أدلة موثوقة على تهريب إيران والحوثيين الأسلحة إلى شرق أفريقيا

كشف “منبر الدفاع الأفريقي” (مجلة إلكترونية) أن تنامي العلاقات بين المتمردين الحوثيين في اليمن والجماعات الإرهابية الصومالية ينذر بتأجيج انعدام الأمن في الصومال، والتمادي في عرقلة حركة الملاحة في خليج عدن والبحر الأحمر.
ونقلت عن آريس راسل، من شركة “آريس إنتليجنس” في بريطانيا والولايات المتحدة، عن وجود “أدلة موثوقة” على أن الشبكات المرتبطة بإيران والحوثيين تستغل الموانئ وطرق التهريب الصومالية لنقل الأسلحة إلى شرق أفريقيا، وثمة مؤشرات على أنها تقدم أيضًا الاستشارات والتدريب.
وكان مركز البحوث والدراسات المتخصصة (P.T.O.C) أصدر في وقت سابق سلسلة تقارير كشف فيها عن النشاط الحوثي الخطير في القرن الأفريقي، ونشر معلومات وبيانات سرية وتفاصيل دقيقة لأوّل مرة حول تهريب الميليشيا الحوثية الموالية لإيران للأسلحة من القرن الأفريقي إلى اليمن وبالعكس والاتجار بالبشر.
وتناول التقرير الذي حمل عنوان “تهريب الأسلحة والمقاتلين” الصادر عن مركز (P.T.O.C) كيف أن ميليشيا الحوثي تعتمد بشكل كبير على تهريب الأسلحة عبر البحر الأحمر، من خلال مهرّبين ومافيا أفريقية، تحت إشراف الحرس الثوري الإيراني، إذ يتم إيصاله إلى عدد من الدول المطلة على البحر الأحمر (الصومال، إريتريا، جيبوتي، السودان) قبل تجميعه وإيصاله إلى الحوثيين عبر ميناء الحديدة.
وقال راسل “إن ما نراه من الحوثيين هو أنهم أقرب إلى بسط نفوذهم وتوفير سبل الإمداد والتموين في أفريقيا منهم إلى الانتشار البري المباشر فيها”.
ووصف الحوثيين، وسائر المقاتلين المتشددين من العراق وسوريا، بأنهم شركات عسكرية خاصة في “السوق السوداء”، ذلك لأنهم كيانات منظمة وعملياتية، تقدم خدمات ذات طابع عسكري، كالتدريب والاستشارات والدعم التكتيكي، مع أنهم لا يقومون على هيكل رسمي ولا إدارة محكمة.
وقال: “تتصف هذه الجماعات بأنها ذات فكر، وتقوم على شبكات، لا شركات تسعى لتعظيم الربح كما هو معروف في الغرب، إلا أنها تتصرف كالمقاولين أو المقاولين من الباطن في بيئة عسكرية، وتختلف عن المرتزقة التقليديين في فكرها وتعاملاتها التجارية، فالمال ليس غايتها من القتال دوماً”.
ويعمل الحوثيون المدعومون من إيران على تزويد الجماعات الإرهابية بمسيّرات مسلحة وصواريخ أرض- جو ومواد أخرى تبين أنها خرجت من الترسانات الإيرانية.
وتشحن هذه الأسلحة إلى حركة الشباب، تلك الجماعة الإرهابية التابعة لتنظيم القاعدة التي تسيطر على مناطق في وسط وجنوب الصومال، وإلى ولاية “تنظيم الدولة الإسلامية في الصومال” (داعش الصومال)، المتمركز في مرتفعات بونتلاند.
وقال المحلل مايكل هورتون في مقال له بمركز مكافحة الإرهاب في ويست بوينت: “كما هي الحال في اليمن، فإن الحوثيين يجعلون من الأسلحة، ولا سيما التعهد بتوفير المسيّرات والخبرة العسكرية، وسيلةً للاستقواء بالجماعات النشطة في الصومال، كما يجعلون، بالتعاون مع إيران، من توفير الأسلحة وسيلةً لتأمين سلاسل الإمداد لبرامجهم لتصنيع المسيّرات والصواريخ”.
ويحذّر المحللون من أن توسيع طرق الإمداد بالذخائر والأسلحة الإيرانية والصينية يمكن أن يقوي شوكة الجماعات الإرهابية للهجوم على أهداف في جيبوتي وإثيوبيا وكينيا.
وذكر هورتون أن تجارة الأسلحة بين الحوثيين والصومال مربحة للغاية.
واستطرد: “ومثال ذلك أن سعر الصندوق من بنادق الكلاشنكوف صينية أو إيرانية الصنع في الصومال يمكن أن يصل إلى خمسة أضعاف سعره في اليمن، وهامش الربح للأسلحة والمواد الأخرى مثل بنادق القنص، وقاذفات آر بي جي 7، ومدافع الهاون المحمولة، وأجهزة الرؤية الليلية أفضل بكثير. والمسيّرات التجارية والعسكرية القابلة للتعديل أغلى بكثير”.
وتحاول قوات الأمن الصومالية والدولية وقف طوفان الأسلحة الذي يغرق الصومال، غير أن الجماعات الإرهابية أثبتت قدرتها على استخدام أسلحة متطورة.
وكشف مشروع بيانات مواقع النزاعات المسلحة وأحداثها أن داعش الصومال استهدف في يناير الماضي قوات أمن بونتلاند بضربتين جويتين بالمسيّرات، وهذه أول مرة معروفة يستخدم فيها المسيّرات.
وزادت حركة الشباب الإرهابية من استخدام المسيرات، وانتزعت مساحات كبيرة من قبضة الحكومة الصومالية في مطلع عام 2025، وشبكتها من المقاتلين والموالين والمهربين في أرجاء الصومال وشمال كينيا تفتح الأبواب على مصراعيها أمام الحوثيين لشحن الأسلحة من المحيط الهندي أو برًا إلى خليج عدن.
وأضاف التقرير الذي نشره “منبر الدفاع الأفريقي”: “لم تبخل عليهم بشبكتها الاستخبارية الساحلية وباعها في القرصنة منذ سنوات، فقويت شوكتهم على تهديد حركة الملاحة البحرية الإقليمية. وقد كثرت الموارد المالية للجماعتين على إثر تصاعد الهجمات البحرية.
وكشف مركز إفريقيا للدراسات الاستراتيجية، أن الحوثيين يجنون ما يقدّر بنحو 180 مليون دولار شهريًا من الرسوم التي يدفعها وكلاء الشحن للمرور من المنطقة بأمان”.
وأفاد مركز أفريقيا أن تحويل مسار السفن التجارية حول رأس الرجاء الصالح في جنوب إفريقيا ارتفع بنسبة 420%، وطالت الرحلة أسبوعين بعد أن زاد عليها 6 آلاف ميل بحري.
وتراجعت إيرادات مصر السنوية من مرور السفن في قناة السويس، والتي تبلغ نحو 10 مليارات دولار، بأكثر من 70%، إذ تخسر كل شهر 800 مليون دولار.
وأغار الحوثيون يوم 7 يوليو 2025 على سفينة شحن ترفع علم ليبيريا في البحر الأحمر بمسيّرات وقذائف صاروخية، وأسفر الهجوم عن مقتل أربعة بحارة على الأقل وفقدان 15 آخرين، ونشروا مقطع فيديو يعرض انفجارات على متنها قبل غرقها، وأعلنوا مسؤوليتهم عن إغراق سفينة شحن أخرى في البحر الأحمر في اليوم السابق.
وكانت هذه أول هجمات تطال حركة الملاحة في البحر الأحمر منذ أواخر عام 2024، وهذا قد ينم عن أنهم يشنون حملة مسلحة جديدة، بالتزامن مع عودة القرصنة الصومالية.
وذكر موقع “هيران أونلاين” الصومالي أن عودة القراصنة لا يتضح ما إذا كانت تدل على انتهازيتهم أم تنسيقهم مع الحوثيين مباشرة.
ويقول محللون إن حركة الشباب أبرمت العام الماضي اتفاقًا ينطوي على حماية القراصنة الصوماليين مقابل 30% من إجمالي عائدات الفدية وسهم من أي غنيمة يغنمونها.
ولا يتوقع هورتون انتهاء العلاقة بين الحوثيين والجماعات النشطة في مناطق الصراع الأفريقية عما قريب، إذ يقول: “إن الحروب المستعرة وحركات التمرد الدائرة في السودان وإثيوبيا والصومال، وحالة الاحتقان السياسي في منطقة القرن الأفريقي بعامة، ستفتح الطريق أمام الحوثيين لبسط نفوذهم”.