الحكومة اليمنية: الحوثيون يستخدمون مواقع أثرية لتخزين الأسلحة واحتجاز موظفي اليونسكو

قالت الحكومة اليمنية، إن مليشيا الحوثي الإرهابية تستخدم المواقع الأثرية لتخزين الأسلحة واحتجاز موظفي اليونسكو، وهو ما يكشف طبيعة المليشيا الحوثية وفكرها الإرهابي ونيتها في تدمير التراث الثقافي والحضاري لليمن.
وأوضح وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني، خلال لقائه مع نائب المدير العام لمنظمة اليونسكو إرنستو أتونو، أن جماعة الحوثي تُقحم المعالم التراثية في الصراع العسكري، “ضاربة عرض الحائط بالقوانين والمعاهدات الدولية لحماية التراث الثقافي”.
ويقول عسكريون، إن استخدام المواقع الأثرية لتخزين الأسلحة يُعد تكتيكاً عسكرياً يهدف إلى حماية الترسانة العسكرية من القصف، معتمداً على أن القوات المعادية ستتردد في استهداف المواقع التراثية تجنباً للإدانة الدولية، وهي استراتيجية تحول المعالم الثقافية إلى أهداف عسكرية مشروعة وفقاً للقانون الدولي الإنساني، مما يعرضها للدمار الكامل.
ويعتبر حقوقيون، أن تحويل المواقع الأثرية إلى مخازن للأسلحة أو مراكز احتجاز يُعتبر انتهاكاً فاضحاً لاتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح لعام 1954، والبروتوكول الثاني الملحق بها لعام 1999، كما يُشكل جريمة حرب صريحة وفقاً لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، الذي يُجرم تدمير أو الاستيلاء على الممتلكات الثقافية ذات الأهمية الكبرى.
وحذر الإرياني من أن هذا الاستخدام قد يؤدي إلى تدمير مواقع أثرية مدرجة ضمن قائمة التراث الإنساني، “في حال تعرضت لهجمات عسكرية محتملة”، مشيراً إلى أن المليشيا تتحمل المسؤولية الكاملة عن أي دمار قد يلحق بهذه المواقع.
ويقول محللون سياسيون، إن استخدام المواقع التراثية كمراكز عسكرية ومخازن أسلحة يعكس استراتيجية حوثية للاستفادة من الحساسية الدولية تجاه التراث الثقافي كدرع واقٍ، حيث يصبح استهداف هذه المواقع مكلفاً سياسياً ودبلوماسياً رغم ضرورته العسكرية.
ودان الوزير اليمني اختطاف أربعة من موظفي منظمة اليونسكو خلال الأعوام 2021 و2023 و2024، محمّلاً جماعة الحوثي المسؤولية الكاملة عن سلامتهم، ومطالباً بالإفراج الفوري عنهم دون قيد أو شرط.
ويعتبر حقوقيون، إن اختطاف موظفي المنظمات الدولية واحتجازهم في المواقع الأثرية يُمثل انتهاكاً مضاعفاً للقانون الدولي، حيث يجمع بين جريمة الاختطاف وجريمة انتهاك حرمة التراث الثقافي، مشيرين إلى أن الممارسات الحوثية تُعرقل العمل الإنساني وتحول دون وصول المساعدات للمحتاجين، كما تُظهر استخفافاً تاماً بالقيم الإنسانية والحضارية.
ودعا الإرياني منظمة اليونسكو إلى تصعيد القضية على المستويين الدبلوماسي والإعلامي، مؤكداً أن “الصمت لا يحمي الضحايا بل يعرضهم لمزيد من الانتهاكات”، مستشهداً بمقتل أحد موظفي برنامج الغذاء العالمي داخل سجون الحوثي كدليل على خطورة التساهل مع هذه الانتهاكات.
ويقول مثقفون، إن استغلال المواقع الأثرية لأغراض عسكرية وإجرامية يكشف عن عقلية تدميرية تستهدف الهوية الثقافية اليمنية عمداً، وهو سلوك يتماشى مع النهج الطائفي للجماعة، التي تسعى إلى محو التراث الحضاري المشترك وإعادة تشكيل الذاكرة الجمعية اليمنية وفقاً لأيديولوجيتها الطائفية الضيقة.
وأشار الوزير إلى أن هذه الجرائم لا تمس المنظمة الدولية فحسب، بل “تمس اليمن والدولة اليمنية بشكل مباشر، كون الضحايا مواطنين يمنيين”، داعياً إلى تكثيف الجهود لإطلاق سراحهم ومحاسبة المسؤولين عن احتجازهم.
وتأتي هذه الاتهامات في وقت تتصاعد فيه التحذيرات الدولية من تدهور أوضاع التراث الثقافي في اليمن، لا سيما في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، مثل صنعاء القديمة وزبيد وشبام ومأرب، وجميعها مواقع ذات قيمة تاريخية استثنائية.
ويعتبر اقتصاديون، أن تدمير المواقع الأثرية واستخدامها لأغراض عسكرية يُلحق أضراراً اقتصادية بعيدة المدى باليمن، حيث تُعتبر هذه المواقع استثماراً سياحياً واقتصادياً هائلاً في مرحلة ما بعد الحرب، مشيرين إلى أن فقدان هذا التراث يعني فقدان مصادر دخل مستقبلية مهمة وتدمير فرص العمل في القطاع السياحي والخدمي المرتبط به.
وثقت منظمات دولية مثل هيومن رايتس ووتش ومراسلون بلا حدود انتهاكات متكررة للحوثيين بحق العاملين في المنظمات الإنسانية والإغاثية، بما في ذلك حالات اختطاف وتعذيب وحرمان من الوصول إلى الرعاية الصحية.
وتُبدي الأمم المتحدة قلقاً متزايداً من تعرض العاملين في المجال الإنساني للمضايقات والانتهاكات في مناطق النزاع، وهو ما يؤثر بشكل مباشر على عمليات الإغاثة وصون التراث الإنساني في بلد يُعد من الأقدم حضارياً في المنطقة، وهو ما يتطلب تدخلاً دولياً عاجلاً لحماية التراث الثقافي العالمي ومنع تحوله إلى أداة في الصراعات المسلحة، وفقًا لمراقبين في الشأن اليمني.
ويقول المراقبون، إن ممارسات الحوثيين في استخدام المواقع الأثرية لتخزين الأسلحة واحتجاز الموظفين الدوليين، تكشف عن نهج إرهابي منظم يستهدف تدمير الهوية الثقافية اليمنية واستخدام التراث الإنساني كرهينة في الصراع السياسي، مشيرين إلى أنه سلوكًا يستدعي استجابة دولية حازمة وسريعة لحماية التراث العالمي ومنع تحوله إلى أداة في أيدي الجماعات المسلحة، كما يؤكد ضرورة تكثيف الضغوط الدولية لإنهاء هذه الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي.