مستقبل العمليات الأمريكية في اليمن.. دور أكبر للحلفاء الأوروبيين والعرب”

أكد وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسث أن بلاده ستواصل تنفيذ ضربات عسكرية ضد جماعة الحوثي في اليمن، حتى توقف الجماعة هجماتها على الملاحة الدولية وسفن البحرية الأمريكية في البحر الأحمر.

هذا التأكيد الرسمي يأتي في ظل تصاعد التوتر في واحد من أهم الممرات البحرية الحيوية للتجارة العالمية، ويفتح الباب أمام نقاش أوسع حول مستقبل الاستراتيجية الأمريكية في المنطقة.

ورغم الموقف الحازم من البنتاغون، فإن مراقبين يرون أن نهج الإدارة الأمريكية، خاصة في ظل عودة دونالد ترامب إلى الواجهة السياسية، يتجه نحو تصحيح سياسات سابقة، تقوم على تقليص التورط العسكري المباشر في الشرق الأوسط، ودفع الحلفاء الأوروبيين والعرب لتحمل مسؤوليات أكبر في حماية مصالحهم الحيوية.

وترى تحليلات حديثة أن ضربات ترامب الجوية ضد الحوثيين، رغم أنها تبدو حاسمة، تكشف تناقضاً في أولوياته، إذ يتحدث عن تقليص الانخراط العسكري الأمريكي من جهة، ويقود عمليات مكلفة في البحر الأحمر من جهة أخرى. وقد أنفقت الولايات المتحدة نحو 4.86 مليار دولار على عملياتها لحماية السفن من هجمات الحوثيين، في وقت يستخدم فيه الحوثيون تقنيات منخفضة الكلفة مثل الطائرات المسيّرة والصواريخ، ما يزيد من الضغط على موارد وزارة الدفاع الأمريكية.

وفي ضوء ذلك، يشير محللون إلى ضرورة أن تتبنى إدارة ترامب، أو أي إدارة مستقبلية، نهجاً أكثر توازناً، من خلال حشد الدعم الأوروبي والعربي، لاسيما من دول تعتمد على قناة السويس والبحر الأحمر في تجارتها، مثل مصر والدول الأوروبية. ويُتوقع أن تكون هذه الخطوة جزءاً مما وصفته “ناشيونال إنترست” بـ”الاستراتيجية التصحيحية” التي يسعى ترامب لتطبيقها، في إطار إعادة صياغة الدور الأمريكي العالمي، عبر تقليص التدخلات المباشرة وتشجيع الحلفاء على لعب أدوار قيادية.

وفيما تعتمد أوروبا على البحر الأحمر لنقل نحو 40% من تجارتها مع آسيا، فإن استمرارية إحجامها عن التدخل المباشر يثير انتقادات في واشنطن، خاصة في ظل دعوات سابقة من إدارة ترامب للأوروبيين بعدم الاعتماد الكلي على الحماية الأمريكية، كما حدث خلال أزمة أوكرانيا.

في المحصلة، تبدو واشنطن عازمة على مواصلة ضرب الحوثيين، لكن مستقبل هذه العمليات مرهون بمدى قدرة إدارة ترامب على خلق تحالف دولي واسع يتقاسم العبء الأمني في البحر الأحمر، ويدفع نحو حلول أكثر استدامة تضمن حماية التجارة الدولية، دون استنزاف القوة الأمريكية في صراعات لا نهائية.

زر الذهاب إلى الأعلى