة تعكس إصرار المجتمع الدولي على مواصلة العمل الإنساني رغم العراقيل الحوثية المتزايدة.
ووفقاً للبيانات الأممية الصادرة في التاسع من نوفمبر الجاري، بلغ إجمالي التمويل المقدم لخطة الاستجابة الإنسانية للعام 2025 نحو 589.9 مليون دولار، بزيادة قدرها 55.1 مليون دولار عن الأسبوع السابق، فيما ارتفع إجمالي التمويل الكلي لليمن من 657.5 مليون دولار إلى 715.5 مليون دولار، تشمل 125.6 مليون دولار خارج إطار الخطة، إلى جانب تعهدات إضافية بقيمة 2.9 مليون دولار.
وبحسب الأمم المتحدة، فإن هذه الزيادة جاءت بدعم من بريطانيا، والمفوضية الأوروبية، وألمانيا، وكوريا الجنوبية، واليابان، غير أن الفجوة التمويلية لا تزال هائلة، إذ لم تحصل الخطة حتى الآن إلا على 23.8% فقط من إجمالي احتياجاتها، البالغة 2.48 مليار دولار لتلبية المساعدات الضرورية لأكثر من 10.5 ملايين يمني خلال العام الجاري.
ويرى مراقبون ومحللون أن هذه التطورات تأتي في ظل حملة غير مسبوقة تشنّها المليشيا الحوثية ضد المنظمات الأممية وموظفيها، وصلت إلى حد تلفيق تهم «التجسس» ضد العاملين الإنسانيين وتحويل الإجراءات الإدارية الروتينية — مثل تنسيق التحركات أو تبادل المعلومات الإنسانية — إلى ذرائع لتوقيف وإعدام موظفين أمميين.
ويعتبر هؤلاء أن هذا التصعيد الممنهج ليس عملاً أمنياً حقيقياً كما تزعم المليشيا، بل جزء من تصفية حسابات داخلية بين أجنحتها المتنازعة على النفوذ داخل صنعاء، ومحاولة لتوجيه الأنظار بعيداً عن الأزمات الاقتصادية والانقسامات المتصاعدة داخل الجماعة.
ويضيف المحللون أن المليشيا الحوثية تسعى من خلال هذه الحملات إلى ابتزاز الأمم المتحدة والجهات المانحة، ودفعها إلى تقديم تنازلات أو تعديل آليات عملها بما يخدم مصالحها السياسية، في حين أن هذه التصرفات تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني وتهديداً مباشراً لاستمرار عمليات الإغاثة في اليمن.
ويرجّح مراقبون أن تؤدي هذه الانتهاكات، إذا استمرت، إلى تقليص حجم التمويل الإنساني الموجه للمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، خصوصاً مع تزايد قلق المانحين من انعدام الشفافية وغياب الضمانات الأمنية للعاملين. كما قد تسرّع من توجه الأمم المتحدة نحو نقل أنشطتها بشكل أكبر إلى المناطق المحررة لضمان وصول المساعدات إلى مستحقيها دون عراقيل أو تدخلات سياسية.
وفي ظل هذا المشهد، يرى المحللون أن ضخّ المجتمع الدولي لـ55 مليون دولار إضافية في هذا التوقيت يحمل رسالة تحدٍ واضحة، مفادها أن العمل الإنساني لن يتوقف مهما حاولت المليشيا الحوثية تحويله إلى أداة صراع أو وسيلة ابتزاز، وأن المجتمع الدولي يدرك تماماً أن أكبر تهديد للمساعدات في اليمن هو سلوك المليشيا الحوثية نفسها، لا الظروف الأمنية أو التمويلية.





