فضيحة مدوية.. تواطؤ أممي مع مليشيا الحوثي في استخدام الباخرة «نوتيكا» لتهريب النفط الإيراني والروسي

كشف عبد القادر الخراز، الرئيس السابق للهيئة العامة لحماية البيئة اليمنية، عن فضيحة مدوية تورط فيها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في تمويل عمليات تهريب النفط التي تقوم بها مليشيا الحوثي الإرهابية باستخدام الباخرة “نوتيكا”، بمبلغ يقارب 10 مليون دولار خلال 23 شهراً.
وفي تقرير نشره على صفحته الرسمية في فيسبوك، أوضح الخراز أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي دفع أكثر من 10 ملايين دولار لشركة بلجيكية لتشغيل الباخرة “نوتيكا” التي سلمتها الأمم المتحدة لاحقاً لمليشيا الحوثي، والتي استخدمتها المليشيا في تهريب النفط الإيراني والروسي.
تشير الوثائق التي حصل عليها الخراز إلى أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مارس تضليلاً واضحاً في تصريحاته لجريدة الشرق الأوسط السعودية، حيث أنكر أي علاقة له بالعمليات على الباخرة وادعى أنه لا يملكها ولا يسيطر على كيفية استخدامها.
غير أن الوثائق المسربة تكشف العكس تماماً، حيث تبين تعاقد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي مع شركة بلجيكية تسمى “يوروناف Euronav” لتشغيل الباخرة نوتيكا، مما يجعل البرنامج المسؤول الفعلي عن الباخرة.
تفاصيل الفضيحة المالية
كشف التقرير أن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي يدفع مبلغاً شهرياً للشركة المشغلة للباخرة بحدود 450 ألف دولار، أي ما يعادل 5.4 مليون دولار سنوياً، وخلال فترة 23 شهراً التي مرت، تم صرف ما يقارب 10.3 مليون دولار مقابل رواتب طاقم السفينة وعمليات التشغيل.
وبحسب الوثائق، فإن طاقم السفينة المرسل من الشركة البلجيكية يحمل الجنسية الجورجية بقيادة القبطان بريدز الكسي Berideze Aleksi مع 11 بحاراً، ويتم تنسيق عملهم ودخولهم وخروجهم من اليمن عبر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الذي ادعى عدم وجود علاقة له بالباخرة.
من الحماية البيئية إلى التهريب
كانت الباخرة “نوتيكا” قد وصلت كبديل للباخرة “صافر” في أغسطس 2023 لإنهاء التهديد البيئي ونقل مليون برميل نفط، بتمويل يقارب 145 مليون دولار. لكن الأمم المتحدة سلمت الباخرة لمليشيا الحوثي التي غيرت اسمها إلى “يمن” واستخدمتها في تهريب النفط الإيراني والروسي.
وأشار الخراز إلى أن مليشيا الحوثي قامت بتفريغ النفط الخام من الباخرة “نوتيكا” ونقله عبر قوارب صغيرة إلى ميناء رأس عيسى، في عملية تهريب منظمة بتمويل أممي.
اعتراف ضمني بعمليات التهريب
يعتبر تصريح برنامج الأمم المتحدة الإنمائي لجريدة الشرق الأوسط بأنه أبلغ مليشيا الحوثي بوقف العمليات لاستخدام الباخرة “نوتيكا” شفهياً وخطياً، أول اعتراف وتأكيد بعمليات التهريب من قبل أحد مكاتب الأمم المتحدة في اليمن.
وحذر الخراز من المخاطر المترتبة على هذه الفضيحة، والتي تشمل الفساد الإداري والمالي، والتواطؤ مع مليشيا الحوثي، وتزايد التهديدات البيئية، وفقدان الثقة في المنظمات الدولية، واستغلال الأزمات الإنسانية لأغراض عسكرية وتجارية.
وأشار إلى عدم كفاءة الجهات الحكومية الشرعية، خاصة وزارة المياه والبيئة ووزارة التخطيط، اللتين لم تعترضا على خرق الاتفاق وتسليم الباخرة لمليشيا الحوثي.
تأثير على مشاريع مستقبلية
تثير هذه الفضيحة تساؤلات حول التمويلات التي أعطيت مؤخراً من مركز الملك سلمان لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي المتعلقة بإزالة مخاطر الباخرة “روبيمار” التي غرقت في 2024 في البحر الأحمر نتيجة قصف مليشيا الحوثي وهي تحمل عشرات الآلاف من الأطنان من الأسمدة الكيميائية الخطرة.
ويطالب الخراز بضرورة محاسبة الجهات المسؤولة عن هذه الفضيحة، سواء داخل الأمم المتحدة أو في الحكومات المعنية، مؤكداً أن “هذه الأحداث تتطلب دعوات قوية لمحاسبة الجهات المسؤولة عن هذه الفضيحة”.
وتكشف هذه الفضيحة عن تعقيدات خطيرة في آليات عمل المنظمات الدولية في مناطق الصراع، وتسلط الضوء على ضرورة اتخاذ إجراءات سريعة وفعالة لمنع استغلال الأزمات الإنسانية لأغراض غير مشروعة، وتعزيز الشفافية والمساءلة في عمل المنظمات الدولية.