مراقبون: الحوثيون يحاولون قرصنة ما تبقى من طائرات اليمنية وسط صمت حكومي مريب

اتهم مراقبون يمنيون مليشيا الحوثي بمحاولة تنفيذ “قرصنة جوية تقنية” لاختطاف طائرة تابعة للخطوط الجوية اليمنية، كانت في طريقها من عمّان إلى عدن، عبر تلاعب خطير في أنظمة تسجيل الرحلات، يظهر الوجهة النهائية للطائرة كأنها متجهة إلى مطار صنعاء، الخاضع لسيطرة الجماعة، ما أثار موجة من القلق إزاء اختراق محتمل لنظام الطيران الوطني، وفتح الباب أمام تهديدات كارثية للطيران المدني في اليمن.

وكشفت منصة “يوب يوب” المختصة بتتبع بيانات الطيران، عن معلومات مرعبة تُشير إلى وجود اختراق في نظام تسجيل الرحلات الجوية، إذ أظهرت بيانات FlightRadar24 أن الطائرة رقم IY647، والتي أقلعت من مطار الملكة علياء في عمّان، كانت مسجلة على أنها متجهة إلى صنعاء، رغم أنها وصلت فعليًا إلى مطار عدن.

واعتبر محللون في شؤون الطيران المدني أن ما حدث “لم يكن خطأً تقنيًا عابرًا”، بل يمثل “محاولة قرصنة مكتملة الأركان”، الهدف منها تحويل مسار الطائرة إلى صنعاء، الأمر الذي كان سيُعرض حياة الركاب، وبينهم مسؤولون حكوميون وشخصيات مناهضة للحوثيين، لخطر الاختطاف والتحول إلى رهائن بيد المليشيا، التي لها سوابق في الاستيلاء على الطائرات المدنية.

استنساخ لسلوكيات الأنظمة الإرهابية
مصدر أمني وصف ما حدث بـ”السابقة الأخطر منذ اختطاف الحوثيين لثلاث طائرات يمنية العام الماضي”، مؤكدًا أن الجماعة تسعى لتحويل المجال الجوي اليمني إلى ساحة ابتزاز سياسي وأمني، متبعة بذلك “أساليب أنظمة مارقة لا تختلف عن ممارسات النظام الإيراني أو جماعة حزب الله في لبنان”.

وحذر المصدر من أن “استمرار السكوت على محاولات الحوثيين اختراق نظام الطيران المدني سيدفع ثمنه اليمنيون أولًا، وسيحوّل طائراتهم إلى أدوات ضغط ومساومة في ملفات الصراع الإقليمي”.

من المسؤول عن تسجيل الرحلة إلى صنعاء؟
وتساءل مراقبون عمن يقف وراء إدخال مطار صنعاء كوجهة نهائية للطائرة، في حين أن الشركة المشغّلة في عدن تمتنع كليًا عن تسيير أي رحلات إلى صنعاء منذ استيلاء الحوثيين على الطائرات الثلاث؟ ولماذا لم يتم تدارك هذا التلاعب إلا في اللحظة الأخيرة، بعدما قطعت الطائرة شوطًا كبيرًا في أجواء البحر الأحمر؟

وأكد مختصون أن هذا النوع من التلاعب لا يمكن أن يتم دون وجود “اختراق داخلي” داخل نظام الشركة، أو من خلال نفوذ خفي داخل الهيئة العامة للطيران المدني، التي ما تزال عناصرها في صنعاء تتعامل مع أنظمة الطيران بطريقة مليشياوية لا تمت للمهنية أو السيادة بصلة.

بيان الحوثيين يؤكد النية
وفي خطوة تؤكد الطموح الحوثي لاختطاف ما تبقى من أسطول الطيران اليمني، أصدرت الهيئة التابعة لهم في صنعاء بيانًا يدين قرار “اليمنية” في عدن بمنع قبول التذاكر الصادرة من صنعاء، وهو ما فسره مراقبون بأنه تمهيد لفرض أمر واقع في المجال الجوي اليمني، وابتزاز الشركة لإجبارها على الاعتراف بشرعية الحجوزات التي تصدرها سلطات الأمر الواقع في صنعاء.

ويشير خبير في قانون الطيران المدني إلى أن “إصرار الحوثيين على التعامل مع شركة الطيران الوطنية كغنيمة حرب، يتنافى مع القوانين الدولية، خصوصًا اتفاقية شيكاغو التي تنظم سلامة الطيران وتحظر كل أشكال القرصنة والاختطاف أو فرض الهيمنة المسلحة على المسارات الجوية”.

صمت حكومي… وتواطؤ أممي؟
ورغم خطورة المؤشرات، يتهم ناشطون الحكومة اليمنية بالتقاعس عن اتخاذ خطوات حازمة لوقف الانهيار في قطاع الطيران، أو الضغط دوليًا لتقييد تدخل الحوثيين في المجال الجوي، بل يذهب البعض إلى الحديث عن “تواطؤ دولي” يغض الطرف عن محاولات المليشيا تحويل الطائرات المدنية إلى أدوات ضغط سياسي.

وقال أحد المراقبين: “ما لم تُفعل الحكومة أدواتها القانونية والدبلوماسية وتحشد دعمًا دوليًا لمحاسبة الحوثيين كمليشيا تهدد الطيران المدني، فستكون كل طائرة تقلع من عدن أو سيئون معرضة للاختطاف في أي لحظة”.

سوابق لا تُمحى
وتعيد هذه الواقعة إلى الأذهان ما حدث العام الماضي، عندما استولت مليشيا الحوثي بالقوة على ثلاث طائرات مدنية مخصصة للحجاج، بعد أن وصلت إلى مطار صنعاء بطلب أممي، والتي أنتهت مدمرة في غارات إسرائيلية على المطار، ما شكل خسارة مؤلمة للخطوط الجوية اليمنية، التي ما تزال تحاول إنقاذ ما تبقى من أسطولها وسط بيئة سياسية وأمنية مشتعلة.

ويختم أحد المختصين في الملاحة الجوية بقوله: “السكوت عن هذا النوع من المحاولات يعادل مشاركة غير مباشرة في الجريمة… ومن غير المقبول أن ننتظر سقوط طائرة أو اختطاف ركاب حتى نستفيق”.

زر الذهاب إلى الأعلى