مذكرة رسمية تكشف خروقات قانونية وبيئية في اتفاقية تسليم حقل العقلة النفطي

كشفت مذكرة رسمية صادرة عن هيئة استكشاف النفط في اليمن، وقعها المدير العام للهيئة خالد باحميش، عن خروقات جسيمة طالت اتفاقية تسليم وتشغيل حقل العقلة النفطي بمحافظة شبوة، والتي تشارك فيها شركة OMV النمساوية، الأمر الذي أثار جدلاً واسعاً بشأن قانونية الاتفاقية وقدرة المؤسسة اليمنية للنفط والغاز على تشغيل القطاع.
وجاء في منشور للدكتور عبدالقادر الخراز، الخبير البيئي والمسؤول السابق في الهيئة العامة لحماية البيئة، أن المذكرة المؤلفة من خمس صفحات – والتي نشرها ضمن سلسلة توثيقية تحت عنوان “فضائح شركة OMV باليمن” – تضمنت 12 نقطة رئيسية اعترضت فيها الهيئة على الاتفاقية بالكامل، معتبرة إياها خرقًا صريحًا لبنود اتفاقية المشاركة في الإنتاج واتفاقية التشغيل المشترك.
وأكدت المذكرة أن شركة OMV تسعى من خلال هذه الاتفاقية إلى التنصل من التزاماتها المالية والفنية والقانونية، رغم أن الاتفاقية الأصلية ما تزال سارية المفعول حتى العام 2026، وتلزم الشركة بتحمل جميع النفقات التشغيلية، بما فيها تلك المتعلقة بالأعمال المتأخرة.
ورغم هذا الرفض الصريح من الهيئة، مضت وزارة النفط وقيادة الحكومة في توقيع الاتفاقية، وهو ما طرح تساؤلات حادة حول دوافع الإصرار الحكومي على استلام القطاع رغم التحذيرات من المخاطر التشغيلية والمالية المترتبة.
كما أظهرت المذكرة أن المؤسسة اليمنية للنفط والغاز، التي تم تسميتها كبديل لتشغيل القطاع، تفتقر إلى الخبرة الفنية والقدرات التشغيلية والمالية اللازمة، ما ينذر بتعثر العمليات النفطية وتزايد الأعباء الاقتصادية على الدولة في ظرف دقيق يمر به الاقتصاد اليمني.
وخصصت الحكومة، بحسب المذكرة، مبلغ 8 ملايين دولار لتغطية النفقات التشغيلية أثناء فترة انسحاب شركة OMV، وهو ما اعتبرته الهيئة مخاطرة قانونية ومالية غير مبررة، تُعد تنازلاً مجانياً عن التزامات الشركة الأصلية.
ولفتت المذكرة إلى وجود عرض سابق مقدم من شركة كندية تدعى BlueSky في نوفمبر 2024، اعتُبر أفضل من خيار التسليم المحلي، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول جدوى الاستعجال في إتمام الاتفاق مع طرف غير مؤهل، ومدى ارتباط ذلك بصراعات داخلية بين الأطراف على حساب المصلحة الوطنية.
وفي جانب بالغ الأهمية، حذرت المذكرة من تجاهل الملف البيئي، خاصة ما يتعلق بالتلوث الناتج عن النفايات النفطية والأحواض المملوءة بالملوثات المسرطنة، والتي لا تزال آثارها قائمة في حقل العقلة، وسط غياب أي تقييم بيئي واضح أو خطط لتعويض المتضررين.
الدكتور الخراز، الذي أرفق ثلاث صور توثق جانبًا من الكارثة البيئية في الحقل، أكد أن الحملة التي يقودها وعدد من النشطاء ستواصل توثيق الانتهاكات البيئية والمالية، مشيرًا إلى أن “يوم المحاسبة سيأتي لكل من تسبب في الإضرار بالشعب والأرض”.
الجدير ذكره أن الاتفاقية المثيرة للجدل تنص على تسليم القطاع في نهاية مايو الجاري، في وقت لا تزال فيه الأصوات الرافضة تتصاعد من مؤسسات فنية وحقوقية تطالب بإيقاف ما وصفته بـ”صفقة التفريط بمقدرات البلاد”.