الحوثيون يواصلون حملتهم ضد العاملين في المجال الإنساني وسط تصعيد خطير

في موجة جديدة من الاعتقالات التعسفية، نفذت مليشيا الحوثي، السبت 25 اكتوبر 2025، حملة مداهمات استهدفت منازل يمنيين يعملون في منظمات إغاثية دولية بالعاصمة صنعاء، في تصعيد خطير لحملتها الممنهجة ضد العاملين في المجال الإنساني.

وفي واحدة من أبرز الحالات التي كشفت عنها مصادر صحفية، اقتحم مسلحون حوثيون برفقة عناصر من “الزينبيات” شقة سكنية في حي “فج عطان”، واعتقلوا اليمنية حنان الشيباني، الموظفة في قسم الخدمات والبروتوكول ببرنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، واقتادوها إلى جهة مجهولة.

وبحسب ما نقله الصحفي فارس الحميري، فإن الشيباني كانت تعاني من وضع صحي حرج بسبب ولادتها المبكرة ووفاة جنينها قبل أيام، ما يثير مخاوف جدية على سلامتها في ظل ظروف الاحتجاز القاسية التي يفرضها الحوثيون على المعتقلين.

وأوضح أن الشيباني كانت تعيش حالة من الخوف الشديد من تعرضها للاعتقال خلال الفترة الماضية، وهو ما تسبب لها بمضاعفات صحية، خاصة بعد اعتقال الحوثيين عدداً من زملائها في القسم خلال الأسابيع الماضية.

وتجدر الإشارة إلى أن حنان الشيباني هي شقيقة ربيع الشيباني، الموظف في برنامج الغذاء العالمي، والذي أفرج عنه الحوثيون في 11 أكتوبر الجاري بعد أيام من اعتقاله، نتيجة معاناته من فشل كلوي.

وفي سياق متصل، أقدمت مليشيا الحوثي على اقتحام مكتبي المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) في صنعاء، حيث قامت بنهب محتوياتهما ومصادرة المعدات والوثائق.

تأتي هذه الاعتقالات ضمن حملة ممنهجة بدأها الحوثيون في أعقاب الضربة الإسرائيلية التي استهدفت اجتماعاً لقيادات الجماعة في صنعاء في 28 أغسطس 2025، وأسفرت عن مقتل رئيس حكومتهم أحمد غالب الرهوي وتسعة من وزرائه.

واستخدمت الجماعة هذه الحادثة كذريعة لشن حملة واسعة ضد موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية، حيث اتهم زعيم الجماعة عبدالملك الحوثي في خطاب متلفز منظمات أممية، منها برنامج الغذاء العالمي واليونيسف، بالمشاركة في “الدور التجسسي العدواني”، وزعم أن بعض موظفيها ساهموا في تمرير معلومات استخباراتية أدت إلى الاستهداف الإسرائيلي.

وفي 31 أغسطس 2025، نفذ الحوثيون سلسلة من المداهمات على مكاتب الأمم المتحدة في صنعاء والحديدة، واختطفوا العشرات من الموظفين، ورغم الإفراج عن بعضهم، لا يزال أكثر من 60 موظفاً أممياً ومحلياً رهن الاحتجاز، وفقاً لمصادر أممية.

وفي 24 أكتوبر الجاري، اعتقل الحوثيون 7 موظفين يمنيين آخرين يعملون في برنامج الغذاء العالمي والمجمع السكني الأممي بصنعاء، ما رفع حصيلة المعتقلين الأمميين إلى 60 موظفاً.

إدانات دولية وتحذيرات أممية
أدان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش هذه الاعتقالات ووصفها بأنها “خطيرة وغير مقبولة”، مشيراً إلى أنها “تعرض سلامة موظفي الأمم المتحدة والعاملين في المجال الإنساني للخطر، وتقوض عمليات الإغاثة الحيوية”.

كما حذر المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن هانس غروندبرغ من خطورة اقتحام مقرات الأمم المتحدة على عمل المنظمة ومساعداتها الإنسانية، ووصف الاعتقالات التعسفية بأنها “تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية”، مطالباً بالإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين.

من جانبها، أعلنت منظمة “هيومن رايتس ووتش” و24 منظمة حقوقية أخرى أن هذه الاعتقالات تأتي في أعقاب اعتقال عشرات الموظفين من الأمم المتحدة والمجتمع المدني منذ مايو 2024، وضمن حملة قمع مزمنة تشنها السلطات الحوثية على منظمات المجتمع المدني.

تداعيات إنسانية كارثية
دفعت هذه الحملة الأمم المتحدة إلى نقل مقر منسقها للشؤون الإنسانية في اليمن رسمياً من صنعاء إلى عدن، كما علقت العديد من أنشطتها في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ما ينذر بتفاقم الأزمة الإنسانية في اليمن التي تُعد من بين الأسوأ عالمياً.

وقد أنهت عدة دول برامجها الإنسانية في اليمن، كالحكومة السويدية التي أعلنت في نوفمبر 2024 وقف تقديم المساعدات التنموية لليمن، بسبب هذه الانتهاكات المستمرة.

وتحذر منظمات إغاثية من أن استمرار التصعيد الحوثي ضد العاملين في المجال الإنساني سيؤدي إلى انهيار شبه كامل لعمليات الإغاثة في مناطق سيطرة الجماعة، حيث يعتمد ملايين اليمنيين على المساعدات الدولية للبقاء على قيد الحياة.

زر الذهاب إلى الأعلى