إسرائيل تنفذ ضربات واسعة في صنعاء وسط أزمة سياسية حوثية داخلية

نفذت إسرائيل اليوم عشر ضربات جوية واسعة النطاق في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية، استهدفت بحسب المصادر الإسرائيلية قيادات عليا في الجماعة الحوثية أثناء عقدهم اجتماعاً في العاصمة صنعاء.
وأكدت القناة 14 الإسرائيلية أن “عدداً من قادة جماعة الحوثي كانوا في الموقع الذي استهدفته إسرائيل”، بينما وصفت هيئة البث الإسرائيلية الهجوم بأنه “استثنائي وذو أهمية”.
كشفت المصادر الإسرائيلية، أن خطة الاغتيالات تم التصديق عليها بداية الأسبوع الجاري من قبل وزير الدفاع كاتس ووزير الاستخبارات زامير وقيادة الجيش، مع إطلاع رئيس الوزراء نتنياهو عليها عبر الخط الأحمر.
وشارك سلاح البحرية الإسرائيلية في الهجمات التي استهدفت مباني يعتقد أن فيها قادة من المليشيا الحوثية، بحسب إذاعة الجيش الإسرائيلي، والتي ركزت على القيادة العليا العسكرية للحوثيين ورئاسة هيئة الأركان.
في المقابل، نفى القيادي الحوثي نصر الدين عامر صحة الأنباء التي تحدثت عن استهداف قيادات في صنعاء، مؤكداً أن ما حدث هو “استهداف لأعيان مدنية وللشعب اليمني بسبب مواقفه الداعمة لغزة”، ووصف العدوان الإسرائيلي الجديد بأنه “فاشل كسابقاته”، مشدداً على استمرار عملياتهم لإسناد غزة.
التوقيت المدبر وسط الأزمة السياسية الداخلية
يأتي هذا التصعيد العسكري الإسرائيلي في توقيت بالغ الحساسية، حيث تواجه جماعة الحوثي غضباً شعبياً متصاعداً إثر قرارها اختطاف قرارات المؤتمر الشعبي العام ولوائحه التنظيمية، بالإضافة إلى فصل أحمد علي عبدالله صالح من منصب نائب رئيس الحزب، مما أثارت استياءً واسعاً في الأوساط المؤتمرية والشارع اليمني عموماً، الذي يعتبر هذه الخطوات محاولة منهجية لتفكيك أكبر تنظيم سياسي في تاريخ اليمن وإلغاء هويته السياسية.
التزامن بين الضربات الإسرائيلية والأزمة السياسية الداخلية يطرح تساؤلات جدية حول طبيعة العلاقة بين هذين التطورين، وفقًا لمراقبين سياسيين، والذين يعتبرون أن الحوثيين نجحوا في جر حكومة نتنياهو إلى مواجهة يجتنون منها مكاسب سياسية داخلية وخارجية تفوق بكثير الخسائر العسكرية المحتملة.
فبينما تأتي هجمات إسرائيل في ظل عملية تفكيك حوثي منهجي لحزب المؤتمر الشعبي وقمع وحشي للخصوم السياسيين، تمنح هذه الضربات الجماعة فرصة ذهبية لتحويل أنظار الرأي العام اليمني من أزماتها الداخلية إلى مواجهة العدو الخارجي.
استراتيجية التوظيف السياسي للصراع
تكشف هذه التطورات عن استراتيجية معقدة من جانب الحوثيين في توظيف الصراع الخارجي لخدمة أهدافهم السياسية الداخلية، فالضربات الإسرائيلية تأتي كهدية مجانية للجماعة في وقت تحتاج فيه لتبرير سياساتها القمعية وقراراتها المثيرة للجدل، وهو توقيت يسمح للحوثيين بتصوير أنفسهم كضحايا للعدوان الخارجي، مما يساعدهم في حشد التأييد الشعبي وتبرير إجراءاتهم القمعية ضد المعارضين تحت ذريعة مواجهة الخطر الخارجي.
من الجانب الإسرائيلي، تستغل حكومة نتنياهو هجماتها وهجمات الحوثيين لمواجهة الغليان الشعبي الداخلي الذي تواجهه. الصراع مع محور المقاومة، بما في ذلك الحوثيون، يخدم السردية الإسرائيلية حول كون إسرائيل محاطة بالأعداء، مما يساعد في تعزيز التماسك الداخلي وتبرير السياسات العسكرية التوسعية.
تداعيات إقليمية ومحلية معقدة
تشير هذه التطورات إلى تعقيد الوضع في اليمن، حيث تتداخل الصراعات المحلية مع التنافس الإقليمي بطرق تخدم أجندات متعددة ومتضاربة، وفقًا لما يراه محللون سياسيون أن فشل الحوثيين في إدارة الأزمة السياسية الداخلية يدفعهم للاعتماد بشكل أكبر على الدعم الإيراني والتصعيد الخارجي، بينما تجد إسرائيل في هذا التصعيد فرصة لتحقيق أهداف استراتيجية طويلة المدى في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.
الوضع الحالي يظهر كيف يمكن للأزمات الداخلية أن تصبح جزءاً من الصراعات الإقليمية الأوسع، وكيف يمكن للأطراف المحلية أن تستفيد من هذا التداخل لتعزيز مواقفها السياسية. هذا التعقيد يتطلب فهماً عميقاً للديناميكيات المحلية والإقليمية في أي جهود مستقبلية لحل الأزمة اليمنية، خاصة وأن الحلول التي تتجاهل هذا التداخل قد تؤدي إلى مزيد من التصعيد والعنف.