الحوثيون يحشدون المئات ويصعدون عملياتهم العسكرية في الضالع والساحل الغربي

تشهد جبهات القتال في محافظة الضالع جنوبي اليمن تصعيداً حوثياً جديداً، بعدما حشدت مليشيا الحوثي المدعومة إيرانياً مئات المقاتلين وزجت بهم نحو المواقع المتقدمة في جبهة حجر شمال غربي المحافظة، فيما أحبطت دفاعات المقاومة الوطنية في الساحل الغربي محاولة حوثية لاستهداف دورية بحرية باستخدام مسيّرة إيرانية انتحارية.

وكشف المركز الإعلامي لجبهة الضالع عن وصول مئات المقاتلين الحوثيين إلى المواقع المتقدمة صباح الثلاثاء 5 أغسطس 2025، قادمين من مديرية الحشاء الخاضعة لسيطرة الجماعة.

وأوضحت مصادر خاصة، أن التعزيزات وصلت على شكل أفواج مشياً على الأقدام بعد تخرجهم من دورة تدريبية عسكرية في معسكر المشواس شرقي الحشاء، مدججين بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة.

يأتي هذا التصعيد الحوثي بعد فترة هدوء نسبي شهدتها جبهات الضالع، والتي تزامنت مع فتح الطريق الرابط بين صنعاء وعدن عقب إغلاق ميناء الحديدة، غير أن المعركة الاقتصادية الأخيرة ومنع عبور العديد من التجار عبر طريق الضالع-صنعاء قد تكون وراء هذا التصعيد الجديد، وفقًا لمراقبين سياسيين.

استهداف فاشل في البحر الأحمر
على جبهة أخرى، أحبطت دفاعات المقاومة الوطنية محاولة حوثية لاستهداف دورية بحرية لخفر السواحل اليمنية قرب جزيرة زقر بالبحر الأحمر، باستخدام مسيّرة مفخخة إيرانية الصنع.

ورصدت الدفاعات الجوية التابعة للمقاومة الوطنية، مسيّرة حوثية وأسقطتها بنجاح قبل وصولها إلى هدفها، وتمكن أفراد البحرية من انتشال جسم الطائرة من البحر ونقلها إلى الجهات المختصة للفحص.

ويقول محللون سياسيون، إن الحادثين يمثلان تصعيداً لافتاً في الأنشطة العسكرية الحوثية، خاصة في ظل حالة الهدنة النسبية التي تشهدها البلاد منذ فترة، فبعد وقف الولايات المتحدة ضرباتها على الحوثيين في مايو 2025 نتيجة لوقف إطلاق النار المتوسط عمانياً مع المليشيا، والتزام الجماعة بوقف هجماتها على السفن في البحر الأحمر مؤقتاً مع وقف إطلاق النار في غزة، تشير التطورات الأخيرة إلى تغيير في الاستراتيجية الحوثية.

أهداف استراتيجية وراء التصعيد
يحمل التصعيد الحوثي الحالي دلالات استراتيجية متعددة، أبرزها محاولة الجماعة استغلال فترة الهدوء النسبي لتعزيز مواقعها العسكرية وإعادة ترتيب أوراقها، فالحشود في الضالع تهدف إلى السيطرة على نقاط استراتيجية تمكنها من التحكم في الطرق التجارية الحيوية، خاصة الرابطة بين المحافظات الشمالية والجنوبية، وفقًا لما يرونه المحللون السياسيون.

ويقول محللون اقتصاديون، إن المليشيا الحوثية تسعى لكسر الحصار المفروض عليها من خلال السيطرة على المعابر التجارية، خاصة بعد تضررها من إغلاق ميناء الحديدة، مشيرين إلى أن منع مرور التجار عبر طريق الضالع-صنعاء يمثل ضغطاً اقتصادياً إضافياً على مناطق سيطرتها.

أما على الصعيد العسكري، فإن نمو أعداد المقاتلين الحوثيين من حوالي 220 ألف في 2022 إلى 350 ألف في 2025 يدفع الجماعة لاستخدام هذه القوة البشرية المتنامية في تحقيق مكاسب ميدانية قبل أي تسوية سياسية محتملة.

ويبدو أن الجماعة تختبر ردود أفعال الحكومة اليمنية والمجتمع الدولي، تجاه خروقاتها للهدنة، في محاولة لقياس مدى التزام الأطراف الدولية بالضغط عليها للالتزام بالتهدئة.

ويقول عسكريون، إن العمليات الحوثية في البحر الأحمر، رغم فشلها، ترسل رسالة بأن قدرات الجماعة العسكرية ما زالت قائمة ويمكن تفعيلها في أي وقت.

تحدي الهدنة الهشة
تطرح هذه التطورات تساؤلات جدية حول استدامة الهدنة غير الرسمية في اليمن، فبينما توقفت العمليات العسكرية واسعة النطاق، تواصل الجماعة أنشطة عسكرية محدودة تختبر من خلالها حدود التهدئة دون التسبب في انهيارها كلياً.

ويرلا مراقبون أن الحوثيين يسعون لتحسين مواقعهم التفاوضية قبل أي حوار سياسي مقبل، من خلال تحقيق مكاسب ميدانية واقتصادية تمكنهم من فرض شروطهم في أي تسوية مستقبلية، معتبرين أن التصعيد المحدود يمكنهم من الحفاظ على حالة التعبئة بين مقاتليهم ومنع تراجع الروح المعنوية في ظل الهدوء النسبي.

زر الذهاب إلى الأعلى