مراقبون سياسيون: طهران اختارت الحفاظ على النظام على حساب الكرامة العسكرية

أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التوصل لاتفاق “تام وكامل” بين إسرائيل وإيران على وقف إطلاق نار شامل، في تطور مفاجئ أثار تساؤلات واسعة حول طبيعة الموافقة الإيرانية السريعة والتي جاءت بعد ضربات عسكرية مؤثرة من إسرائيل والولايات المتحدة.

وقال ترامب في سلسلة من التصريحات: “جرى الاتفاق بشكل تام بين إسرائيل وإيران على أنه سيكون هناك وقف إطلاق نار كامل وشامل”، مضيفاً أن “وقف إطلاق النار يدخل حيز التنفيذ في غضون 6 ساعات تقريباً”.

وأوضح الرئيس الأمريكي أن الاتفاق ينص على أن “وقف إطلاق النار يدوم أولاً 12 ساعة ثم ستعتبر الحرب منتهية رسمياً”، مؤكداً أنه “بعد مرور 24 ساعة من دخول الاتفاق حيز التنفيذ سيحيي العالم نهاية رسمية لحرب الـ12 يوماً”.

استسلام أم حكمة سياسية؟
تثير الموافقة الإيرانية السريعة على وقف النار تساؤلات حول ما إذا كانت تمثل استسلاماً فعلياً أم قراراً استراتيجياً محسوباً من جانب القيادة الإيرانية.

يرى مراقبون سياسيون متخصصون في الشأن الإيراني، أن “الموافقة الإيرانية السريعة تعكس إدراك النظام الإيراني لحجم الخسائر التي تكبدها، خاصة مع مقتل كبار القادة العسكريين وتدمير المنشآت النووية الحيوية”.

وأضاف المراقبون، أن “إيران اختارت الحفاظ على بقاء النظام على حساب ما يُسمى بالكرامة العسكرية، وهو قرار براغماتي في ظل عدم التوازن الواضح في القوى”.

من جهته، يعتبر البروفيسور مايكل سينغ من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أن “سرعة الاستجابة الإيرانية تكشف عن خلل جوهري في حسابات طهران الاستراتيجية، وأنها لم تكن مستعدة فعلياً لحرب شاملة ضد إسرائيل والولايات المتحدة”.

تحليل المؤشرات العسكرية والسياسية
تشير التقارير الاستخباراتية إلى أن الضربات الإسرائيلية والأمريكية حققت أهدافاً استراتيجية مهمة، شملت، تدمير منشآت نووية إيرانية رئيسية، ومقتل قائد الجيش ورئيس فيلق الحرس الثوري، إضافة إلى تعطيل الشبكات الاستخباراتية.

كشف واشنطن بوست عن تهديدات الموساد لعشرين قائداً في الحرس الثوري، إضافة إلى أن الحرب كسرت الردع الإيراني، نتيجة فشله في تحقيق أهداف عسكرية مؤثرة من خلال الصواريخ التي تم إطلاقها.

ويقول محللون استراتيجيون، إن النظام الإيراني وجد نفسه في موقف لا يُحسد عليه، فالاستمرار في الحرب كان سيعني تدمير ما تبقى من قدراته العسكرية والاقتصادية.

إعادة ضبط المنطقة
وصف نائب الرئيس الأمريكي جي دي فانس الاتفاق بأنه “يوم جديد ونهاية للحرب”، مؤكداً أن “الحرب أعادت ضبط المنطقة”.

يفسر محللون سياسيون، أن المقصود بإعادة الضبط هو إعادة تعريف التوازنات الإقليمية، حيث تأكد لإيران أن سياسة المواجهة المباشرة مع إسرائيل والولايات المتحدة لها تكلفة باهظة لا تستطيع تحملها”.

تداعيات على المحور الإيراني
تطرح نهاية الحرب تساؤلات حول مستقبل “محور المقاومة” الذي تقوده إيران في المنطقة، خاصة مع تراجع القدرات الإيرانية وتأثير ذلك على حلفائها في لبنان وسوريا واليمن والعراق.

يتوقع خبراء سياسيون أن الاتفاق سيفرض على إيران إعادة النظر في استراتيجيتها الإقليمية، والتحول من سياسة المواجهة إلى سياسة الاحتواء والتكيف مع الواقع الجديد”.

وتشير المؤشرات إلى أن الموافقة الإيرانية السريعة على وقف النار لا تعكس بالضرورة استسلاماً كاملاً، بل قراراً استراتيجياً للحفاظ على النظام في مواجهة تفوق عسكري وتقني واضح.

وعبر ترامب عن تقديره للطرفين قائلاً: “أود تهنئة إسرائيل وإيران على امتلاكهما القدرة على التحمل والشجاعة والذكاء لإنهاء الحرب”، مضيفاً: “هذه حرب كان من الممكن أن تستمر لسنوات وأن تدمر الشرق الأوسط بأكمله لكن ذلك لم يحدث”.

وختم الرئيس الأمريكي تصريحاته بالقول: “حفظ الله إسرائيل وإيران.. منعنا حرباً كانت ستمتد سنوات.. أوقفنا حرباً مدمرة للمنطقة”.

زر الذهاب إلى الأعلى