الحوثيون يعترفون بمقتل الرجل الثاني بعد عبدالملك الحوثي.. بيان غامض يثير تساؤلات حول طبيعة الاستهداف

اعترفت مليشيا الحوثي الإرهابية، الخميس، بمقتل رئيس هيئة الأركان في صفوفها اللواء الركن محمد عبد الكريم الغماري، الذي يُعد الرجل الثاني بعد زعيم المليشيا عبدالملك الحوثي، في إعلان هو الأول من نوعه منذ سنوات، دون تحديد مكان أو زمان مقتله أو الجهة التي تقف وراء العملية.
وجاء الاعتراف عبر وكالة الأنباء اليمنية بنسختها الحوثية (سبأ)، التي نعت الغماري ووصفتَه بـ«القائد الجهادي الكبير»، وهو توصيف يُستخدم لأول مرة في إعلام الجماعة منذ اندلاع الحرب قبل نحو عقد.
وأشارت المليشيا إلى أنه قُتل مع عدد من مرافقيه ونجله حسين (13 عامًا)، في ما سمّته «غارات العدوان الأمريكي الصهيوني» على اليمن خلال العامين الماضيين من معركة «طوفان الأقصى»، دون أي تفاصيل إضافية.
ويرى مراقبون، أن البيان الحوثي بدا متناقضًا من حيث التوقيت والمضمون، إذ أعلن مقتل الغماري متأخرًا رغم أن إسرائيل كانت قد قالت مرارًا إنها استهدفت رئيس أركان الحوثيين في عمليات دقيقة، لكنها امتنعت حينها عن تأكيد رسمي.
الاعتراف الحوثي اليوم يعزز فرضية نجاح اختراق استخباراتي كبير داخل البنية الأمنية للمليشيا، التي طالما ادعت امتلاك «قبضة أمنية محكمة» في مناطق سيطرتها.
ويُعد محمد عبد الكريم الغماري أحد أبرز القادة العسكريين في المليشيا، ويمثل الذراع الميدانية الأولى لعبدالملك الحوثي، إذ كان يشغل موقع نائب رئيس ما يسمى «المجلس الجهادي»، وهو الجهاز الذي يقود العمليات العسكرية للمليشيا في الداخل والخارج.
وتصف مصادر ميدانية الغماري بأنه «العقل التنفيذي» للهجمات على السفن وعمليات الصواريخ والطائرات المسيرة.
ويعتقد محللون، أن الاعتراف بمقتله بعد صمت طويل يشير إلى ضربة نوعية استهدفت المليشيا في قلب جهازها العسكري، وربما جاءت نتيجة تنسيق استخباراتي بين إسرائيل والولايات المتحدة، في ظل تصاعد الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر والمحيط الهندي، كما أن استخدام خطاب «التضحية المستمرة» في بيان الجماعة يوحي بمحاولة لاحتواء صدمة القواعد المقاتلة وتثبيت المعنويات بعد فقدان أحد أهم رموزها الميدانيين.
من جهة أخرى، أثارت ردود فعل يمنية غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي تساؤلات حول أولويات المليشيا، التي تواصل اعتقال المئات من المدنيين والصحفيين في سجونها، بينما تُظهر عجزًا عن حماية كبار قادتها من الاستهدافات الدقيقة.
ودعا ناشطون الجماعة إلى الإفراج عن الأبرياء ووقف ممارساتها القمعية بحق اليمنيين، معتبرين أن “قبضتها الأمنية لا تطال إلا الضعفاء، فيما يواصل خصومها اختراق صفوفها العليا”.
ويُتوقع أن يُحدث مقتل الغماري ارتباكًا مؤقتًا في البنية القيادية للمليشيا، خاصة في جناحها العسكري، وقد يعقبه تصعيد انتقامي جديد ضد الملاحة الدولية أو ضد أهداف إقليمية في البحر الأحمر وخليج عدن، في محاولة لإثبات أن الجماعة ما تزال قادرة على الرد.