تحليل أمريكي: هزيمة الحوثيين تتطلب استراتيجية شاملة تجمع القوة العسكرية والضغط الاستخباراتي والدبلوماسي

أكد تحليل جديد للمجلس الأطلسي، أن هزيمة مليشيا الحوثي في اليمن لن تتحقق عبر الخيار العسكري وحده، بل تستدعي استراتيجية متعددة الأوجه تدمج القوة الصلبة والناعمة، وتستهدف شبكات الدعم الداخلية والخارجية للمليشيا، مع تعزيز قدرات الدولة اليمنية كبديل وطني موثوق.

وبحسب التقرير، فإن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والتي أعلنت التزامها بـ”إبادة الحوثيين تمامًا”، قد حققت تقدمًا في الأشهر الأولى من ولايتها الثانية من خلال حملة عسكرية مركّزة استهدفت مستودعات أسلحة وطائرات مسيرة وصواريخ حوثية، في محاولة لشل قدرات الجماعة على تهديد الملاحة الدولية.

لكن التحليل يرى أن النجاح العسكري وحده لا يكفي، فالقدرة على تتبع قادة الحوثيين، لا سيما زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، تبقى محدودة بسبب ضعف الاستخبارات الميدانية، وهو ما يقلل من فعالية الضربات الجوية ويمنح الحوثيين فرصة لإعادة التمركز والتكيف مع الضغوط.

ويشير التقرير، إلى أن أحد أكبر التحديات يتمثل في البنية المركزية للجماعة، حيث تلعب القيادة السلالية، خاصة عبد الملك الحوثي وأسرته، دورًا محوريًا في تماسكها، ما يعني أن تحييد القيادة العليا قد يؤدي إلى انقسامات داخلية تُضعف الحوثيين من الداخل، رغم صعوبة تنفيذ هذه المهمة.

كما حذّر التحليل من الدعم الخارجي المتنامي للجماعة، لافتًا إلى أن إيران لا تزال تمد الحوثيين بتقنيات متطورة عبر قوارب تمويه وسفن شحن مدنية، في حين بدأت تظهر مؤشرات تعاون استخباراتي وتقني بين الحوثيين وكل من روسيا والصين، ما يشير إلى دخول أطراف دولية جديدة على خط دعم المليشيا.

في هذا السياق، شدد التقرير على ضرورة تعزيز اعتراض الشحنات البحرية، من خلال دوريات مكثفة في البحر الأحمر وخليج عدن، وتوفير تقنيات رادارية وزوارق حديثة لخفر السواحل اليمني، بما يسدّ منافذ التهريب الإيراني.

وأوصى التحليل بتوسيع العقوبات الاقتصادية لتطال شبكات التمويل التي تغذي الحوثيين، كالعقوبات الأخيرة التي استهدفت وسطاء روس نظموا شحنات قمح أوكرانية مسروقة إلى اليمن.

ودعا المجلس الأطلسي إلى تكثيف الضغط الدبلوماسي على موسكو وبكين، باستخدام أدوات اقتصادية كالحوافز أو التهديد برسوم جمركية، لدفعهما إلى وقف أي شكل من أشكال الدعم للجماعة.

وعلى الصعيد المحلي، أكد التحليل أن الركيزة الأساسية لإنهاء الحوثيين تكمن في تمكين مجلس القيادة الرئاسي اليمني من استعادة شرعيته وتقديم نموذج حكم فعّال، عبر دعم قدراته العسكرية، وتعزيز مشاريع البنية التحتية، وإعادة تفعيل إنتاج النفط والغاز، وتطوير الإدارة المالية والخدمات العامة.

وشدد التقرير على ضرورة بناء تحالفات محلية وقبلية تضعف نفوذ الحوثيين، وتوفير الدعم الأمني والتقني لتدريب خفر السواحل اليمني وتعزيز الأمن البحري.

ويخلص التحليل إلى أن الحسم العسكري وحده غير كافٍ، وأن هزيمة الحوثيين على المدى البعيد تتطلب دولة يمنية قوية قادرة على بسط سيطرتها، وتقديم بديل جذاب وفعّال للمواطنين، ما يتطلب من واشنطن دعم هذا المسار جنبًا إلى جنب مع المواجهة العسكرية.

زر الذهاب إلى الأعلى