تصعيد أمريكي ضد الحوثيين.. قراءة في الأبعاد السياسية والعسكرية

شهدت اليمن يوم السبت 15 مارس 2025 تصعيدًا عسكريًا جديدًا، مع تنفيذ الولايات المتحدة غارات جوية مكثفة استهدفت مواقع تابعة للحوثيين في صنعاء وصعدة وحجة وذمار.

يأتي هذا التطور في إطار استراتيجية تصعيدية مستمرة، بدأت منذ إعادة تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO)، وصولًا إلى استهداف المكتب السياسي للجماعة، مما يشير إلى تغير في قواعد الاشتباك.

تأثير على الصراع الداخلي
قد تؤدي هذه الضربات إلى تغييرات ملموسة في المعادلة العسكرية داخل اليمن، فمن جهة، قد يتراجع الحوثيون عن فتح جبهات جديدة مثل مأرب، خوفًا من التداعيات العسكرية القاسية.

ومن جهة أخرى، قد يلجؤون إلى التصعيد الميداني أو توجيه ضربات رمزية لاحتواء الضغوط المتزايدة، غير أن طبيعة استجابتهم ستظل مرهونة بحجم وقدرة الجماعة على تحمل الضربات الأمريكية دون فقدان السيطرة على مواقع استراتيجية.

رسالة إلى إيران
لا تقتصر الرسائل الأمريكية على الحوثيين فحسب، بل تمتد إلى طهران، الداعئم الرئيسي للمليشيا، فالضربات تمثل تحذيرًا صريحًا لإيران في ظل تصاعد التوتر الإقليمي، خاصة مع ازدياد الضغوط على برنامجها النووي وتراجع نفوذها في بعض الساحات الإقليمية. ومن المرجح أن ترد إيران بأساليب غير مباشرة، عبر تكثيف الدعم العسكري للحوثيين أو تحريك جبهات أخرى في المنطقة.

البعد الإقليمي
تأتي هذه الغارات في سياق أوسع لإعادة رسم قواعد الاشتباك في اليمن، حيث تسعى واشنطن إلى فرض معادلة جديدة تجعل التصعيد مكلفًا للحوثيين. وبينما تواصل الذراع الإيرانية في اليمن التصعيد الإعلامي والعسكري، إلا أن واقع المعركة يفرض عليها خيارات محدودة، مما يعكس قلقها من تداعيات الضربات المستمرة.

تصعيد أمريكي متواصل
الإدارة الأمريكية بقيادة الرئيس دونالد ترامب تتبنى نهجًا أكثر صرامة تجاه الحوثيين، مقارنة بالنهج المتبع خلال إدارة بايدن، يسعى ترامب إلى فرض معادلة جديدة تزيد من كلفة التصعيد على الحوثيين، وهو ما يتجلى في تكثيف الضربات العسكرية وتوسيع نطاق الاستهداف.

وبالرغم من محاولات المليشيا إظهار تماسكها عبر تصريحات إعلامية قوية، إلا أن استجابتها الفعلية تعكس قلقًا واضحًا من التداعيات.

أثناء الضربات حاول محمد عبدالسلام ناطق المليشيا الحوثي ورئيس وفدهم التفاوضي، الحديث بطريقة مهذبة، وينفي التأكيدات الدولية واليمنية، أن المليشيا الموالية لإيران تشكل خطرًا ليس على اليمن فقط، بل على العام، نافيًا أن تكون جماعته تستعد لإعادة هجومها، وهو ما يشير إلى قلق الجماعة من إدارة الرئيس بايدين، وما يمكن أن يقوم به بعد الضربات التي أمر بتنفيذها بشكل كثيف.

انعكاسات التصعيد على المفاوضات السياسية
يأتي هذا التصعيد في وقت تشهد فيه الجهود السياسية تعثرًا واضحًا، حيث تسعى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي إلى إعادة إحياء مسار التفاوض، لكن الضربات الأمريكية الأخيرة قد تعقد المشهد أكثر، مما يجعل أي مفاوضات مستقبلية محفوفة بالتحديات.

زر الذهاب إلى الأعلى