معهد أمريكي: المؤسسات الدولية تُكرّس نفوذ الحوثيين وتمنحهم شرعية الأمر الواقع في اليمن

كشف معهد الشرق الأوسط الأمريكي، في تحليلٍ حديثٍ أن مؤسسات دولية كبرى، بينها الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر، تقع في فخ التعامل مع مليشيا الحوثي بطريقةٍ تُرسّخ سلطتهم على اليمن، وتحوّل العمل الإنساني إلى أداةٍ تمنحهم شرعيةً سياسية بحكم الأمر الواقع.
وأوضح المعهد، في تقرير مطوّل نُشر مؤخرًا من واشنطن، أن الممارسات الإنسانية والدبلوماسية التي تتبناها المنظمات الدولية في مناطق سيطرة الحوثيين “تُسهم بشكل غير مباشر في تعزيز نفوذ الجماعة وإضعاف مؤسسات الدولة اليمنية”.
وأشار إلى أن لقاء رئيسة بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في صنعاء مع مسؤولين حوثيين في سبتمبر الماضي، بعد الغارات الإسرائيلية التي أودت بحياة عدد من وزراء الجماعة، شكّل مثالًا واضحًا على كيفية استغلال الحوثيين للانخراط الدولي في تلميع صورتهم.
وأضاف أن رفض اللجنة نفي التصريحات المنسوبة إليها في وسائل الإعلام الحوثية سمح بتداولها كإقرارٍ دولي بشرعية الجماعة، ما اعتبره المعهد “إحدى ثغرات العمل الإنساني في البيئات الخاضعة لسلطات الأمر الواقع”.
وأكد معهد الشرق الأوسط أن ما حدث في اتفاق ستوكهولم عام 2018 يمثل نموذجًا آخر للفشل الدولي في التعامل مع الحوثيين، إذ أدى الضغط الدولي لوقف معركة تحرير الحديدة إلى “تثبيت سيطرة الجماعة على أهم الموانئ اليمنية”، لتُدمّر لاحقًا بفعل الغارات الإسرائيلية بعد أن استخدمها الحوثيون لإطلاق أكثر من 130 هجومًا على السفن في البحر الأحمر.
وأضاف التحليل أن هذا النمط “يتكرر مرارًا”، فكل تدخلٍ دولي غير مشروط يُفسّره الحوثيون ضعفًا، ويستغلونه لتوسيع سلطتهم وفرض شروطهم على المنظمات العاملة في مناطقهم.
وذكر المعهد أن الأمم المتحدة ومنظماتها “تعمل ضمن إطار يفرضه الحوثيون”، حيث تُدار العمليات الإنسانية من خلال مؤسسات تابعة لهم، وتُوزَّع المساعدات عبر شبكاتهم المحلية، مما يجعل المنظمات الدولية أمام خيارين: إما الانصياع لشروط الميليشيا أو تعليق أنشطتها، وكلا الخيارين يصب في مصلحة الحوثيين.
وأكد التقرير أن الجماعة تستخدم الاحتجاز والابتزاز كأدوات تفاوضية، مشيرًا إلى أن الحوثيين احتجزوا منذ مايو 2024 أكثر من 60 عاملًا إنسانيًا بينهم موظفون في الأمم المتحدة، وأنهم حوّلوا هذه القضايا إلى أوراق ضغط سياسية خلال المفاوضات مع السعودية والأمم المتحدة.
ونقل المعهد عن باحثين غربيين قولهم إن تعامل المجتمع الدولي مع الحوثيين “يشبه النمط الذي أضفى شرعية على حزب الله في لبنان وحماس في غزة”، إذ يؤدي الانخراط الدبلوماسي دون محاسبة إلى تطبيعٍ غير مباشر مع الميليشيات المسلحة.
واختتم معهد الشرق الأوسط الأمريكي تحليله بالقول إن اليمنيين يُتركون اليوم “تحت سلطةٍ ساهم العالم، عن قصدٍ أو غفلة، في ترسيخها”، محذرًا من أن استمرار المقاربة الدولية الحالية سيُبقي البلاد رهينة بيد جماعةٍ مسلحةٍ تُتقن استخدام المعاناة كسلاحٍ سياسي.





