هل تعود السعودية لقيادة معركة عسكرية ضد الحوثيين بدعم أمريكي؟

تتنامى التساؤلات حول إمكانية عودة السعودية إلى الخيار العسكري بدعم أمريكي، خاصة في ظل رفض الحوثيين المتكرر للسلام وخرقهم للاتفاقيات الدولية، لاسيما مع الأخبار التي تناقلتها وسائل إعلام سعودية، أن مبحاثات وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان ونظيره الأمريكي بيت هيجسيث العلاقات السعودية – الأمريكية، فضلاً عن أوجه التعاون الإستراتيجي في المجال الدفاعي وسبل تطويره، كما بحثا في الوقت نفسه جهود إرساء دعائم الأمن والسلم الدوليين.

في هذا التحليل، سنناقش تداعيات هذه الخطوات على مستقبل الصراع، وما إذا كانت واشنطن ستدفع الرياض مجددًا لقيادة معركة عسكرية للقضاء على الحوثي.

ويقول محللون سياسيون، إن مناقشة “أوجه التعاون الاستراتيجي في المجال الدفاعي” يشير إلى إمكانية استئناف أو توسيع الدعم العسكري الأمريكي للمملكة، والذي قد يشمل أنظمة دفاعية متقدمة، معلومات استخباراتية، أو حتى تنسيق عمليات ضد الحوثيين.

واتفق العديد من المحللين، أن الحديث عن “إرساء دعائم الأمن والسلم الدوليين” قد يرتبط مباشرة بالتهديدات التي يشكلها الحوثيون، خاصة على الملاحة في البحر الأحمر، مما قد يبرر تحركات عسكرية ضدهم بدعم أمريكي ودولي.

التغيير في الموقف الأمريكي
مع تصعيد الحوثيين لهجماتهم، وتزايد الإدانات الدولية، قد تجد السعودية دعمًا أمريكيًا أكبر في حال قررت تصعيد العمليات العسكرية ضد الجماعة، خصوصًا إذا استمرت في رفض جهود السلام.

بناءً على هذه الدلالات، فإن عودة السعودية لدعم اليمن عسكريًا، سواء عبر عمليات جوية مكثفة أو دعم القوات الحكومية اليمنية على الأرض، بات احتمالًا واردًا إذا استمر التصعيد الحوثي وازدادت الضغوط الدولية على الجماعة.

دلالات تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية
قرار الولايات المتحدة إعادة تصنيف الحوثيين كجماعة إرهابية يمثل تحولًا استراتيجيًا في نهج واشنطن بعد أن ألغى الرئيس جو بايدن هذا التصنيف في بداية ولايته. الخطوة الأخيرة تشير إلى إدراك الإدارة الأمريكية لمدى تهديد الحوثيين للملاحة الدولية والأمن الإقليمي، بالإضافة إلى علاقتهم الوثيقة بإيران، التي توفر لهم دعمًا عسكريًا ولوجستيًا متواصلًا.

أهداف القرار الأمريكي
تضييق الخناق المالي على الحوثيين، ما يؤدي إلى فرض عقوبات مشددة على الجماعة، مما يصعب عليها الوصول إلى التمويل عبر قنوات دولية، كما سيضع العراقيل أمام أي جهات تتعامل معها اقتصاديًا أو سياسيًا.

توفير مبرر قانوني لعمليات عسكرية، ويمنح واشنطن والتحالف العربي ذريعة قانونية لتنفيذ عمليات عسكرية ضد الجماعة دون الحاجة إلى قرارات إضافية من مجلس الأمن الدولي.

جهود القضاء على القدرات الحوثية
في أواخر يناير 2025، وبعد إعادة تصنيف الحوثي في قائمة الإرهاب الأمريكية، بحث وزير الخارجية الأمريكي، ماركو روبيو، مع نظيره اليمني سبل القضاء على القدرات الحوثية، وهو مؤشر على نية الولايات المتحدة تبني سياسة أكثر صرامة تجاه الجماعة. من الناحية العسكرية، يمكن أن تتضمن هذه الاستراتيجية عدة مسارات:

استهداف القدرات العسكرية للحوثيين
وفقًا للتقديرات العسكرية، فإن الولايات المتحدة الأمريكية، ستعمل على تنفيذ ضربات جوية دقيقة تستهدف منصات إطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، وتواصل تدمير مراكز القيادة والتحكم الخاصة بالجماعة، إضافة إلى استهداف شحنات الأسلحة المهربة من إيران قبل وصولها إلى الحوثيين، وفي مقدمة ذلك دعم مباشر للقوات اليمنية والتحالف العربي

تكثيف التدريب والدعم العسكري للقوات اليمنية الموالية للحكومة الشرعية.
تزويد التحالف العربي بأسلحة نوعية متقدمة لتعزيز قدرته على مواجهة الطائرات المسيرة والصواريخ الحوثية.

تعزيز التنسيق الاستخباراتي لضمان استهداف دقيق للقيادات الحوثية والبنية التحتية للجماعة، وتعزيز الأمن البحري في البحر الأحمر.

من المرجح أيضًا أن يتم نشر مزيد من القوات البحرية الأمريكية والبريطانية لحماية الملاحة الدولية، مع تنفيذ عمليات عسكرية ضد الزوارق المفخخة التابعة للحوثيين، وتعزيز الشراكة مع السعودية ودول المنطقة لمواجهة التهديد الحوثي.

إعادة الحسابات تجاه السعودية
إحدى النقاط المحورية في التحليل تتعلق بموقف الولايات المتحدة من السعودية، خصوصًا بعد أن سحبت واشنطن منظومات الدفاع الجوي من المملكة خلال فترة رئاسة بايدن. هذا القرار ترك فراغًا أمنيًا استغله الحوثيون لشن هجمات صاروخية متكررة على المنشآت النفطية السعودية، ما أثار انتقادات واسعة لسياسة واشنطن في المنطقة.

هل تعيد واشنطن نشر الدفاعات الجوية؟
التصعيد الحوثي الأخير قد يجبر الإدارة الأمريكية على إعادة التفكير في سياساتها، حيث يمكن أن تتجه إلى إعادة نشر أنظمة الدفاع الجوي “باتريوت” و”ثاد” في السعودية، وزيادة الدعم اللوجستي والعسكري للرياض لمواجهة التهديدات الحوثية، وتقديم التزام أمني أكبر لدول الخليج في مواجهة النفوذ الإيراني.

هل تدفع واشنطن الرياض إلى قيادة معركة جديدة؟
لطالما أظهرت جماعة الحوثي رفضًا متكررًا لمبادرات السلام، وخرقت الاتفاقيات الدولية، وعلى رأسها اتفاقية ستوكهولم التي نصت على انسحاب الحوثيين من ميناء الحديدة، وهو ما لم يحدث حتى اليوم.

ومنذ بدء الحرب في اليمن، تحملت السعودية العبء الأكبر في مواجهة الحوثيين، لكنها سعت خلال العامين الماضيين إلى تهدئة الصراع عبر المفاوضات. غير أن التصعيد الحالي قد يعيد خيار المواجهة العسكرية إلى الطاولة.

هناك عوامل قد تدفع الرياض إلى العودة للخيار العسكري، بالرغم من المؤشرات السابقة حول توجه الرياض للتهدئة مع الحوثي، لاسيما وأن هناك معلومات تشير إلى إنشاء الحوثي خلية التوسع الخارجي في القرن الأفريقي والمملكة العربية السعودية، وهو ما يعني استمرار التهديد الحوثي للأمن السعودي، إضافة إلى ضغوط أمريكية ودولية على الرياض للقبول بخطة جديدة للقضاء على القدرات الحوثية.

يبدو أن العالم والولايات المتحدة الأمريكية وصلوا إلى قناعة أن الجهود الدبلوماسية مع الحوثيين فشلت، ومن هذا المنطلق قد تضغط واشنطن على الرياض للتحرك عسكريًا، خصوصًا أن الذراع الإيرانية في المن باتوا يشكلون تهديدًا إقليميًا واسعًا.

الغضب الدولي وتأثيره على الصراع
التحركات الحوثية الأخيرة، خصوصًا استهداف السفن في البحر الأحمر، أثارت غضبًا عالميًا غير مسبوق، حيث تصاعدت الإدانات من الدول الكبرى والمنظمات الدولية، ولذلك تتولد انعكاسات لديهم في تغيير سياسة الدعم الذي كانت تتلقاه الجماعة، إلى موقف موحد في أن يدفع المجتمع الدولي إلى اتخاذ قرارات أكثر صرامة ضد الحوثيين، سواء عبر عقوبات أممية أو عمليات عسكرية مشتركة.

قد تتحول المواجهة مع الحوثيين إلى تحالف دولي موسع، خصوصًا أن تهديدهم بات يمس الاقتصاد العالمي والمصالح الاستراتيجية للدول الكبرى.

قد يؤدي الضغط الدولي إلى فرض خيارات جديدة على الحوثيين، مثل إجبارهم على الدخول في مفاوضات جادة، رغم سجلهم الطويل في نقض الاتفاقيات.

زر الذهاب إلى الأعلى