الحرس الثوري الإيراني يكرّس وصايته على الحوثيين ويحوّلهم إلى ذراع إقليمية لابتلاع الخليج والقرن الأفريقي

في خطوة تؤكد مجددًا تبعية ميليشيا الحوثي لإيران، أعلن القائد العام للحرس الثوري الإيراني، اللواء محمد باكبور، استعداد طهران لتعزيز الروابط الاستراتيجية مع الحوثيين، في رسالة وُصفت بأنها رسالة “ولاء سياسي وعسكري”، حملت في مضمونها التزامًا علنيًا بدعم الجماعة ومواصلة ما يسميه النظام الإيراني بـ”جبهة المقاومة وتحرير القدس”.
الرسالة التي جاءت بعد مقتل القيادي الحوثي محمد عبدالكريم الغماري، كشفت عن إصرار إيراني على تحويل الحوثيين من مجرد ميليشيا محلية إلى ذراع إقليمية تستخدمها طهران لتمديد نفوذها في المنطقة، تحت غطاء “المقاومة الإسلامية”.
ويرى مراقبون سياسيون أن إيران تحاول من خلال هذه التصريحات التمويه على حقيقة علاقتها بالحوثيين، وإظهارهم كقوة يمنية مستقلة وليست ذراعًا تابعة، في محاولة لشرعنة نفوذهم وإدماجهم في معادلة القوة الإقليمية، غير أن واقع السيطرة والتوجيه الإيراني يكشف أن الحوثيين ليسوا سوى أداة ضمن مشروع طهران للهيمنة على دول الخليج العربي والقرن الأفريقي وشمال أفريقيا.
تأتي هذه التصريحات بعد أيام قليلة من إعلان جماعة الحوثي تعيين يوسف حسن المداني رئيسًا لهيئة الأركان خلفًا للغماري، وهو أحد أبرز القيادات الحوثية المرتبطة مباشرة بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني.
وتشير المعلومات إلى أن المداني يمثل “ضابط الارتباط” الرئيسي بين طهران وصعدة، والمسؤول عن تدريب المقاتلين الحوثيين في معسكرات إيرانية، واستقدام الخبراء من حزب الله إلى اليمن.
وبحسب تقارير ميدانية، فإن المداني يشرف على خطوط الإمداد اللوجستي وعمليات تهريب الأسلحة، منذ أن تولى مهمة الإفراج عن الإيرانيين الذين تم القبض عليهم في عمليات تهريب سابقة، من بينها سفينتا “جيهان 1” و”جيهان 2”.
ويؤكد محللون عسكريون أن إعادة تدوير المداني في هذا المنصب تمثل استمرارًا لسيطرة الحرس الثوري على مفاصل القرار العسكري داخل الجماعة الحوثية، مشيرين إلى أن طهران تسعى من خلاله إلى ضمان ولاء المؤسسة العسكرية الحوثية لها بشكل مباشر، واستخدامها كورقة ضغط في مواجهة الخليج والبحر الأحمر.
ولد يوسف المداني عام 1977 في مديرية مستبأ بمحافظة حجة، وهو الأوسط بين عشرة إخوة. فشل في مساره الدراسي، فاتجه إلى صعدة للدراسة الدينية، قبل أن يلتحق بجماعة “الشباب المؤمن” التي أسسها حسين الحوثي. ومنذ ذلك الحين، صعد نجمه سريعًا ليصبح أحد المقربين من مؤسس الجماعة، قبل أن يوفده إلى إيران عام 2002 لتلقي التدريب في معسكرات الحرس الثوري.
وبعد عودته، زوجه حسين الحوثي بابنته، في خطوة رمزية هدفت إلى تثبيت ولائه داخل الدائرة القيادية للجماعة، ليصبح لاحقًا أحد أهم رجال طهران في اليمن، وقائدًا ميدانيًا يتلقى توجيهاته مباشرة من مستشاري الحرس الثوري.
ويرى محللون سياسيون أن سيرة المداني تُجسّد نموذج التكوين الإيراني للقيادات الحوثية، بدءًا من التدريب العقائدي والعسكري، وصولاً إلى التمكين في مواقع القرار.
ويعتبر المراقبون، أن إيران تعمل على تحويل الحوثي من ميليشيا محلية إلى كيان عابر للحدود، يشبه “حزب الله” في لبنان، لفرض معادلة ردع جديدة في المنطقة والتحكم في الممرات البحرية الاستراتيجية من باب المندب حتى المتوسط.
ويشير محللون سياسيون، إلى أن الحرس الثوري الإيراني يسعى عبر الحوثيين إلى ترسيخ مشروع “الهلال الشيعي البحري”، الذي يمتد من مضيق هرمز إلى البحر الأحمر، ويهدف إلى السيطرة على الممرات الحيوية للتجارة العالمية، وتهديد الأمن الإقليمي والدولي.
ويرون المحللون، أن طهران تحاول تقديم الحوثي كقوة “مستقلة” قادرة على مواجهة التحالف العربي وإسرائيل والولايات المتحدة، بينما هي في الحقيقة تخلق نسخة جديدة من حزب الله في خاصرة الجزيرة العربية، تستخدمها كأداة للابتزاز السياسي والعسكري متى شاءت.