اتهامات لحزب الإصلاح باستخدام نفوذه العسكري لترهيب الأصوات المدنية وتكميم النقاش العام

اتهم عدد من الكُتّاب والباحثين ومراكز دراسات استراتيجية وسياسية، حزب الإصلاح (إخوان اليمن) باستخدام نفوذه العسكري لترهيب الأصوات المدنية وتوظيف المؤسسات الأمنية والعسكرية في صراعات حزبية ضيقة تستهدف الباحثين والإعلاميين المستقلين.

وحذر مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية من تصعيد “تحريضي خطير” تقوده جهات حزبية عبر تشكيلات عسكرية وإعلامية في محافظة تعز، عقب صدور بيان عن محور طور الباحة العسكري تضمّن اتهامات وُصفت بأنها “ملفقة وخطرة” بحق رئيس المركز ماجد المذحجي وعدد من الكتّاب.

وأوضح المركز أن البيان العسكري، الصادر الثلاثاء، زعم وجود “مخطط إرهابي وشيك” يستهدف مدينة التربة جنوبي تعز، وضم اسم المذحجي بين مجموعة من المتهمين المفترضين قبل أن يتم حذف اسمه لاحقًا من النسخة المنشورة في صفحة المحور على موقع “فيسبوك”.

وأشار المركز إلى أن إدراج أسماء مدنيين وباحثين في بيانات رسمية صادرة عن تشكيلات عسكرية يمثل تحريضًا مباشرًا على العنف، ودليلًا على توظيف المؤسسة العسكرية لخدمة أجندات سياسية، محذرًا من تداعيات هذا السلوك على مستقبل الحياة المدنية وحرية الرأي في البلاد.

ووفقًا لما أورده المركز، فإن هذا التصعيد تقوده شخصيات ووسائل إعلام مرتبطة بحزب الإصلاح، الذي يسيطر على معظم التشكيلات العسكرية في مدينة تعز، ويحاول من خلال هذه التحركات الالتفاف على قضية الانفلات الأمني المتفاقم في المدينة، خصوصًا بعد حادثة مقتل افتهان المشهري، مديرة صندوق النظافة والتحسين، برصاص أحد أفراد اللواء 170 دفاع جوي في سبتمبر الماضي.

ويرى مراقبون أن الحملة الأخيرة ضد مركز صنعاء تأتي كرد فعل على افتتاحية نشرها المركز تناولت حادثة مقتل المشهري ودعت الحزب لتحمل مسؤوليته في ضبط عناصره وحماية المدنيين، دون توجيه اتهام مباشر له، إلا أن المقال، كما تشير المعطيات، أثار حملة إلكترونية منظمة شنها ناشطون وصحفيون موالون للإصلاح قبل أن تتحول إلى اتهامات رسمية من قيادة المحور العسكري.

وأكد باحثون وسياسيون أن ما يحدث في تعز يمثل تحولًا خطيرًا نحو عسكرة الخطاب العام وتكميم المجتمع المدني، مشيرين إلى أن استخدام بيانات عسكرية لاستهداف مراكز بحثية وأصوات مستقلة يكشف حجم التضييق على الحريات في مناطق يفترض أنها خاضعة لسلطة الحكومة الشرعية.

وقالوا إن توظيف المؤسسات العسكرية في تصفيات سياسية داخل معسكر الشرعية يضعف ثقة الشارع في تلك المؤسسات، ويؤكد أن الإصلاح يحاول الحفاظ على نفوذه العسكري عبر الترهيب وتشويه الأصوات الناقدة بدلاً من مواجهة قضايا الفساد والانفلات الأمني المتفاقم في المدينة.

ودعا مركز صنعاء مجلس القيادة الرئاسي ووزارة الدفاع إلى التحقيق في ما وصفه بـ”التورط الخطير في توظيف الجيش لترهيب الباحثين والصحفيين”، مطالبًا المجتمع الدولي بإدانة تلك الممارسات التي تهدد البيئة المدنية في اليمن.

كما أشار المركز إلى أن عددًا من باحثيه سبق أن تعرضوا للاعتقال والاعتداء في مناطق سيطرة جماعة الحوثيين، ما يعكس أن العمل البحثي والإعلامي المستقل بات مستهدفًا من جميع الأطراف المسلحة في البلاد.

واختتم المركز بيانه بالتأكيد على أن حملات التحريض لن تثنيه عن مواصلة نشاطه “البحثي المدني والمستقل”، وأن هدفه سيبقى دعم مسار السلام، وتعزيز المساءلة، وبناء دولة مدنية قائمة على القانون لكل اليمنيين.

ويخلص مراقبون إلى أن استهداف حزب الإصلاح للأصوات المدنية المستقلة في تعز يكشف عمق أزمة هذا الحزب مع المفهوم المدني للدولة، ويؤكد أن الإخوان في اليمن ما زالوا يستخدمون السلاح والوصاية الدينية كأدوات لإسكات النقد وإعادة إنتاج الهيمنة تحت مظلة الشرعية.

زر الذهاب إلى الأعلى