تحليل نقدي لمسلسل “دروب المرجلة – الجزء الثاني” في رمضان 2025

تكرارٌ بلا تجديد
تصدر مسلسل “دروب المرجلة – الجزء الثاني”قائمة الأعمال الأكثر مشاهدة على اليوتيوب في رمضان 2025، لكنه فشل في تجاوز إشكالية التكرار التي طُرحت في الجزء الأول. فالمسلسل “طبخة غير متجانسة” جمعت عناصر كوميدية ودرامية بلا توازن، معتمدًا على شعبية نجومه لجذب الجمهور، دون استثمار حقيقي في تطوير القصة أو التقنيات الفنية ، وكمشهد خروج شاهين ووجود الطفله ورشه المختبيه ، كان فيها استهتار بوعي المشاهدين .

القصة والسيناريو: استنساخ الأفكار وغياب الإبداع
– الحبكة الدرامية:
– تدور الأحداث حول جريمة قتل ارتكبها قطاع طرق ضد عائلة معروفه لدى “شاهين” ومعهم امانه له ( ذاهبون للعمره ) وطبعا كل هذا صدفه حبكه تنافس الدراما الهنديه ، مع إدخال عنصر “الآثار” و”أخو الشيخ” كمحاولة للتجديد، لكنها لم تخرج عن إطار التوقعات المسبقة.
– السيناريو:
– الاعتماد على استعارة أفكار من أعمال أخرى (مثل فيلم سلمان خان*ومسلسل *باب الحارة)، خاصة في مشهد “النساء المسلحات” الذي بدا استنساخًا لمشاهد درامية سورية.

– الكوميديا:
– رغم أنها العامل الأبرز في جذب المشاهدات (خاصة مع صلاح الوافي وزين العابدين وهديل مانع)، إلا أنها حوّلت العمل إلى “مزج بين العسل والملح” حيث طغت على التوتر الدرامي المطلوب.

الإخراج والفنون البصرية: ضعفٌ تقني صارخ
– الإخراج:
– فشل في خلق لحظات درامية متماسكة، حتى في المشاهد المحورية (مثل كشف تعاون “فزاع” مع الشيخ رعاد)، والتي توُصف بأنها “أقل من عادية” ، اين عنصر المفاجئه وكأن الخيانه طبع سائد وليست فعل شنيع .

– التصوير والإضاءة:
– حيث بدت الصور “كأنها مُلتقطة بهاتف ذكي قديم ” مع إضاءة باهتة في معظم المشاهد ، وفشل في توظيف الصورة لخلق أجواء درامية جذابة.

– الديكور والملابس:
– بدت تفاصيل الملابس والسيارات “غير متناسبة مع السياق”، ما أعطى انطباعًا بضعف ميزانية الإنتاج.

أداء الممثلين: تفاوتٌ بين الصدارة والهامش
نجوم العمل
صلاح الوافي:
العمود الفقري للمسلسل، قدم كوميديا توقيتية رغم تكرار أدائه، لكنه نجح في جعل المشاهدين ينتظرون “اللقطة المضحكة” في كل حلقة .

زيدون العبيدي:
أبرز ما في العمل، تمكّن من نقل شخصية “الشيخ” بكل تناقضاتها (الأب الحنون، القائد الصارم) عبر نظراته وإيقاع حواره مع العلم ان الحوار ضعيف ولكن أدائه جعلنا نشعر بأن الحوار قوي ” ممثل متمكن ” .

زين العابدين:
الوجه الكوميدي الثالث، لكنه قام بتكوين شخصيته وسحبها من غطاء السذاجه التي شوهدت في الجزء الاول وجعلها شخصيه جيده ومميزه .
شهد تحولًا ملحوظًا في شخصيته من الاستهتار إلى الجدية، مع تحسن واضح في الأداء مقارنةً بالجزء السابق.
– رغم ذلك، بدت بعض التفاصيل غير مكتملة (كإيقاع الحوار وردود الأفعال) .

أشواق علي:
– اقتصر أداؤها على “حفظ النص” دون إضافة تعابير وجه أو عمق عاطفي، خاصةً مقارنةً بدورها في مسلسل الجمالية الذي تميزت فيه بسرعة الردود الكوميدية وتفاعلها الحيوي وهنا يكمن دور المخرج للجمالية سيف الدين الوافي الذي وضعها في المكان المناسب .
– يُلاحَظ أن ضعف السيناريو وغياب تطوير الشخصية حدّا من إمكاناتها، ما جعلها تبدو وكأنها “تتحمل” الدور بدلًا من العيش فيه.

هديل مانع:
– الوجه الكوميدي الثاني بعد صلاح الوافي، نجحت في الحفاظ على إيقاع المشهد الكوميدي حتى في اللحظات الدرامية، لكنها بدت “منعزلة عن السياق” إلا عند تواجدها مع الوافي وزين العابدين.
– تُطرح تساؤلات عن قدرتها على تجاوز دور “الكوميديا” إلى أدوار أكثر تعقيدًا.

صالح العولقي:
– قدم أداءً استثنائيًا رغم غموض مبرر وجود شخصيته في القصة بعد الأحداث السابقة.
– يُعتبر نموذجًا للممثل القادر على إنقاذ دور هش عبر احترافية الأداء وهدوء التعبير.

المواهب الواعدة
راوية عمر:
– سرقت الأضواء رغم صغر مساحتها، وبرزت كممثلة قادرة على تفجير الصراع الدرامي بنظرة أو حركة.
– يُخشى أن يتم “تضييعها” كحال العديد من المواهب اليمنية إن لم تُمنح فرصًا أكبر.

مطهر رحيمان:
– اكتشاف المسلسل الأبرز، قدّم أداءً ناضجًا يتناسب مع تعقيدات الدور، ما يؤهله ليكون أحد الأسماء البارزة في المستقبل.

الإضافات الجديدة
توفيق الأضرعي:
– يُعدّ نموذجًا صارخًا لـ”الهدر الفني”، فموهبته العالية لم تُستغل إلا في مشاهد هامشية، رغم قدرته على حمل أدوات شخصيات متنوعة.

صالح الصالح:
– أداء هادئ ومحترف، تمكّن من تجسيد الشخصية المعقدة بسلاسة، وأثبت أنه خيار موفق للدور.

سالي فؤاد:
– إضافة نوعية، تميزت بإتقان اللهجة وتقديم أداء ثابت، لكن مساحتها المحدودة في الأحداث قلّلت من تأثير وجودها.

الأدوار المثيرة للجدل
غيداء وليد العلفي:
– أثار وجودها شكوكًا حول “الواسطة” (كونها ابنة المخرج وليد العلفي)، خاصة مع ضعف أدائها وافتقارها للمصداقية العاطفية.
– “الأطفال يفضحهم التمثيل”، وهو ما ينطبق على مشاهدها التي بدت وكأنها تتبع توجيهات حرفيًا دون مشاعر .

رياض بن حترش (ضيف شرف):
– مثّل “الصدمة الدرامية” التي يحتاجها المسلسل، حيث نقل تحوّل الأحداث بقوة أدائه، لكن دوره المركزي اقتصر على حلقات قليلة.

إدارة المواهب بين الإنجاز والإهدار
رغم تفاوت الأداء، يُظهر المسلسل تنوعًا في المواهب اليمنية، لكنه يكرّس إشكالية “الهدر الفني” عبر:
– إهمال نجوم كـ توفيق الأضرعي و راوية عمر .
– الاعتماد على “الوجوه الآمنة” (كصلاح الوافي) دون تطويرها.
– إقحام شخصيات بلا توجيهات واضحه (كغيداء العلفي).
ما يفرض إعادة نظر في سياسة اختيار الممثلين وتدريبهم لضمان استمرارية الجودة.

الموسيقى والإنتاج: إيجابياتٌ في بحر السلبيات
– الموسيقى التصويرية:
– كانت العنصر الأكثر تميزًا، خاصة في تتر البداية، حيث نجحت في نقل الأجواء البدوية بتوزيع متناغم بين العود والإيقاعات التراثية.
– الإنتاج:
– لم يُظهر أي تطوير عن الجزء الأول، مع تكرار نفس الأخطاء في الديكور والملابس، ما يعكس “تقشفًا” غير مبرر.

لماذا يُشاهد الجمهور؟
رغم كل العيوب الفنية، يظل المسلسل جاذبًا للجمهور لسببين رئيسيين:
الجوع للكوميديا:
بعد سنوات من الأعمال الدرامية الرتيبة، وجد الجمهور في كوميديا صلاح الوافي وهديل مانع متنفسًا.

النجومية الفردية:
أداء زيدون العبيدي وصلاح الوافي شكَّلا “غطاءً” على ضعف النص والإخراج.

زر الذهاب إلى الأعلى