حماس ترد على مقترح ترامب: موافقة مشروطة ومراوغة سياسية بين وقف الحرب والحفاظ على الثوابت

أعلنت حركة المقاومة الإسلامية “حماس”، في بيان رسمي مساء الجمعة 3 أكتوبر 2025، ردها على المقترح الأمريكي الذي تقدم به الرئيس دونالد ترامب لإنهاء الحرب المدمرة في قطاع غزة المستمرة منذ ما يقارب العامين.
وقالت الحركة، إنها درست المقترح “بمسؤولية وطنية” وأجرت مشاورات داخلية وخارجية، مؤكدة أنها تقدّر الجهود العربية والدولية والأمريكية الداعية إلى وقف الحرب وتبادل الأسرى ورفض تهجير سكان القطاع.
وأبرز ما جاء في رد الحركة هو موافقتها على تبادل الأسرى وفق صيغة ترامب، والإفراج عن جميع الرهائن الإسرائيليين مقابل أسرى فلسطينيين، والاستعداد لتسليم إدارة غزة لهيئة فلسطينية مستقلة من التكنوقراط، مع التأكيد على أن أي ملفات سياسية تتعلق بمستقبل غزة أو حقوق الشعب الفلسطيني “مرتبطة بموقف وطني جامع”.
نقاط التوافق
تبادل الأسرى، أبدت حماس مرونة واضحة بقبولها صيغة ترامب الخاصة بالإفراج عن الرهائن الإسرائيليين مقابل الأسرى الفلسطينيين، وهو البند الأكثر إلحاحًا لدى واشنطن وتل أبيب.
تسليم إدارة غزة، قبول الحركة بتسليم إدارة القطاع لهيئة تكنوقراط مستقلة يمثل تنازلًا مهمًا، قد يُقرأ على أنه خطوة لتجنب استمرار الحرب أو محاولة لإلقاء عبء الإدارة على طرف ثالث، لكنها تجاهلت أن يكون برئاسة ترامب.
وقف الحرب والانسحاب، الانسجام مع الدعوة لوقف شامل للعمليات العسكرية ودخول المساعدات الفورية، يضع حماس في موقع الطرف “المستجيب” للضغوط الدولية.
نقاط الاختلاف أو المراوغة
نزع السلاح، تجاهلت الحركة في بيانها البند الأمريكي الأكثر حساسية، وهو نزع سلاحها وتدمير بنيتها العسكرية، مكتفية بربطه بموقف وطني فلسطيني جامع، ما يعني عمليًا رفضًا غير مباشر.
العفو العام لعناصر حماس، لم تعلق الحركة على بند منح مقاتليها عفوًا عامًا إذا تخلوا عن السلاح، وهو مؤشر آخر على رفض ضمني لفكرة الاستسلام العسكري.
الإشراف الدولي على غزة، لم تتطرق حماس إلى “مجلس السلام برئاسة ترامب” أو القوة الدولية، ما يعكس خشيتها من تدويل ملف القطاع وتقليص نفوذها.
أفق الحل السياسي، تركت حماس الباب مفتوحًا بربط الملفات السياسية بـ”القوانين الدولية وموقف وطني جامع”، وهو تكتيك يهدف لعدم الظهور كمن يفرط بحقوق الشعب الفلسطيني، خاصة في ملف الدولة والقدس واللاجئين.
القراءة العامة
يُفهم من رد حماس أنها تسعى إلى كسب الوقت وتخفيف الضغوط الدولية والإقليمية، من دون تقديم التزامات صلبة تمس بنيتها العسكرية أو دورها السياسي، فهي وافقت على ما يمكن أن يُسوّق كـ”خطوات إنسانية” مثل تبادل الأسرى والمساعدات ووقف الحرب، بينما رحّلت القضايا الجوهرية إلى “إطار وطني جامع”، وهو تعبير فضفاض يسمح لها بالمراوغة وعدم إظهار القبول الصريح بخطة ترامب كاملة.
ويرى مراقبون أن الحركة حاولت الظهور كطرف مسؤول يتجاوب مع المبادرات الدولية، لكنها في الوقت ذاته لم تمنح واشنطن وتل أبيب ما تعتبرانه “جائزة استراتيجية” بنزع سلاحها، وهذا يضع مستقبل المقترح الأمريكي في مهب التفاوض الشاق، ويجعل الكرة في ملعب إسرائيل والإدارة الأمريكية التي ستعتبر رد حماس أقرب إلى مناورة سياسية منه إلى موافقة كاملة.
ويخلص مراقبون سياسيون، أن رد حماس على مقترح ترامب يجمع بين المرونة التكتيكية والتمسك الاستراتيجي؛ إذ قدمت تنازلات في ملفات الأسرى والإدارة المدنية، لكنها تركت الملفات الأمنية والسياسية الكبرى معلقة، وهو ما يعكس إدراكها أن الاستسلام الكامل سيعني نهايتها السياسية والعسكرية، بينما المراوغة تمنحها فرصة للحفاظ على أوراق قوة في الميدان وفي طاولة التفاوض المقبلة.