تداعيات تصنيف جماعة الحوثي كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل الولايات المتحدة

في 22 يناير 2025، أعلنت الولايات المتحدة إعادة تصنيف جماعة الحوثي (أنصار الله) كمنظمة إرهابية أجنبية (FTO) وهو القرار الذي يحمل دلالات سياسية واستراتيجية كبيرة ويترتب عليه تداعيات واسعة النطاق سواء المستوى اليمني أو على المستوى الإقليمي والدولي وهذا القرار ياتي في سياق تصاعد التوترات في البحر الأحمر وتصعيد مليشيات الحوثي الارهابية لهجماتهم على السفن التجارية تحت ذريعة مناصرة غزة.
أولا: مسار عملية السلام وخارطة الطريق
يشكل تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية تحدي كبير للمبعوث الأممي إلى اليمن والمنظمات الدولية التي تسعى إلى دفع عملية السلام خطوة للامام منذ بدء الحرب وانقلاب جماعة الحوثي الأرهابية على مؤسسات الدولة اليمنية وكان المجتمع الدولي يسعى إلى حل سياسي ودبلوماسي إلا أن قرار التصنيف الأمريكي قد يؤدي إلى عرقلة المفاوضات بشكل كلي حيث سيصبح من الصعب على الوسطاء التواصل مع الحوثي دون التعرض لمخاطر قانونية بسبب العقوبات الأمريكية.
مليشيات الحوثي الأرهابية تتخذ من قرار التصنيف ذريعة جديدة لحشد الدعم الداخلي في مناطق سيطرتها لتعزيز خطابهم المناهض لأمريكا والسعودية، وقد يدفعهم إلى مزيد من التشدد ورفض تقديم تنازلات في أي مفاوضات مستقبلية قد ترعاها الامم المتحدة او الأطراف الفاعلة في الملف اليمني.
كما ان الأمم المتحدة قد تواجه صعوبات أكبر في إدارة ملف السلام حيث إن تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية اجنبية يعني أن أي اتفاقات مستقبلية قد تواجه عقبات قانونية في التنفيذ كما انه قد تدفع بعض الدول الأوروبية إلى البحث عن مسارات بديلة للحوار مع مليشيات الحوثي خاصة إذا وجدت أن التصنيف يعطل وصول المساعدات الإنسانية.
وبهذا تعد خارطة الطريق والتدابير التي اعلن عنها المبعوث الاممي مطلع العام الماضي من توصل الأطراف اليمنية لها منتهية وغير قابلة حتى لمجرد النقاش من قبل الدول الوسيطة.
ثانيا: دور المنظمات الدولية والمساعدات الإنسانية في مناطق مليشيات الحوثي
يعيش حوالي 70٪ من سكان اليمن في مناطق تسيطر عليها المليشيات الارهابية ويعتمدون بشكل كبير على المساعدات الدولية ومع تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية اجنبية تواجه المنظمات الإنسانية تحديات قانونية في العمل داخل هذه المناطق حيث تخشى من التعرض لعقوبات إذا اعتُبر أن أنشطتها تفيد الجماعة.
كما ان المؤسسات المالية الدولية قد تمتنع عن تحويل الأموال إلى المنظمات العاملة في مناطق الحوثي مما يعيق قدرة هذه المنظمات على توفير الإغاثة بالإضافة إلى احتمالية كبيرة ومؤكدة عن تراجع التحويلات المالية من المغتربين اليمنيين الذين يدعمون عائلاتهم في مناطق سيطرة المليشيات، كما أن القرار الأمريكي سيترتب علية فرض مزيد من القيود على التبرعات والمنح الموجهة إلى اليمن عبر القنوات التي قد تتعامل بشكل غير مباشر مع مليشيات الحوثي.
ثالثا: التبعات الاقتصادية على اليمن
تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية قد يدفع البنوك الدولية إلى الامتناع عن التعامل مع البنوك اليمنية في مناطق سيطرة المليشيات مما يزيد من عزلة الاقتصاد اليمني ومن المرجح أن تشدد المؤسسات المالية الرقابة على التحويلات المالية القادمة إلى اليمن مما يضر بالاقتصاد غير الرسمي الذي تعتمد عليه المليشيات في ادارة الحرب الاقتصادية في مناطق سيطرتهم .
اليمن يستورد أكثر من 90٪ من احتياجاته الغذائية وأي قيود جديدة على المعاملات المالية قد تؤدي إلى زيادة تكاليف الاستيراد وبالتالي ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وهو ما قد يؤدي إلى تقلبات في سعر العملة المحلية مما يزيد من الأعباء المعيشية على المواطنين إذا لم يتم وضع اجراءات عاجلة للتعامل مع تبعات التصنيف من قبل الحكومة اليمنية والبنك المركزي اليمني في عدن.
رابعا: التأثيرات العسكرية
اصبحت هناك فرصة ذهبية للحكومة الشرعية اليمنية المعترف بها دوليا والتحالف العربي بقيادة السعودية من خلال ترتيب الوضع العسكري واستخدام قرار التصنيف كغطاء سياسي لتكثيف العمليات العسكرية ضد المليشيات الحوثي ومن المحتمل أن يتم تحريك جبهات التماس العسكرية ضد المليشيات الحوثية في كلا من مارب والجوف والبيضاء و صنعاء والحديدة والضالع ولحج وتعز مما قد تدفع الولايات المتحدة بمزيد من الدعم العسكري للحكومة اليمنية إذا عملت الأخيرة بشكل مدروس وفعال للخيار الدبلوماسي والسياسي لدعم الخيار العسكري ضد المليشيات مع الدول الفاعلة في الملف اليمني.
كما أن المليشيات الحوثي ووفقا للأحداث والتطورات في المنطقة وسقوط اذرع ايران الأكثر تاثيراً في لبنان وسوريا سيجعلها تخطوا للمجهول من اجل تزعم ما يسمى بحلف الممانعه وينتج عن ذلك تتوسع العمليات العسكرية في البحر الأحمر خاصة مع تزايد الولايات المتحدة من وجودها العسكري في البحر الأحمر والمنطقة لحماية الممرات الملاحية وينذر احتمالية ضرب القوات الأمريكية للحوثيين بطريقة مغايرة عن ضرب تحالف الازدهار.
خامسا: مواقف القوى الدولية والإقليمية
1. الولايات المتحدة
الهدف الرئيسي من التصنيف هو الضغط على مليشيات الحوثي الارهابية وإضعاف نفوذهم في اليمن وقد تستخدم القرار لتبرير تدخلات عسكرية محدودة ضد المليشيات في البحر الأحمر.
2. توجه إيران وأذرعها
أدانت التصنيف واعتبرته خطوة عدائية وقد تزيد طهران من دعمها العسكري واللوجستي للحوثيين ردًا على القرار وايضاً اعتبارها الحصار الرابح المتبقي لها في المنطقة بعد سقوط نظام الاسد في سوريا وحزب الله في لبنان.
3. توجه روسيا والصين
الصراع القادم في المنطقة بين القوى الكبرى العالمية باقطابها المختلفة أمريكا والصين وروسيا قد تجعل من موسكو وبكين اتخاذ قرارات اعتراض على القرار نظرا لعلاقاتهما بإيران وقد تدعو روسيا والصين إلى حل دبلوماسي لتجنب التصعيد العسكري بالإضافة إلى إلى ان الاخيرتين ( موسكو وبكين) لن تسمح بترك البحر الأحمر والمنطقة ساحة سهلة للتواجد الأمريكي بعد تصنيف الحوثي جماعة ارهابية اجنبية.